مخاوف من استخدام أسلحة كيميائية في السودان وتأثيراتها على المياه والإجهاض

أثارت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على السودان، الخميس، جدلاً متصاعداً حول اتهامات موجهة للجيش السوداني باستخدام أسلحة محظورة في العاصمة الخرطوم ومناطق بشمال دارفور، يأتي ذلك في إطار الحرب المستمرة التي تعصف بالبلاد منذ منتصف أبريل 2023.

مخاوف من استخدام أسلحة كيميائية في السودان وتأثيراتها على المياه والإجهاض
مخاوف من استخدام أسلحة كيميائية في السودان وتأثيراتها على المياه والإجهاض

تثير هذه المزاعم تساؤلات حادة حول دقتها وطبيعة الأدلة التي بنيت عليها.

أدلة واضحة على استخدام مواد محرمة دولياً

في هذا السياق، كشف مسؤول محلي في منطقتي الكومة ومليط بشمال دارفور، عن توثيق مستمر منذ بداية الهجمات الجوية في المنطقة، مشيراً إلى وجود “أدلة واضحة على استخدام مواد محرمة دولياً”.

الكلب الأمريكي

وبحسب شهادات ميدانية، تحدث ضابط متقاعد في الجيش السوداني عن استخدام مقاتلي الجيش مقذوفات تحتوي على “غاز قاتل” يُطلق من بندقية تُعرف محلياً باسم “الكلب الأمريكي”، لافتاً إلى وجود مقاطع فيديو موثقة تدعم هذه الادعاءات.

كما أشارت مصادر طبية وبيئية إلى تزايد الأمراض المرتبطة بتلوث الهواء في العاصمة الخرطوم، مما يعزز الشكوك بشأن استخدام مواد كيميائية.

ومن جانبه، أكد محمد أحمد جيزو، أحد قيادات الإدارة الأهلية في شمال دارفور، أنه كان شاهد عيان على أول ضربة جوية استهدفت منطقة الكومة، حيث قال: “الضربات التي بلغ عددها 129 طلعة جوية صاحبتها ظواهر غير طبيعية؛ جثث متفحمة بملامح مشوهة، أجساد منتفخة، نفوق جماعي للحيوانات، وتغير في لون التربة والمياه”

وأوضح جيزو أنه تم جمع عشرات الأدلة الميدانية، شملت مقاطع فيديو، صوراً، شهادات ناجين، عينات تربة ومياه، وبقايا بشرية وحيوانية محترقة، مضيفاً أن أحد الوديان الواقعة غرب المدينة شهد تغيراً كاملاً في لون مياهه نتيجة المواد التي يُعتقد أنها كيميائية.

ارتفاع حالات الإجهاض

كما رُصد ارتفاع حاد في حالات الإجهاض بين النساء، حيث تم تسجيل 150 حالة خلال أقل من 6 أشهر، في منطقة يبلغ عدد سكانها نحو 160 ألف نسمة، مما يعزز القلق بشأن التأثيرات البيئية والصحية المباشرة للأسلحة المستخدمة.

وأشار جيزو إلى أن جهات محلية تعمل بالتعاون مع مؤسسات دولية مختصة لجمع الأدلة وتوثيقها بهدف تقديمها إلى الهيئات القضائية الدولية، مؤكداً أن “الأدلة الميدانية والمواد الموثقة تثبت بما لا يدع مجالًا للشك استخدام أسلحة كيميائية محرمة دولياً تسببت في مقتل الآلاف، غالبيتهم من الأطفال والنساء”.

استخدام أسلحة كيميائية وتفشي الأمراض

امتدت الادعاءات حول استخدام أسلحة كيميائية في النزاع الدائر بالسودان لتشمل العاصمة الخرطوم، حيث ربطت تقارير حديثة تفشي عدد من الأمراض الغامضة، بينها الحميات، الإسهالات المائية، والالتهابات الجلدية، بالدخان والغبار الكثيف المتصاعد من مبنى جامعي تعرض لضربة جوية بطائرة مسيّرة الأسبوع الماضي.

وبحسب التقارير، فإن المبنى كان يُستخدم كمخزن أسلحة تابع لـكتائب البراء بن مالك، التي تقاتل إلى جانب الجيش السوداني، مما أثار الشكوك حول احتمال احتوائه على مواد كيميائية خطرة.

وقال عبد القادر كمال الدين، وهو ضابط متقاعد، إن كتيبة البراء حصلت على أسلحة كيميائية بعد التطورات التي شهدها الملف السوري، دون أن يقدم دلائل ملموسة تدعم هذا الادعاء.

تلوث بيئي خطير

منصات إعلامية عدة نقلت عن شهود عيان ومصادر محلية أن الغبار والدخان الناتجين عن القصف تسببا في تلوث بيئي خطير، مرجحة وجود أسلحة كيميائية ضمن المخزون الذي استُهدف، كما لم تستبعد مصادر طبية أن تكون المئات من حالات الإسهال والتسمم التي ظهرت مؤخراً في أم درمان وجنوب الخرطوم ناجمة عن تسرب مواد كيميائية في الجو أو التربة.

مخلفات كيميائية

وأكدت المصادر ذاتها أن أي انتشار لمخلفات كيميائية في بيئة حضرية، سواء عبر الهواء أو المياه، قد يؤدي إلى حالات تسمم جماعي يصعب السيطرة عليها، خاصة في ظل الانهيار شبه الكامل للبنية التحتية الصحية في العاصمة.

قالت الولايات المتحدة، يوم الخميس، إنها قررت رسمياً، بموجب قانون مراقبة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والقضاء عليها لعام 1991، أن حكومة السودان استخدمت أسلحة كيميائية في العام الماضي.

وفي حين نفت السلطة القائمة في بورتسودان استخدام أي أسلحة كيميائية، شدد دبلوماسي بارز في البعثة الأمريكية بمجلس الأمن على أن الولايات المتحدة استندت إلى أدلة حقيقية، مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية، منذ عهد الرئيس السابق جو بايدن، كانت تعمل مع الكونجرس والأمم المتحدة على جمع الأدلة التي يمكن أن تثبت استخدام الجيش السوداني أسلحة كيميائية في الحرب الحالية.