في تصريح يحمل طابعًا تشاؤميًا واضحًا، أكد نائب وزير الخارجية الروسي، سيرجي ريابكوف، أن فرص إنقاذ المعاهدة الأخيرة بين الولايات المتحدة وروسيا، المعروفة باسم “نيو ستارت”، باتت شبه معدومة.

مقال له علاقة: توتر دبلوماسي بين باريس وتل أبيب عقب تصريحات ماكرون عن غزة
جاءت تصريحات ريابكوف خلال مقابلة مع وكالة “تاس” الروسية، حيث أشار إلى أن العلاقات الثنائية بين موسكو وواشنطن وصلت إلى “مرحلة مدمّرة”، مما يجعل الحديث عن استئناف العمل بالمعاهدة، التي تنتهي صلاحيتها خلال أقل من ثمانية أشهر، أمرًا غير واقعي.
معاهدة تحتضر في ظل تصعيد سياسي وعسكري
تُعتبر معاهدة “نيو ستارت”، التي تم توقيعها عام 2010 ودخلت حيز التنفيذ في 2011، آخر اتفاق قائم بين القوتين النوويتين لضبط عدد الرؤوس الحربية النووية الاستراتيجية والصواريخ العابرة للقارات والمقاتلات الثقيلة.
لكنها تواجه اليوم خطر الانهيار الكامل، في ظل توقف التعاون الرسمي بين الطرفين بشأن عمليات التفتيش والامتثال لبنود الاتفاق، خاصة بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في فبراير 2023 تعليق مشاركة روسيا في الاتفاق.
ورغم ذلك، أكد بوتين في حينه أن روسيا ستواصل الالتزام بالقيود المفروضة على عدد الرؤوس الحربية والصواريخ بموجب المعاهدة، إلا أن ريابكوف أشار إلى أن أي استئناف كامل للعمل بها “لم يعد منطقيًا في ظل المعطيات الحالية”.
“القبة الذهبية”… عامل تفجير جديد
أبرز ريابكوف في تصريحاته أن أحد أهم العوامل التي تعرقل أي تقدم في مفاوضات الحد من التسلح النووي هو مشروع “القبة الذهبية” للدفاع الصاروخي، الذي اقترحه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
واعتبر ريابكوف أن هذا المشروع يمثل “عنصرًا مزعزعًا للاستقرار بشكل بالغ”، إذ يعزز المخاوف الروسية من خلل استراتيجي قد يُحدثه التفوق الدفاعي الأمريكي، مما يدفع موسكو لتعزيز ترسانتها الهجومية كرد فعل.
وأوضح المسؤول الروسي أن استمرار واشنطن في تطوير مثل هذه الأنظمة الدفاعية يضع “عقبات ضخمة” أمام أي مبادرة مستقبلية لإعادة إطلاق مفاوضات جادة حول نزع السلاح النووي أو الحد منه.
ممكن يعجبك: جامعة هارفرد تسعى لإلغاء قرار «ترامب» بشأن تجميد تمويل الأبحاث الحيوية في المحكمة
لا مسار دبلوماسي في الأفق
في تقييمه للوضع الراهن، قال ريابكوف إن “الظروف الحالية ببساطة لا تبرر أي استئناف لمفاوضات الحد من التسلح”، مؤكدًا أن تدهور العلاقات وصل إلى مرحلة يصعب معها بناء أي أرضية للثقة المتبادلة.
يُذكر أن العلاقات بين موسكو وواشنطن تدهورت بشكل كبير منذ بدء الحرب في أوكرانيا عام 2022، حيث تقود الولايات المتحدة جهودًا غربية لدعم كييف عسكريًا وسياسيًا، وهو ما تعتبره روسيا تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.
مستقبل الاتفاق في مهب الريح
مع اقتراب انتهاء سريان معاهدة “نيو ستارت” في أوائل عام 2026، دون وجود أي مؤشرات حقيقية على إطلاق مفاوضات بديلة، فإن العالم يواجه احتمال العودة إلى سباق تسلح نووي غير مقيد، في وقت تزداد فيه التوترات الجيوسياسية وتتوسع النزاعات في أكثر من ساحة دولية.
ويخشى مراقبون من أن غياب الأطر القانونية الملزمة للحد من الترسانة النووية قد يؤدي إلى فوضى نووية جديدة، خصوصًا في ظل انسحاب الطرفين في السنوات الأخيرة من اتفاقيات تاريخية أخرى مثل معاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى (INF).