أماكن إطلاق روسيا لمحطات الغاز الطبيعي المسال في مصر

تستعد روسيا لإطلاق محطات للغاز الطبيعي المسال في مصر، وفقًا لتقرير صادر عن وكالة “1prime” الاقتصادية الروسية، حيث تم إجراء مفاوضات حول مشاريع الطاقة بين مصر وروسيا خلال شهر مايو الماضي.

أماكن إطلاق روسيا لمحطات الغاز الطبيعي المسال في مصر
أماكن إطلاق روسيا لمحطات الغاز الطبيعي المسال في مصر

 

وفي هذا السياق، أوضح المهندس مدحت يوسف، نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، أن محطات الغاز الطبيعي تعني مستودعات للغاز سواء في حالته المسالة أو الغازية، ومن تلك المحطة يمكن تدفيعه إلى الشبكة القومية للغازات الطبيعية المصرية أو إعادة تصديره إلى أماكن أخرى.

أماكن إطلاق روسيا لمحطات الغاز الطبيعي المسال

وأضاف يوسف في تصريح خاص ل”نيوز رووم”، أن الجانب الروسي سيقوم بدراسة الموقع الأنسب لإقامة المحطة بما يتوافق مع احتياجات الأسواق العالمية الأخرى للغاز الطبيعي، ويعتبر الساحل الشمالي المصري هو الأنسب نظرًا لاتجاه مسار تصدير شحنات الغاز الطبيعي من الشرق إلى الغرب نحو أوروبا ودول أمريكا اللاتينية.

 

وأوضح نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، أنه بفضل الموقع الجغرافي المميز لمصر، تصبح تلك المحطات ذات جدوى إذا ما توفرت أسواق استهلاكية جيدة.

استهلاك الغاز الطبيعي

وأكد يوسف أن استهلاك الغاز الطبيعي في مصر يتعاظم عامًا بعد عام، وفي ظل انخفاض الإنتاج إلى مستوى 4 مليار قدم³ يوميًا، فإن هذا المستوى مرشح لمزيد من الانخفاض إذا لم يتمكن من تحقيق اكتشافات ضخمة بمعدلات إنتاجية تتجاوز المليار قدم³ يوميًا لكل اكتشاف.

ارتفاع الطلب المحلي على الكهرباء

وأشارت الوكالة الروسية إلى أن إحصاءات عام 2024 أظهرت أن مصر تحتل المرتبة الثالثة بين مصدري الغاز الطبيعي المسال في القارة الأفريقية، ومع ذلك اضطرت البلاد في يونيو من العام ذاته لاستئناف استيراد الغاز لأول مرة منذ عام 2018، مما يعكس التحديات التي تواجهها في هذا القطاع.

 

وأكدت أن ارتفاع الطلب المحلي على الكهرباء، بجانب الانخفاض الحاد في الإنتاج المحلي من الغاز، شكل العامل الرئيسي وراء هذه الخطوة، رغم الإعلان الرسمي عن اكتشاف ثلاثة حقول جديدة للنفط والغاز في مايو الماضي، إلا أن عملية تطوير هذه الحقول تظل معقدة وتحتاج لوقت طويل، بينما تواصل الحقول القائمة تراجع إنتاجها.

 

من جانبه، أشار بافيل ماريشيف، عضو مجلس الخبراء في جمعية الغاز الروسية، إلى أن محدودية القدرات التكنولوجية والركود الاقتصادي العام حالا دون حفاظ مصر – البلد الأكثر سكانًا في العالم العربي – على مكانتها كمصدر صافٍ للغاز.

وأضاف أن العجز في السوق المحلية قد قيد طموحات الشركات المصدرة المصرية، ما دفعها للتفكير في خيار الاستيراد، خاصة في ظل عدم كفاية قاعدة الموارد المحلية لتحقيق الاكتفاء الذاتي واعتماد البلاد على الإمدادات الإسرائيلية.

