أكدت التعاليم الإسلامية أهمية اختيار الصديق وتأثيره الكبير على سلوك الإنسان ودينه وأخلاقه، حيث يلعب الصديق دورًا رئيسيًا في تشكيل الشخصية والتوجهات، وهو ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية.

أوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن الإسلام حذر من الصحبة غير المدروسة، إذ يتأثر الإنسان بصديقه ويكتسب صفاته وأفكاره، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ» مما يبرز أهمية التفكير قبل اختيار الصديق لما يترتب على ذلك من آثار دينية وسلوكية.

فضل صحبة الصالحين

بين الإسلام فضل مجالسة الصالحين وأهل الخير، حيث تحمل صحبتهم نفعًا وهداية، بينما يحذر من مصاحبة أهل الشر وسوء السلوك، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ «إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ، وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ…» حيث شبه الرسول ﷺ الصديق الصالح بالعطر الطيب، بينما شبه صديق السوء بالنار والدخان لما فيه من أذى.

خطر أصدقاء السوء

أشار مركز الأزهر للفتوى إلى أن الإسلام حذر من عواقب الصداقة القائمة على الشر والمعصية، موضحًا أن هذه العلاقات لا تدوم بل تنقلب عداوة يوم القيامة، إلا صداقة المتقين، كما قال الله تعالى: {الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67]

جعل الإسلام أساس الصداقة الصادقة هو المحبة الخالصة لوجه الله، حيث رتب عليها أجرًا عظيمًا، إذ تكون سببًا لمحبة الله والاستظلال بظله يوم القيامة، كما ورد في حديث النبي ﷺ «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ…» ومنهم «وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ».

التعبير عن المحبة الصادقة

أكد المركز على أن الإسلام دعا إلى إظهار المحبة الصادقة بين الأصدقاء، حيث يعزز ذلك العلاقات ويقوي الأواصر، وحثّ النبي ﷺ من أحب أخاه في الله أن يُعلمه بذلك لما له من أثر طيب في النفوس.

اختتم البيان بالتأكيد على أن الصداقة الحقيقية تقوم على النصيحة الصادقة والإصلاح، حيث يكون كل صديق عونًا لصاحبه على الطاعة والاستقامة، مصداقًا لقول النبي ﷺ «الْمُؤْمِنُ مَرْآةُ أَخِيهِ، إِذَا رَأَى فِيهَا عَيْبًا أَصْلَحَهُ».

وأشار البيان إلى أن الإسلام لم ينظر إلى الصداقة بوصفها علاقة اجتماعية فقط، بل جعلها مسؤولية أخلاقية ودينية تهدف إلى السمو بالإنسان في دنياه والفوز برضا الله في أخراه.