اليوم هو اليوم العالمي للعمال المنزليين، والذي يوافق الذكرى الرابعة عشرة لاعتماد أول معيار عمل دولي يقر بالرعاية المدفوعة الأجر داخل المنزل – العمل المنزلي – كنوع من أنواع العمل.

شوف كمان: نشاط وزارة العمل في 5 مديريات بالمحافظات: تدريب وتوعية وتسوية
تضم أفريقيا حوالي 9.6 مليون عامل وعاملة منزلية تجاوزوا سن الخامسة عشرة، ويعملون بصمت لإعالة عدد لا يُحصى من الأسر، كما يدعمون اقتصادات المدن والقرى والمجتمعات الريفية، وعلى مدار الساعة، يعمل هؤلاء العاملون لضمان رفاهية الأسر، لكن غالبًا ما يُغفل الاهتمام برفاههم الشخصي، خاصة في أوقات الأزمات.
من تداعيات جائحة كوفيد-19 والنزاعات المسلحة، إلى ضغوط التضخم وحالات النزوح الناجمة عن المناخ والكوارث الطبيعية مثل الجفاف أو الفيضانات، لا تزال الأزمات تلقي بظلالها على كاهل القارة الأفريقية.
كما تُفاقم هذه التحديات من حدة التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية، وتستنزف نظم الحماية الاجتماعية غير القوية من الأساس.
يُعتبر العاملون المنزليون – ومعظمهم من النساء – من الفئات الأكثر تضررًا، ففي أوقات الأزمات، غالبًا ما يكونون أول من يفقدون وظائفهم، وآخر من يحصلون على الدعم، وأقل من يتمتعون بالحماية الاجتماعية، كما يواجه عمال المنازل المهاجرين وذوي الإعاقة مخاطر متزايدة من الاستغلال والتمييز.
اقرأ كمان: موعد ظهور نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 بالدقهلية برقم الجلوس
ولكن في مواجهة الأزمات، يواصل هؤلاء العاملون تقديم الرعاية، فهن يطهون الطعام للآخرين بينما يتجاوزون وجباتهم الخاصة، يعتنون بالأطفال والمسنين والأشخاص ذوي الإعاقة بتفانٍ، رغم المخاطر التي تهدد أمنهم، فإن عملهم حيوي، ليس فقط للأسر التي يقدمون لها الرعاية، بل للاقتصاد ككل.
في أفريقيا، تُعد الرعاية والعمل المنزلي جزءًا أساسيًا من قدرتنا على البقاء والصمود، تشير التقديرات إلى أن 15.8% من العاملات بأجر في أفريقيا يعملن في القطاع المنزلي.
ومع ذلك، هذا العمل الحيوي لا يحظى بالتقدير الكافي، وغالبًا ما يكون الأجر منخفضًا، فالعديد من العاملين في هذا المجال يعملون في القطاع غير المنظم، بدون عقود مكتوبة، أو ضمانات للحد الأدنى للأجور، أو تأمين صحي، أو إعانات بطالة.
وفي بعض الدول الأفريقية، لا تشملهم قوانين العمل الوطنية، وفي دول أخرى، يكون تطبيق القوانين ضعيفًا أو غائبًا، ففي ظل غياب إجازة أمومة، رعاية صحية، أو ظروف عمل آمنة، يُطلب من العاملات المنزليات تقديم الرعاية للآخرين بينما لا يتم تلبية احتياجاتهن الخاصة من الرعاية.
ولكن هناك طريق أفضل للمضي قدمًا، يمكن للحكومات الأفريقية اتخاذ خطوات نحو التصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية (رقم 189) لعام 2011 بشأن العمال المنزليين وتنفيذها، وضمان تضمين مبادئها في التشريعات الوطنية.
حتى الآن، لم يصادق عليها سوى سبع دول أفريقية فقط، يمكننا، ويجب علينا، أن نبذل المزيد من الجهد
علاوة على ذلك، يمكن للحكومات سنّ تشريعات تكفل حصول العاملين والعاملات المنزليين على الحد الأدنى للأجور، كما يمكن للنقابات العمالية تنظيم العاملين في هذا القطاع لطلب المزيد من الحماية القانونية.
يمكن أيضًا لأصحاب العمل أن يتضامنوا من خلال دفع أجور عادلة وتوفير ظروف عمل لائقة، وفي الوقت نفسه، يجب على المجتمعات أن تعترف بأهمية العمل المنزلي والرعاية كجزء من الاقتصاد، وليس فقط كمسألة خاصة تقتصر على المنازل.
إن جعل العمل المنزلي عملاً لائقًا ليس فقط الشيء الصحيح الذي يجب القيام به، بل هو استثمار استراتيجي في صحة وأمن وصلابة المجتمعات الأفريقية، وفي هذا اليوم العالمي للعاملين والعاملات المنزليين، دعونا نُجدد التزامنا بجعل الرعاية في صميم استجابتنا للأزمات، والتعافي منها، والإصلاح، فعندما يحظى العاملون والعاملات المنزليون بالحماية والتقدير والاحترام، فإن مجتمعاتنا بأسرها تزدهر.