وتابع الخبير الروسي تحليله بالإشارة إلى أن عوامل متعددة تسهم في تقليص إمكانات التنمية في قطاع الغاز المصري، بما في ذلك ارتفاع معدلات استنزاف الحقول الحالية، وانخفاض معدلات تدفق الغاز في الحقول الرئيسية، بالإضافة إلى نقص الوصول إلى التقنيات الحديثة.

 

وأكد أن مصر تحتاج إلى تطوير البنية التحتية اللازمة لاستقبال الغاز الطبيعي المسال وإعادة تحويله إلى حالته الغازية، مما دفعها للجوء للحلول المؤقتة مثل استئجار وحدات عائمة لتخزين وإعادة تحويل الغاز.

وفي هذا الإطار، وصلت إلى ميناء الإسكندرية أواخر مايو الماضي السفينة العائمة “إنرجوس باور” التابعة لشركة “إنرجوس باور”، وهي الوحدة الثانية من نوعها التي تستأجرها الشركة المصرية القابضة للغاز (إيجاس) من شركة “نيو فورتريس” الأمريكية، وتتمتع السفينة، التي وصلت من ألمانيا، بقدرة استيعاب تبلغ 174 ألف متر مكعب.

 

وأشار ماريشيف إلى أن التعاون المستقبلي مع روسيا في مجال بناء البنية التحتية قد يسهم في تجاوز مصر للعوائق التكنولوجية الحالية، مستفيدة من خبرة الشركات الروسية في هذا المجال، حيث تمتلك شركة “روزنفت” الروسية حصة نسبتها 17.6% في حقل “ظهر” الغازي المصري، الذي يعد أكبر مشروع غاز لشركة روسية في مصر حتى الآن.

وأضاف الخبير أن التطور السريع للتقنيات الروسية في مجال الغاز الطبيعي المسال، والذي جاء جزئيًا نتيجة للعقوبات الغربية، يمنح روسيا فرصة لتنويع قدراتها التصديرية وفتح أسواق جديدة، حيث سجلت صادرات الغاز الطبيعي المسال الروسي في عام 2024 رقمًا قياسيًا بلغ 33.6 مليون طن، حيث استحوذت السوق الأوروبية على حوالي 17.4 مليون طن (52% من الإجمالي)، بينما ذهبت 45% من الصادرات إلى الأسواق الآسيوية، وتصدرت الصين واليابان قائمة المشترين.

 

تطمح روسيا إلى زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال إلى أكثر من 100 مليون طن بحلول عام 2035، وهو ما يتطلب وفقًا للخبراء إعداد أسواق جديدة لاستيعاب هذه الكميات، وفي هذا السياق، أكد خادجيمراد بلخاروييف، الأستاذ المشارك في معهد الاقتصاد العالمي والأعمال بجامعة الصداقة بين الشعوب، على أهمية تحديد خيارات تصدير الغاز إلى الدول الصديقة وبناء البنية التحتية اللازمة بشروط تحقق المنفعة المتبادلة.

نافذة لإمدادات الغاز الطبيعي المسال الروسي

وقد تفتح مصر، في المستقبل، نافذة لإمدادات الغاز الطبيعي المسال الروسي إلى أفريقيا، خاصة مع تنفيذ مشروع “مورمانسك” الروسي للغاز الطبيعي المسال، الذي سيوفر إمكانية الوصول إلى موارد إضافية عبر خط أنابيب رئيسي، ورغم تخفيض سعة المحطة المخطط لها من 20.4 مليون متر مكعب إلى 13.6 مليون متر مكعب، إلا أن المخاوف من عدم كفاية العقود لا تزال قائمة، مما يجعل من أفريقيا سوقًا بديلاً محتملاً في حال تراجع الطلب الأوروبي على الغاز الروسي.

 

ويرى بلخاروييف أن مصر تمتلك الإمكانات اللازمة لتصبح مركزًا إقليميًا لتداول الغاز الطبيعي المسال، قادرة على توزيعه في المنطقة بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك، يشدد الخبير على أن سوق الغاز الطبيعي المسال يبقى تحت سيطرة عدد محدود من الدول المنتجة، مما يفرض تحديات إضافية على أي دولة تسعى لتعزيز موقعها في هذا المجال.