أثارت حركة الترقيات الأخيرة في وزارة البترول والثروة المعدنية، التي اعتمدها المهندس كريم بدوي وزير البترول، جدلًا واسعًا بين العاملين في القطاع، حيث تزايدت التساؤلات حول معايير الاختيار وفائدة تغيير القيادات دون حدوث تغييرات فعلية في الأداء.

مقال مقترح: محمد فريد يؤكد أن قانون التأمين الموحد يمثل نقلة نوعية في تطوير سوق التأمين المصري
ورغم إعلان الوزارة أن هذه الترقيات تهدف إلى تجديد الدماء وتحفيز الكفاءات القيادية، إلا أن الانتقادات ازدادت بسرعة، حيث أكد العديد من العاملين والمراقبين أن الحركة افتقدت إلى الشفافية والعدالة، وشهدت إعادة تدوير وجوه سبق أن تولت مناصب تنفيذية دون تحقيق نتائج ملموسة.
كفاءات مهمشة وتكليفات متراكمة
مصادر مطلعة من داخل القطاع، فضلت عدم الكشف عن هويتها، أكدت أن الترقيات الأخيرة كرست ظاهرة “تدوير المناصب” بين مجموعة محدودة من القيادات، حيث فشل البعض منهم في مهام سابقة ولم يحققوا أي تطور يُذكر في أداء شركاتهم، مما يثير تساؤلات حول أسباب الإصرار على استمرارهم في مواقع اتخاذ القرار.
وأوضحت المصادر أن هذا النوع من الترقيات يُقصي الكفاءات الشابة والمتوسطة التي لم تُمنح الفرصة لإثبات قدراتها القيادية، رغم امتلاكها للرؤية والخبرة الفنية والإدارية، وهذا يُعتبر إهدارًا صريحًا لرأس المال البشري في وقت يحتاج فيه القطاع إلى حلول غير تقليدية لمواجهة تحدياته المتراكمة.
ترقيات “تحت الطلب”
الأمر لم يقتصر على غياب الكفاءة، بل امتد إلى ما وصفه بعض العاملين بـ”ترقيات تحت الطلب” في عدد من الشركات التابعة للشركة القابضة للغازات الطبيعية “إيجاس”، حيث بدا أن الولاء الشخصي هو المعيار الأهم للترقية، وليس الكفاءة أو الخبرة.
وتداول العاملون أمثلة صارخة على هذا النمط، من بينها ترقية مساعد رئيس إحدى الشركات للشؤون المالية، على الرغم من أنه حاصل فقط على “معهد تعاون”، في مخالفة للوائح التي تشترط مؤهلًا جامعيًا مناسبًا – بكالوريوس تجارة قسم محاسبة – لشغل هذا المنصب، علمًا بأن المعني قضى سنوات خدمته السابقة في الشؤون الإدارية وليس المالية.
وفي شركة أخرى، تم تمرير حركة ترقيات من قبل لجنة كانت قد حُلّت رسميًا، ثم أعيد تشكيلها لاحقًا لإضفاء الطابع “القانوني”، وشملت الترقية أسماء من خارج إداراتهم الأصلية، مع استبعاد ممنهج لكل من سبق وقدم شكوى أو أبدى اعتراضًا على الأوضاع، بما في ذلك مديرو عموم يتمتعون بخبرة طويلة.
وفي تصعيد خطير، تم رصد محاولات لتشويه سمعة بعض العاملين عبر تقارير ملفقة، مما يعكس انزلاق آليات التقييم إلى أدوات تصفية حسابات شخصية ومؤسسية.
دعوات لمراجعة آليات الاختيار
مقال مقترح: توقعات بتخفيض سعر الفائدة من البنك المركزي الأوروبي للمرة الثامنة على التوالي
في المقابل، دعت أصوات من داخل القطاع إلى ضرورة مراجعة شاملة لمنظومة الترقيات والتكليفات، تعتمد على تقييم الأداء الفعلي والنتائج المحققة، مع وضع سقف زمني لتولي المناصب، بما يسمح بضخ دماء جديدة وتجديد أدوات الإدارة.
ويأتي هذا الجدل في وقت حساس يواجه فيه القطاع تحديات كبيرة في ملفات الإنتاج، وجذب الاستثمار، وإعادة هيكلة الشركات، وسداد المديونيات، مما يزيد من أهمية اختيار القيادات القادرة على إحداث تغييرات حقيقية لا مجرد شغل المناصب.
بينما تمثل الترقيات والتدوير سُنة تنظيمية طبيعية في أي مؤسسة، إلا أن غياب المعايير الموضوعية يُهدد بتكريس الجمود الإداري ويفقد القطاع قدرته على النهوض في واحدة من أكثر مراحله خطورة.