في إطار سعيها للتوسع عالميًا ومواجهة التحديات الناتجة عن تراجع أسعار النفط، تدرس شركة أرامكو السعودية، أكبر منتج للنفط في العالم، إمكانية بيع بعض أصولها لتوفير السيولة، وفقًا لما أفادت به وكالة “رويترز” عن مصادر مطلعة، فضلت عدم الكشف عن هويتها لعدم حصولها على إذن رسمي بالتحدث للإعلام.

اقرأ كمان: كيفية التقديم على وظائف برواتب مرتفعة في مجال التصنيع الغذائي
وذكرت المصادر أن أرامكو طلبت من بنوك الاستثمار تقديم مقترحات حول خيارات التمويل الممكنة عبر أصولها، ولم تكشف المصادر عن تفاصيل الأصول المحتملة للبيع أو هوية البنوك المعنية.
ضغط الأرباح يدفع إلى خفض التوزيعات
تأتي هذه الخطوة في وقت تخطط فيه أرامكو لتقليص توزيعات الأرباح بنحو الثلث خلال العام الجاري، وذلك بعد تراجع أرباحها نتيجة انخفاض أسعار النفط، بينما تواصل الحكومة السعودية الضغط على الصناعات الوطنية لتحسين الكفاءة والربحية.
ويعد سعر النفط أحد أبرز التحديات الحالية؛ حيث يحتاج الاقتصاد السعودي، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي، إلى سعر برميل يتجاوز 90 دولارًا لتحقيق التوازن المالي، لكن أسعار النفط لا تزال تدور حول 60 دولارًا، إذ أغلق خام برنت عند 64.78 دولار، بينما سجل خام غرب تكساس الوسيط 61.53 دولار في نهاية تعاملات 23 مايو 2025.
مواضيع مشابهة: رئيسا التنظيم والإدارة والطفولة يستعرضان آفاق التعاون المشترك
خطط توسع طموحة رغم الضغوط
رغم التحديات المالية، تواصل أرامكو تنفيذ استراتيجية توسع دولية طموحة، تشمل الاستحواذ على حصة في مشروع غاز مسال بالولايات المتحدة بقيمة تتجاوز 17.5 مليار دولار، في إطار اتفاق غير ملزم مع شركة “وودسايد إنرجي” الأسترالية.
كما وسعت الشركة أنشطتها من خلال استثمارات في مصافي تكرير صينية، بالإضافة إلى شركة توزيع الوقود التشيلية Esmax، وشركة MidOcean الأميركية للغاز الطبيعي المسال.
وفي خطوة أخرى، وقعت أرامكو مؤخرًا 34 اتفاقية مبدئية قد تصل قيمتها إلى 90 مليار دولار مع شركات أميركية، بعد زيارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب للمملكة.
نتائج مالية مختلطة للربع الأول
في نتائجها المالية للربع الأول من عام 2025، سجلت أرامكو أداءً مختلطًا، حيث ارتفعت نفقاتها الرأسمالية في قطاع التنقيب والإنتاج إلى نحو 9.92 مليار دولار، مقارنة بـ 8.83 مليار دولار في الفترة نفسها من 2024، بينما انخفض إنتاجها من المواد الهيدروكربونية على أساس سنوي بمقدار 108 آلاف برميل نفط مكافئ يوميًا، ليصل إلى 12.3 مليون برميل يوميًا.
كما سجل إنتاج المواد السائلة تراجعًا إلى 10.3 مليون برميل يوميًا، مقابل 10.52 مليون في الربع الأول من 2024، رغم ارتفاعه مقارنة بالربع الأخير من العام الماضي، وانخفض متوسط سعر برميل النفط المصدر من أرامكو إلى 76.3 دولارًا، من 83 دولارًا في الفترة المماثلة من 2024.
اكتشافات جديدة في النفط والغاز
على الرغم من التحديات السوقية، واصلت أرامكو تحقيق اكتشافات جديدة؛ إذ أعلنت وزارة الطاقة السعودية عن 14 اكتشافًا جديدًا للنفط والغاز خلال الربع الأول من العام الجاري، توزعت بين المنطقة الشرقية وصحراء الربع الخالي، وشملت هذه الاكتشافات عدة حقول ومكامن جديدة، من أبرزها حقول الجبو وعيفان وصياهد، ومكامن الجبيلة وعنيزة.
مستقبل غامض أم فرصة للتحول؟
في ظل هذه المعطيات، تبدو أرامكو في مرحلة دقيقة من تاريخها، تجمع بين ضغوط السوق وتحديات تمويل خطط التوسع العالمي، وضغط حكومي لتحسين الأداء والكفاءة، دون المساس بدورها المركزي كمحرك أساسي للاقتصاد السعودي، وتبقى عملية بيع الأصول -في حال تنفيذها- مؤشرًا على تحول في استراتيجية الشركة، من الاعتماد على تدفقات نقدية مستقرة إلى إعادة هيكلة شاملة في ظل سوق نفط متقلب.