عملت وزارة التضامن الاجتماعي على تقديم مجموعة شاملة من السياسات والبرامج لبناء شبكة أمان اجتماعي للفئات والأسر الأكثر احتياجاً، حيث تستند منظومة الحماية الاجتماعية في مصر إلى الالتزامات الدستورية والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وأجندة التنمية الوطنية، مما يعزز من مسئولية الدولة في ضمان الحماية الاجتماعية كحق أصيل للمواطن.
يعتبر قانون الضمان الاجتماعي الجديد رقم 12 الصادر في أبريل 2025 من أهم التشريعات التي تفعل المادة 17 من الدستور، إذ وسع نطاق الخدمات المقدمة للأسر والأفراد الأوْلى بالرعاية، وحول المساعدات الاجتماعية إلى حق قانوني قائم على برامج دعم نقدي مشروطة وغير مشروطة، وآليات استهداف دقيقة، وربط الحماية الاجتماعية بالتمكين الاقتصادي للتحول من الاعتماد إلى الإنتاج، وفقاً لتقرير للوزارة.
وفق التقرير الذي حصلت عليه «الوطن»، ارتفعت مخصصات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية من 16% من إجمالي الإنفاق العام في 2019/2020 إلى 18.8% في 2021/2022 ثم 20.8% في 2022/2023 بإجمالي 454.1 مليار جنيه مصري، وزادت القيمة الفعلية إلى 529.7 مليار جنيه في 2023/2024، ثم إلى 742.6 مليار جنيه مصري في العام المالي 2025-2026، منها 54 مليار جنيه للصرف على الدعم النقدي، بزيادة قدرها 32% عن العام السابق، ليصل متوسط قيمة الدعم للأسرة الواحدة 900 جنيه، بحد أدنى 700 جنيه وحد أقصى قد يصل إلى 4.000 جنيه للأسرة الواحدة حال حصولها على دعم ببرنامجَيْ «تكافل وكرامة» لفئات مستحقة لها في ذات الوقت.
شهد إجمالي تمويلات الدعم النقدي من الموازنة العامة للدولة تطوراً كبيراً على مدار السنوات العشر الماضية بزيادة قدرها 1000% من قيمة الدعم النقدي المقدرة بـ5 مليارات جنيه في العام المالي 2013-2014، حيث ذكر التقرير أن برنامج «تكافل» يستهدف 56% من إجمالي المستفيدين، أي الأسر من الأرامل والمطلقات والمهجورات وزوجات المساجين من اللاتي لديهن أطفال تحت خط الفقر وأبناء حتى 26 سنة، بينما يستهدف برنامج «كرامة» 44% من إجمالي المستفيدين، أي الأيتام 2% من مستفيدي «كرامة»، وكبار السن 65 عاماً فأكثر 27% من مستفيدي «كرامة»، وذوي الإعاقة 63% من مستفيدي «كرامة»، والنساء اللاتي بلغن 50 سنة بدون زواج 0.3% من مستفيدي «كرامة»، بالإضافة إلى الأرامل والمطلقات والمهجورات اللاتي ليس لديهن أطفال.
تضاعف عدد مستفيدي الدعم النقدي من 1.7 مليون أسرة في عام 2015 إلى 4.7 مليون أسرة في عام 2025، حيث تم خروج 3.36 مليون أسرة حتى الآن، ليصل إجمالي عدد الأسر المستفيدة التي حصلت على الدعم النقدي في هذه الفترة إلى 8.1 مليون أسرة مستفيدة، حسبما ذكر التقرير. كان من أهم استراتيجيات الاستثمار في رأس المال البشري التي تميز بها برنامج الدعم النقدي «تكافل» إلزام الأسر المستفيدة بالمشروطية التعليمية التي وصلت نسبة التزام الأسر بها إلى 83% بحضور أبنائها الدراسة في مراحل التعليم قبل الجامعي المختلفة بنسبة حضور لا تقل عن 80% من أيام الدراسة، بينما يلتزم الأبناء في التعليم الجامعي بالنجاح في سنوات الدراسة المختلفة.
