رحبت دمشق برفع واشنطن رسميًا العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة عليها، واعتبرت هذا القرار “خطوة إيجابية في الطريق الصحيح”، ويأتي ذلك بعد إعلان وزارة الخزانة الأمريكية إصدار ترخيص عام يخفف بعض العقوبات المفروضة على سوريا، حيث اتخذ ترامب هذا القرار خلال زيارته للعاصمة السعودية الرياض الأسبوع الماضي.

اقرأ كمان: “شركات الطوافة تكرم البعثة المصرية للحج في احتفالية تكريم النخب”
وأكدت سوريا أن قرار الولايات المتحدة رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها بشكل رسمي هو “خطوة إيجابية في الطريق الصحيح”.
وفي هذا السياق، أوضح الدكتور حسن أبو طالب، مستشار بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن هناك تحولات كبيرة في السياسة الأمريكية تجاه سوريا، خاصة في ظل التقارب بين الولايات المتحدة وتركيا وبعض الدول العربية الخليجية، وأشار في تصريحات خاصة لـ”نيوز رووم” إلى أن هذا التحول يركز على دعم الحكومة السورية الانتقالية برئاسة أحمد الشرع، بما يتماشى مع المصالح الأمريكية في المنطقة.
المصالح الأمريكية في سوريا
وأشار أبو طالب إلى أن الولايات المتحدة تتبنى موقفًا إيجابيًا تجاه التغييرات في سوريا، حيث تتماشى السياسات الجديدة مع مصالحها الاستراتيجية، خاصة في تقليص النفوذ الروسي والإيراني في البلاد، ولفت إلى أن أحد الأبعاد الرئيسية للمصالح الأمريكية هو التعامل مع إسرائيل، خاصة في إطار معاهدة “أبراهام” التي تُعنى بتعزيز العلاقات بين إسرائيل ودول المنطقة.
وأضاف أبو طالب أن القرار الأمريكي الأخير بتعليق عدد من العقوبات المفروضة على سوريا، والذي تم تمديده لمدة 90 يومًا قابلة للتجديد، يفتح المجال أمام سوريا للتعامل التجاري بحرية أكبر ويدخلها في النظام المالي الدولي، بما في ذلك الانضمام إلى البنك الدولي، وتعتبر هذه الخطوة، حسب أبو طالب، تعزز موقف النظام السوري في ظل الدعم الأمريكي.
دور تركيا في سوريا الجديدة
من جهة أخرى، أشار أبو طالب إلى أن هذه التحركات تتوافق مع المصالح التركية أيضًا، حيث تسعى تركيا إلى أن تكون سوريا جزءًا من استراتيجيتها في المنطقة، وليس مجرد حليف، وذكر أن تركيا ترى في الحكومة الانتقالية السورية الجديدة فرصة للتعاون الوثيق معها من خلال محاصرة قوات سوريا الديمقراطية، التي تشكل العنصر العسكري للإدارة الكردية في شمال سوريا.
وأوضح أبو طالب أن تركيا تسعى إلى دمج هذه القوات في إطار منظومة عسكرية وأمنية تابعة للحكومة السورية الانتقالية، بما يضمن حماية مصالحها الأمنية في المنطقة، وتأتي هذه التحركات في إطار الاتفاقات الأمنية التي جرت بين تركيا وسوريا الجديدة في الأسبوعين الماضيين، بهدف ضمان السيطرة على القوات الكردية بما لا يتعارض مع المصالح الاستراتيجية التركية.
التوافق الأمريكي-التركي-الخليجي
واختتم أبو طالب بأن هناك توافقًا بين الولايات المتحدة وتركيا والدول الخليجية حول دعم الحكومة السورية الجديدة، ويظهر ذلك بوضوح في اللقاءات المستمرة بين الأطراف المعنية.
