في قلب البحر المتوسط، انطلقت سفينة أسطورية تُدعى “مادلين”، تحمل على متنها 12 ناشطًا من مختلف أنحاء العالم، حيث تحدّوا الاحتلال الإسرائيلي في محاولة لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة، ورغم أن هذه المحاولة لم تُكلّل بالنجاح، بعد أن اعترضت قوات الاحتلال السفينة واعتقلت من كانوا على متنها، إلا أن “مادلين” التي سُمّيت على اسم الصيّادة الفلسطينية مادلين كُلاب، أصبحت رمزًا عالميًا للتضامن مع الشعب الفلسطيني.

شوف كمان: إسرائيل تهدد بريطانيا بالرد على عقوباتها ضد بن جفير وسموتيرتش
لكن من هي مادلين كُلاب، تلك الشابة التي ألهمت هؤلاء النشطاء وسُمّيت السفينة باسمها تكريمًا لصمودها ونضالها؟
مادلين كٌلاب.
مادلين كُلاب
بحسب تحالف “مساعدات غزة”، أُطلقت تسمية السفينة على اسم مادلين كُلاب، أول فتاة فلسطينية احترفت صيد الأسماك في قطاع غزة منذ عام 2011.
مقال له علاقة: تكساس تعزز وجود الحرس الوطني وسط تصاعد التوترات المتعلقة بالهجرة بعد لوس أنجلوس
بدأت مادلين مهنتها في سن الخامسة عشرة لإعالة أسرتها ومساعدة والدها المريض، وسرعان ما عُرفت بين الصيادين في القطاع بلقب بنت البحر.
كانت مادلين تُبحر في مياه غزة، تصطاد الأسماك وتبيعها في الأسواق لتوفير لقمة العيش لعائلتها.
وفي العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، استُشهد والدها، ودُمّرت قواربها ومستودعها الذي كانت تستخدمه مع زوجها لتخزين معدات الصيد، ما أدى إلى فقدان مصدر رزقهما بالكامل.
عرفت مادلين عن السفينة من إحدى صديقاتها الناشطات في إيرلندا، التي أخبرتها بأن الرحلة تهدف إلى كسر الحصار وإيصال المساعدات إلى غزة، تأثّر النشطاء بقصتها، وقرّروا إطلاق اسمها على السفينة تقديرًا لنضالها وثباتها.
مادلين كلاب.
قصة مادلين مع البحر
ورثت مادلين حب البحر والصيد عن والدها منذ سن الخامسة، وبدأت مهنتها في الصيد في سن الثالثة عشرة، رغم أن هذه المهنة كانت حكرًا على الرجال في قطاع غزة.
تعتبر مادلين نفسها “ابنة البحر”، وتقول إنه لم يكن خيارًا بل قدرًا، فاختارها البحر واحتضنها.
ورغم أن حلمها الأساسي كان أن تُصبح مصممة أزياء، كما ذكرت في مقابلة عام 2011، إلا أنها، وبعد مرض والدها، اتخذت القرار بالعمل في البحر لتأمين قوت يومهم بدلًا من اللعب واللهو مثل باقي الفتيات في سنّها، وبعدها أصبحت ملهمة لكثير من النساء، ومهدت الطريق لهن لإمتهان الصيد، وعلمت الكثير منهن تلك الحرفة.
اليوم مادلين هي أم لأربعة أطفال وحامل في الخامس، ورغم أن الاحتلال دمّر ما راكمته من جهدٍ على مدى سنوات من مراكب ومعدات، إلا أن قصتها باتت مصدر إلهام للنساء حول العالم، ونموذجًا حيًّا على صمود الغزيين ومثابرتهم في وجه الاحتلال وعدوانه وحصاره.