جيش بلا رجال.. النساء في الخطوط الأمامية لإسرائيل مع تدهور قوة الجيش

في ظل أزمة نقص المجندين التي يعاني منها الجيش الإسرائيلي، نتيجة الحرب المستمرة، تتجه المؤسسة العسكرية نحو تعزيز دور النساء في الأدوار القتالية، حيث تشكل النساء اليوم نحو 21% من القوات المقاتلة، وهي واحدة من أعلى النسب عالميًا.

جيش بلا رجال.. النساء في الخطوط الأمامية لإسرائيل مع تدهور قوة الجيش
جيش بلا رجال.. النساء في الخطوط الأمامية لإسرائيل مع تدهور قوة الجيش

جيش الاحتلال يزج بالنساء في الخطوط الأمامية

وقد تجلى هذا التحول في مهمة إنقاذ حديثة في مدينة خان يونس، حيث استطاعت فرقة إنقاذ، معظم أفرادها من النساء، انتشال جثة جندي من تحت الأنقاض بعد ساعات من العمل، في مشهد يعكس التحول السريع في طبيعة المهام الموكلة للنساء داخل الجيش، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية.

إحدى الضابطات، التي تبلغ من العمر 25 عامًا وتشغل رتبة “رائد”، عبرت عن اندهاشها من هذه التحولات قائلة إنها لم تكن تتوقع قبل عام ونصف أن تقود وحدة قتالية داخل أراضي لبنان أو غزة.

قبل اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023، كانت مشاركة النساء في جيش الاحتلال الإسرائيلي تقتصر إلى حد كبير على مهام غير مباشرة مثل حراسة الحدود أو العمل في نقاط التفتيش، لكن مع بداية الحرب، تغيرت المعادلة وبدأت النساء يشاركن فعليًا في العمليات القتالية على جبهات غزة ولبنان وسوريا.

تشير الإحصاءات إلى أن امرأة واحدة من كل خمسة جنود مقاتلين اليوم هي أنثى، وهي نسبة تفوق ما هو قائم في العديد من جيوش الدول الغربية.

هذا التطور ساهم في تخفيف حدة أزمة نقص الأفراد التي يعاني منها الجيش الإسرائيلي، خاصة في ظل اعتماده الكبير على قوات الاحتياط من المدنيين.

ورغم هذه التطورات، لا تزال المساواة الكاملة بعيدة المنال، فقد قرر جيش الاحتلال مؤخرًا وقف برنامج تجريبي يهدف إلى دمج النساء في وحدات المشاة الرئيسية، وذلك بعد تعرض عدد من المتدربات لإصابات وفشلهن في استيفاء معايير اللياقة البدنية المطلوبة.

بالتوازي مع ذلك، يسعى الجيش إلى دفع رجال “اليهود الأرثوذكس المتشددين” للالتحاق بالخدمة العسكرية لتعويض النقص العددي الحاد، إلا أنهم يرفضون الالتحاق رغم الضغوط المجتمعية والقرارات القضائية الداعمة للتجنيد.

حل جزئي لتخفيف الضغط عن الذكور

في هذا السياق، يُنظر إلى دمج النساء في المهام القتالية كحل جزئي لتخفيف الضغط عن الرجال، لكنه لا يكفي وحده لتغطية النقص، خاصة أن العديد من الوحدات القتالية لا تزال مغلقة أمام النساء أو يهيمن عليها الذكور.

تاريخيًا، كانت إسرائيل من الدول الرائدة في إشراك النساء في جيشها، حيث شكلن قرابة ثلث أفراده.

بدأ تجنيد النساء منذ حرب 1948 بدافع الحاجة، إلا أن أدوارهن تقلصت لاحقًا حتى التسعينيات، عندما فُتحت أمامهن أبواب وحدات حرس الحدود وسلاح الجو.

اليوم، تُتاح للنساء أكثر من نصف الوظائف المصنفة قتالية، إلى جانب 90% من المناصب العسكرية بشكل عام.

تُعد إسرائيل من الدول القليلة التي تفرض الخدمة العسكرية الإلزامية على النساء عند بلوغ سن 18 عامًا، كما هو الحال مع الرجال.

ارتفعت نسبة النساء في الأدوار القتالية من 7% قبل عشر سنوات إلى 21% حاليًا، بدعم من توسيع الفرص وتزايد رغبة النساء في الالتحاق بالوحدات المقاتلة.

يعزو الخبراء هذا التوجه إلى ثلاثة عوامل رئيسية: الضرورة، والمساواة، والدافع الأيديولوجي، وهي جميعها تنطبق على الحالة الإسرائيلية

تُعتبر الوحدة القتالية التي تنتمي إليها الضابطة الإسرائيلية التي شاركت في عملية إجلاء جندي إسرائيلي قتيل في خان يونس نموذجًا على “الوحدات المختلطة”، حيث تشكل النساء نحو 70% من عناصرها، وتخطط المؤسسة العسكرية لتوسيع هذا النوع من الوحدات في المستقبل.

رغم استمرار الجدل حول تجنيد النساء في وحدات المواجهة، خاصة بسبب مخاوف تتعلق بالأسر أو تأثير ذلك على الانضباط ومعنويات الجنود الذكور والمتدينين، إلا أن انخراط الاحتلال منذ 7 أكتوبر في مواجهات على أكثر من جبهة وما مني به من خسائر أعاد التفكير في إشراك النساء في مهام قتالية لسد النقص العددي.