أكدت وزارة الأوقاف المصرية في خطبة الجمعة اليوم أن المال العام أمانة شرعية وحق مشترك للأمة محذّرة من التعدي عليه أو إهداره بأي شكل لما يمثله ذلك من اعتداء على حقوق المجتمع وسبب رئيسي في تفشي الفساد وضعف الخدمات.
استهلت الوزارة خطبتها بواقعة من تراث السلف الصالح حيث نقل الإمام الخطيب البغدادي عن السري السقطي الذي ظل يستغفر الله ثلاثين عامًا لمجرد فرحه بنجاة متجره من حريق أصاب سوق المسلمين معتبرًا أن تفضيل النفس على عموم الناس في أوقات البلاء تقصير أخلاقي يستوجب التوبة.
وأوضحت الأوقاف أن هذه القصة تعكس عمق الوعي الأخلاقي لدى السلف وتسلط الضوء على واقعنا المعاصر متسائلة كيف يكون حال من يمد يده إلى المال العام الذي هو ملك للملايين.
بينت خطبة الجمعة أن الشريعة الإسلامية جعلت حفظ المال أحد مقاصدها الكبرى مؤكدة أن المال العام يشمل موارد الدولة ومقدراتها ومؤسساتها والمرافق العامة وكل ما يحصل لصالح المجتمع وأن الاعتداء عليه يعد غلولا وخيانة للأمانة.
استشهدت الأوقاف بعدد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي شددت على تحريم أكل المال بغير حق محذرة من الوعيد الشديد الذي توعد به النبي ﷺ من يتصرف في مال الأمة دون وجه حق حتى لو كان شيئًا يسيرًا.
أكدت الخطبة أن كل مسؤول أو موظف مؤتمن على ما في يده وأن استغلال الوظيفة أو المنصب لتحقيق منافع شخصية أو قبول الهدايا المرتبطة بالعمل يدخل في باب الغلول المحرم شرعًا.
تطرقت الخطبة إلى عدد من الممارسات التي تمثل اعتداءً صريحًا على المال العام ومنها تخريب المنشآت والمرافق العامة والإهمال الوظيفي وإضاعة الوقت والاختلاس والسرقة من ميزانيات الدولة والرشوة مقابل تسهيلات أو خدمات والإسراف والتبذير في الإنفاق دون مبرر واستغلال النفوذ لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
وشددت دار الإفتاء على أن الحفاظ على المال العام واجب ديني وأخلاقي ووطني لأنه يعكس الضمير الحي ويصون حقوق الفقراء ويضمن استدامة الخدمات ويحفظ استقرار الدولة.
التفكك الأسري في الخطبة الثانية
في الخطبة الثانية حذرت دار الإفتاء من التفكك الأسري واعتبرته من أخطر التحديات التي تهدد تماسك المجتمع وأمنه لما يترتب عليه من آثار نفسية واجتماعية خطيرة خاصة على الأطفال.
أكدت أن الزواج في الإسلام ميثاق غليظ لا يجوز العبث به أو التهاون في شأنه مشيرة إلى أن كثيرًا من المشكلات الأسرية تنشأ بسبب غياب التوازن بين الحقوق والواجبات داخل الأسرة.
دعت الخطبة إلى ترسيخ ثقافة الحوار والمصارحة وإحياء المودة بين الزوجين والتعامل بالحلم والتغاضي عن الزلات مستشهدة بقول النبي ﷺ لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقًا رضي منها آخر.
اختتمت دار الإفتاء خطبتها بعدد من التوصيات العملية أبرزها تعميق التواصل الأسري والحوار الهادئ وحل الخلافات مبكرًا وعدم تركها تتراكم والالتزام بالعدل بين الأبناء وتقليل الانشغال بالأجهزة الإلكترونية وتعزيز القيم الدينية داخل الأسرة والاستعانة بالمختصين قبل الوصول لمرحلة الانفصال.
كما دعت إلى استقبال شهر رجب بروح الاستعداد والطهارة القلبية باعتباره من الأشهر الحرم وبوابة روحية تمهّد لاستقبال شهر رمضان.
أكدت دار الإفتاء في ختام الخطبة أن صلاح المال وصلاح الأسرة هما أساس استقرار الأوطان داعية إلى ترسيخ قيم الأمانة والعدل والمودة حفاظًا على المجتمع ومستقبله.