انقلاب على السياسة الأمريكية
أكد الدكتور أيمن سمير، خبير في العلاقات الدولية، أن قرار دونالد ترامب برفع العقوبات الأمريكية بالكامل عن سوريا أثناء جولته الخليجية يعد انقلابًا على السياسة الأمريكية الحذرة، حيث كان معروفًا أن الرئيس ترامب حتى يوم 8 ديسمبر أثناء سقوط النظام السابق قال إن الوضع في سوريا لا يعنيه من قريب أو بعيد.
وأضاف سمير في تصريحات خاصة لـ”نيوز رووم” أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تتخذ خطوات حذرة وبطيئة، حيث كانت توصف دائمًا بأنها تفتقر إلى أي استراتيجية أو رؤية تجاه الوضع في سوريا، لكن القرار برفع العقوبات أولًا ثم تعيين مبعوث أمريكي خاص في سوريا يؤكد أن الإدارة الأمريكية تكتشف مساحة كبيرة للعمل مع الحكومة السورية الجديدة.
مساحة واشنطن في ثلاث ملفات
الملف الأول
وقال سمير إن هذه المساحة تراها واشنطن في ثلاث ملفات رئيسية، الملف الأول يتعلق بعدم تحول سوريا في أي وقت إلى خطر أو عدو لإسرائيل، بمعنى أنها تريد أن تكون سوريا صديقة لإسرائيل وأن يكون هناك تطبيع في المستقبل بين سوريا الجديدة وإسرائيل.
ممكن يعجبك: مصر في مأمن؟ تقييم خطورة الهزات والمخاطر والاستعدادات اللازمة
الملف الثاني
الملف الثاني هو أن تعمل الحكومة السورية الحالية على طرد المقاتلين الأجانب من الأراضي السورية.
الملف الثالث
أما النقطة الثالثة فتتعلق بتنظيم داعش، حيث تبحث الحكومة السورية الجديدة كيفية التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية ضد تنظيم داعش، وهذا هو الإطار الذي تفكر فيه الإدارة الأمريكية حيال الحكومة السورية الجديدة، لذلك يرى سمير أن الحكومة السورية ليس لديها مانع للتجاوب مع كل هذه المطالب، وربما تجاوبها مع هذه المطالب مسبقًا هو الذي دفع الرئيس دونالد ترامب لرفع العقوبات، وبالتالي نحن ننتظر بعد رفع العقوبات أن تأتي استثمارات أمريكية ضخمة، وقد تكون هناك شراكة اقتصادية كبيرة بين سوريا والإدارة الأمريكية، حيث هناك حديث عن إنشاء برج للرئيس دونالد ترامب في العاصمة دمشق.
استثمارات أمريكية ضخمة
وأشار إلى أن هناك حديثًا عن قيام شركات أمريكية متخصصة في الغاز والنفط بإدارة موارد الغاز والنفط في سوريا، وقد وصل الأمر إلى أن هناك حديثًا عن إمكانية إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية في الساحل السوري بجوار القاعدتين الروسية قاعدة حميميم وقاعدة طرطوس، وبالتالي تبدأ المصالح الأمريكية السورية في الفترة القادمة من الملفات الداخلية وداعش والمقاتلين الأجانب، وصولًا إلى الملفات الخارجية التي تتعلق بالعلاقة بين سوريا وإسرائيل أو بناء قاعدة أمريكية على الساحل السوري، وهو ما يتطلب في المدى القريب إنهاء الوجودين الروسي والإيراني، المتمثلين في القاعدة البحرية والقاعدة الجوية في طرطوس وحميميم.
إنهاء الوجود الإيراني
وتابع سمير أن هناك ضرورة لإنهاء أي وجود إيراني في الأراضي السورية، لذلك فإن العقوبات الأمريكية التي سيتم رفعها ستستثني ما تراه الولايات المتحدة الأمريكية أنه يخدم إيران أو يخدم روسيا، ويمكن القول إن الولايات المتحدة الأمريكية استطاعت أن تحول دولة كانت سياساتها تختلف مع أمريكا بالكامل قبل 8 ديسمبر إلى حكومة تتعاون وتتحالف بالكامل مع الولايات المتحدة.