في زاوية نائية من مدينة مزدحمة، في منطقة المثلث بحي الأربعين بالسويس، يعيش طفل يُدعى عبد الله، الذي لم يتجاوز العشر سنوات، لكن ملامحه تحمل تعبًا يفوق عمره بكثير، لم يتعرف عبد الله على لهو الطفولة، ولم يركض في الشوارع مثل أقرانه، ولم يحمل حقيبة مدرسية أو يكتب اسمه في دفتر، كل ما عرفه هو الألم والمعاناة، وانتظار معجزة لم تأتِ بعد.

شوف كمان: الأعلى للجامعات يناقش معادلة الدرجات العلمية ويقدم التفاصيل الكاملة
معاناة صامتة
يعاني عبد الله من ورم ضخم في رقبته، ورم نما بصمت حتى أصبح عبئًا ثقيلاً على جسده الصغير، ومع مرور كل يوم يزداد حجمه، ومعه يزداد خوف الأم وضيق التنفس ووجع الرأس، والدوخة التي تسقط عبد الله فجأة، لا يعرف الطفل اسم المرض الذي يسكن رقبته، لكنه يدرك أنه السبب في بكاء أمه ليلاً، وسبب حرمانه من النوم والضحك والحياة.
أمٌ مكلومة
والدة عبد الله، سيدة بسيطة، لا تملك من الدنيا سوى ابنها وبعض الملابس المتناثرة في مسكن متواضع، ورجاء في قلبها لا ينطفئ، حاولت كثيرًا أن تجد من يساعد، طرقت أبواب الجمعيات، وسألت الجيران، وزارت مستشفى حكومي، لكنهم رفضوا استقباله لأنه غير مؤمَّن عليه، ولم يدخل عبد الله المدرسة يومًا، وبالتالي لا يمتلك رقم تأمين صحي، ما يعني أنه رسميًا لا يحق له أن يمرض.
استغاثة أم
تقول الأم، وهي تضع يدها على رأس ابنها وتكاد تبكي من العجز: “أنا مش طالبة فلوس، ولا أكل، أنا بس عايزة دكتور أورام أطفال يشوفه، بس كده، قبل ما الحالة تسوء أكتر”، كلماتها صادقة، نابعة من قلب أم ترى ابنها ينطفئ أمام عينيها ببطء، وهي لا تملك حتى حق الكشف الطبي.
نظرة أمل
عبد الله لا يشتكي، لا يتحدث كثيرًا، لكن نظرته تقول كل شيء، ملامحه شاحبة، وصوته خافت، لكنه يرفع عينيه نحو أي زائر وكأنه يسأل: “هل هناك أمل؟”
بداية الطريق
اليوم، كل ما تحتاجه الأسرة هو طبيب واحد فقط، يتكرم بالنظر لحالة عبد الله، طبيب أورام أطفال قادر على تحديد إن كان الورم خطيرًا، وإن كانت هناك فرصة للعلاج، حتى خطوة التشخيص لم تبدأ بعد، لأنه لا مال ولا تأمين ولا حتى وسيلة مواصلات تقله لمستشفى متخصص.
صرخة إنسانية
هذه ليست مجرد قصة تُروى، بل استغاثة إنسانية حقيقية، طفل يصرخ من الداخل، وأم تُنادي من الخارج، وبين الاثنين جدار من الصمت واللامبالاة.
شوف كمان: تدريبات مهنية وتوعية بالحقوق والواجبات في مواقع العمل بالدقهلية
وقفة إنسانية
إذا كنت طبيبًا، أو تعرف من يستطيع المساعدة، لا تتردد، فربما تكون أنت سببًا في إنقاذ حياة طفل ورسم ابتسامة على وجه أم أُرهِقت من الوجع، لا أحد يطلب معجزة، فقط وقفة إنسانية، لمساعدة عبد الله، فقط تواصل، فقد لا نجد فرصة ثانية.