حرب الطاقة وتأثيراتها على العالم جراء استهداف آبار الغاز والنفط

في تصعيد غير مسبوق، انتقل الصراع التقليدي بين إيران وإسرائيل من تبادل الضربات في الخفاء إلى حرب طاقة علنية، حيث طالت هذه الحرب منشآت حيوية في قلب قطاع الطاقة لدى الجانبين، مما يهدد الأمن الطاقوي الإقليمي والدولي، ومع تزايد المخاوف العالمية من اتساع رقعة الصراع إلى مضيق هرمز، الذي يعد الشريان الأهم لنقل النفط عالميًا.

حرب الطاقة وتأثيراتها على العالم جراء استهداف آبار الغاز والنفط
حرب الطاقة وتأثيراتها على العالم جراء استهداف آبار الغاز والنفط

استهداف حقل ليفياثان

أعلنت مصادر إيرانية عن استهداف حقل ليفياثان البحري، وهو أكبر منشآت الغاز الإسرائيلية، حيث تقدر احتياطياته بحوالي 22 تريليون قدم مكعب، ويُنتج الحقل نحو 1.2 مليار قدم مكعب يوميًا، أي ما يعادل 45% من الإنتاج الإسرائيلي، ويُستخدم الغاز المُنتج لتلبية احتياجات السوق المحلي، بالإضافة إلى تصديره إلى مصر والأردن ومن ثم إلى أوروبا.

وبحسب التقديرات، فإن الخسائر الأولية تجاوزت 200 مليون دولار، مع تحذيرات من إمكانية بلوغها مليار دولار إذا استمر توقف الإنتاج لفترة طويلة، وقد تم رصد تراجع في عمليات الضخ، كما تم تعليق الإنتاج جزئيًا في خطوط التصدير.

تهديد مواقع أخرى

لم يتوقف التصعيد عند حقل ليفياثان، بل امتد ليشمل مواقع استراتيجية أخرى:

حقل تمار: يُعتبر ثاني أهم الحقول، حيث يبلغ إنتاجه مليار قدم مكعب يوميًا، واحتياطياته تقدر بنحو 11 تريليون قدم مكعب

خطوط التصدير البحرية: تم رصد محاولات استهدافها بواسطة مسيّرات

محطة كهرباء دوراد: تنتج حوالي 850 ميجاوات وتعتمد على غاز “تمار” و”ليفياثان”

ميناء عسقلان ومحطة العزل: شهدتا انفجارات قريبة أدت إلى إغلاق وقائي

تبعات الاستهداف

أدى هذا الوضع إلى شلل جزئي في صادرات الغاز الإسرائيلي إلى مصر، وتوقف بعض مصانع الأسمدة ومحطات الكهرباء الإسرائيلية بشكل مؤقت، وقدّرت مصادر حجم الخسائر غير المباشرة في أول 72 ساعة بأكثر من 500 مليون دولار.

استهداف حقل “بارس” الإيراني

في رد نوعي، وسّعت إسرائيل هجماتها لتشمل حقل “بارس الجنوبي” الإيراني العملاق، الذي يُعتبر الأكبر عالميًا، ويشترك مع قطر في احتياطيات تُقدّر بـ1800 تريليون قدم مكعب، ويُنتج يوميًا ما بين 700 و750 مليون متر مكعب من الغاز.

أسفر الهجوم عن تعليق الإنتاج في منصة المرحلة 14، بما يعادل 12 مليون متر مكعب يوميًا.

واندلع حريق ضخم في مصفاة فجر جم، إحدى أكبر مصافي معالجة الغاز الإيراني، كما وقع هجوم قرب حقل بوشهر البري، القريب من منشأة نووية مدنية، مما زاد منسوب التوتر حول سلامة المواقع النووية الإيرانية.

ارتفاع أسعار النفط

تسبب التصعيد في ارتفاع أسعار النفط بنسبة 7% خلال ساعات، حيث تجاوز سعر برميل الخام 74 دولارًا، وتوقع محللون أن ترتفع أسعار البنزين في الولايات المتحدة بمقدار 20 سنتًا للغالون، مما يعيد ضغوط التضخم إلى الواجهة.

ويُعتبر الخطر الأكبر هو إمكانية امتداد التهديد إلى مضيق هرمز، الذي يمر عبره نحو ثلث إمدادات النفط العالمية، وقد صرح مصدر إيراني لوكالة “رويترز” بأن الهجمات قريبة للغاية من منشآت أميركية في قطر، محذرًا من تهديد مباشر لأمن الطاقة العالمي.

انعكاسات على مصر وأوروبا

أعلنت إسرائيل إغلاق حقل “ليفياثان” جزئيًا ووقف العمل في حقل “كاريش” أيضًا، مما أثر مباشرة على مصر التي تستورد الغاز منهما، وبدأت الحكومة المصرية في تنفيذ خطة طوارئ تضمنت تشغيل محطات الكهرباء بالمازوت ووقف إمدادات الغاز لمصانع الأسمدة مؤقتًا.

كما بدأت شركات أوروبية في مراجعة استثماراتها في الحوض الشرقي للمتوسط، وسط تساؤلات حول قدرة إسرائيل على تأمين منشآتها البحرية في ظل التهديدات المتزامنة من حزب الله والحوثيين وإيران.

السيناريوهات المحتملة

قد يؤدي استمرار التصعيد إلى تعطيل طويل الأمد للصادرات الإسرائيلية والإيرانية من الغاز، كما أن مزيد من الهجمات على المنشآت في الخليج قد تُشعل أسواق النفط والغاز عالميًا، في ظل هشاشة سلاسل الإمداد، ودخول أطراف دولية كبرى – مثل الولايات المتحدة – في خط المواجهة قد يرفع مستوى الصراع إلى ما بعد الإقليمي
يبدو أن خطوط الغاز أصبحت خطوط نار، ومع كل تصعيد، تقترب أسواق الطاقة العالمية من حافة اللااستقرار، وبينما تتحول الحقول من مصادر طاقة إلى أهداف عسكرية، يبقى السؤال الأهم: هل يستطيع العالم احتمال حرب على أنابيب الوقود؟