ذكرت الوزارة أن أسر برنامج «تكافل» التزمت في ذات الوقت بالمشروطية الصحية بنسبة 90% بذهاب الأمهات إلى وحدات الرعاية الصحية الأولية للحصول على خدمات متابعة الحمل والصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة وتطعيم الأطفال ومتابعة النمو وغيرها من الخدمات العلاجية والتوعوية المختلفة، وذلك بمعدل مرة واحدة على الأقل كل ثلاثة أشهر. بدورها، قالت الدكتورة مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي لـ«الوطن»، إن ما تحقق من إنجازات في برامج الحماية الاجتماعية في عهد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي يفوق بعشرات المرات ما أنفقته الدولة المصرية على هذه البرامج منذ خمسينات القرن الماضي، موضحة أن الوزارة توسعت في برامج الدعم النقدي والعيني، لتغطية أكبر شريحة ممكنة من المستفيدين، مع رفع كفاءة الاستهداف وضمان وصول الدعم لمستحقيه بدقة.
أكدت «مايا» أن صدور قانون الضمان الاجتماعي رقم 12 لسنة 2025 يعد تتويجاً لجهود الوزارة في مجال الحماية الاجتماعية، وتحولاً جوهرياً في الإطار القانوني الذي ينظم هذه الحماية في مصر، حيث إنه بموجب القانون أصبح برنامج «تكافل وكرامة» حقاً دستورياً، يتجاوز كونه منحة قد تتأثر بالظروف، ليصبح التزاماً قانونياً ثابتاً، مما يعزز استدامة الدعم ويمنح المستفيدين شعوراً أكبر بالأمان والثقة، كما أن القانون يضع أساساً لشبكة أمان اجتماعي أكثر قوة ومرونة، قادرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وداعمة للاستقرار المجتمعي على المدى الطويل، مشيرة إلى استحداث منصة دولية للحماية الاجتماعية بالتعاون مع البنك الدولي لتبادل الخبرات وصياغة السياسات، كما أن المنصة تستهدف بناء أنظمة حماية مرنة وعادلة على المستويات العربي والإقليمي والدولي.
أكد الدكتور أحمد عبدالرحمن رئيس الإدارة المركزية للحماية الاجتماعية بوزارة التضامن الاجتماعي أن برنامج «تكافل وكرامة» يعد أكبر برامج الدعم النقدي المشروط في المنطقة العربية، حيث نجحنا في تخصيص 54 مليار جنيه بموازنة العام المالي 2025/2026، بزيادة 32% عن العام السابق الذي بلغ 41 مليار جنيه، موضحاً أن تمويلات الدعم النقدي من الموازنة العامة للدولة شهدت طفرة غير مسبوقة خلال العقد الأخير، بزيادة 1000%، من 5 مليارات جنيه في موازنة 2013/2014 إلى 54 مليار جنيه في موازنة 2025/2026.
أوضح «عبدالرحمن» أن الوزارة تنتهج مبدأ الاستثمار في رأس المال البشري، حيث يبلغ عدد أبناء أسر تكافل 5.5 مليون ابن وابنة في مراحل التعليم المختلفة، وتم إعفاء الطلاب من سداد المصروفات الدراسية، وتبلغ نسبة الالتزام بالمشروطية التعليمية 83% من إجمالي الطلبة أبناء الأسر المستفيدة بحضور ما لا يقل عن 80% من أيام الدراسة، وتبلغ نسبة الالتزام بالمشروطية الصحية بين أمهات أسر تكافل ممن لديهن أطفال في الفئة العمرية من حديثي الولادة إلى 6 أعوام 90%، الذين زاروا الوحدات الصحية مرة واحدة على الأقل كل ثلاثة أشهر.
كما أطلقت الوزارة مبادرة «لا أمية مع تكافل» التي تستهدف مستفيدي برنامج الدعم النقدي المشروط «تكافل وكرامة»، وتعمل على محو أمية القراءة والكتابة للمستفيدين، ويتم العمل بالشراكة مع الهيئة العامة لتعليم الكبار، وأكدت وزيرة التضامن الاجتماعي أن من بين المبادرات التي أطلقتها، العام الحالي، مبادرة «الإطعام» التي تم تدشينها في الأول من يناير العام الجاري، تأتي في إطار جهود الدولة المصرية لتعزيز الحماية الاجتماعية، وتحقيق الأمن الغذائي للفئات الأكثر احتياجاً، وتعد «مطابخ المحروسة» التي أطلقتها الوزارة بالتعاون مع عدد من الوزارات، كوزارة الأوقاف والجمعيات والمؤسسات الأهلية، أحد المشروعات التنموية التي تهدف إلى توفير وجبات غذائية يومية مطهوة بجودة عالية، من خلال مطابخ مركزية موزعة على مستوى الجمهورية، وكذلك نقاط متحركة، يتناولها المواطن بكرامة.
أوضح «عبدالرحمن» أن هذه المبادرة حققت نجاحاً كبيراً خلال الفترة الماضية، لأنها تعمل على تحقيق أكثر من هدف، أولها توفير وجبات غذائية يومية للأسر الأولى بالرعاية، وثانيها دعم المرأة المعيلة من خلال عملها بتلك المطابخ، وثالثها تعزيز التكافل المجتمعي من خلال شراكات فعالة بين الدولة والمجتمع المدني، وقد نجحت «مطاعم المحروسة» في تقديم ما يزيد على مليون ونصف المليون وجبة شهرياً في 12 محافظة من خلال نقاط ثابتة ومتحركة.
في سياق متصل، أكد الدكتور محمد العقبى مساعد وزيرة التضامن الاجتماعي للاتصال الاستراتيجي والإعلام أن الوزارة تنفذ مشروع وحدات التضامن الاجتماعي بالجامعات، والذي يهدف إلى تعزيز دور الوزارة في خدمة الشباب من طلاب الجامعات وتعزيز الوعي الاجتماعي بين الطلاب وتقديم حزمة من الخدمات المتكاملة للمجتمع الجامعي. قال «العقبى» إن الوزارة تقدم حزمة متنوعة من الأنشطة والفعاليات الجامعية لتعزيز الحماية الاجتماعية والشمول الاقتصادي للطلاب، خاصة الفئات الأولى بالرعاية، شملت التمكين الاقتصادي، التوعية، التدريب، والدعم المباشر، واستفاد منها الآلاف من الطلاب من خلال عدد 31 وحدة اجتماعية بعدد 31 جامعة.
لم تكتفِ الوزارة بهذا القدر، فقد أطلقت، بالتعاون مع صندوق دعم مشروعات الجمعيات والمؤسسات الأهلية، مسابقة «أهل الخير» التي تقدَّم لها في مرحلتها الأولى 530 جمعية أهلية ومبادرة ومنظمة ومؤسسة، وشهدت توزيع أكثر من 52 مليون وجبة خلال شهر رمضان المبارك الماضي، وتؤكد تلك المسابقة أهمية التكافل بين أبناء الشعب المصري، ولم الشمل وإحياء قيم المودة والمحبة والسلام والتسامح والتراحم، كما أنها صورة من صور التكافل الاجتماعي والتعاون. وإزاء هذه المشاركة والتجاوب الكبير مع مبادرة الإطعام ومسابقة أهل الخير، أعلنت الوزارة عن مسابقة «أهل الخير 2» لاختيار حملات الإطعام الأكثر تأثيراً، ودعت جميع الجهات المعنية بالإطعام، من المؤسسات الأهلية والجمعيات والمبادرات الجماعية والفردية، للاشتراك، وستعلن نتيجتها ليلة الأول من شهر رمضان المقبل 2026-1447هـ.

