تقرير حول الصكوك السيادية كأداة تمويل لخفض الدين وجذب المستثمرين

تعتزم مصر طرح صكوك متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وذلك بهدف تعزيز الاستفادة من أدوات التمويل الإسلامية، وتنويع مصادر التمويل لتخفيف عبء عجز الموازنة، وقد شهدت الصكوك نموًا ملحوظًا في السوق، لتمويل المشروعات الكبرى، سواء كانت عقارية أو صناعية أو خدمية.

تقرير حول الصكوك السيادية كأداة تمويل لخفض الدين وجذب المستثمرين
تقرير حول الصكوك السيادية كأداة تمويل لخفض الدين وجذب المستثمرين

تتميز هذه الصكوك بانخفاض حجم المخاطر وطول آجال التمويل، مما يجعلها جذابة لفئات جديدة من المستثمرين الذين يبحثون عن بدائل تمويل تتماشى مع الشريعة.

تستهدف الحكومة المصرية إصدار صكوك سيادية في الفترة المقبلة لجذب شريحة من المستثمرين الذين يفضلون التعامل من خلال الصكوك المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، سواء في الخليج أو خارجه.

في هذا السياق، أصدر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قرارًا جمهوريًا يوم الثلاثاء الماضي بتخصيص قطعة أرض بمساحة 174 مليون متر مربع من المساحات المملوكة للدولة ملكية خاصة في البحر الأحمر لصالح وزارة المالية، لاستخدامها في خفض الدين العام للدولة وإصدار الصكوك السيادية

إصدار تاريخي بقيمة 1.5 مليار دولار

في عام 2023، أصدرت وزارة المالية المصرية أول صكوك إسلامية سيادية دولارية بقيمة 1.5 مليار دولار، محققة معدل تغطية تجاوز أربعة أضعاف قيمة الطرح، بعد أن بلغت طلبات الاكتتاب 6.1 مليار دولار، مما يعكس ثقة المستثمرين العالميين في الاقتصاد المصري، رغم التحديات الإقليمية والدولية.

أداة لمواجهة عجز الموازنة

مع استمرار الضغوط الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية، وتراجع عوائد السياحة، والانخفاض المؤقت في دخل قناة السويس، لجأت الحكومة المصرية إلى إصدار الصكوك بالجنيه لتمويل عجز الموازنة، وأعلنت وزارة المالية نيتها طرح أول صكوك إسلامية محلية خلال الربع الأول من عام 2025، في إطار خطة متكاملة لزيادة الموارد.

في هذا السياق، نجحت شركة الأهلي فاروس – الذراع الاستثمارية للبنك الأهلي المصري – في إدارة أول إصدار لصكوك مشاركة بقيمة 2.8 مليار جنيه لصالح شركة باب مصر للتطوير العمراني، مما يمثل نقطة انطلاق حقيقية لهذا النوع من التمويل داخل السوق المحلية.

دور البنوك في هيكلة الإصدارات

أسندت وزارة المالية المصرية خلال الشهر الماضي مهمة إدارة إصدار الصكوك السيادية المقبلة إلى خمسة بنوك محلية، بقيمة تتراوح بين مليار و1.5 مليار دولار، في إصدار مرتقب خلال الربع الثاني من 2025.

تلعب البنوك ثلاثة أدوار رئيسية في عملية إصدار الصكوك:

وكيل الإصدار: حيث يتولى مسؤولية إدارة الطرح نيابة عن الجهة المصدرة

مشتري الصكوك: حيث تدخل البنوك أو مؤسسات مالية كبرى كمستثمرين

أمين الاستثمار: جهة رقابية لحماية حقوق حملة الصكوك، ومتابعة استخدام حصيلة الطرح

تنسيق مع صندوق النقد

وسط سعي الحكومة لتقليص العجز وتحقيق الاستقرار المالي، حث صندوق النقد الدولي مصر على ترشيد الإنفاق على المشروعات العامة، وفتح المجال أمام القطاع الخاص، وبالفعل، حددت الدولة سقفًا للإنفاق العام عند تريليون جنيه سنويًا، لأول مرة في تاريخها.

صرّح الدكتور أحمد كجوك، نائب وزير المالية، بأن الوزارة تعمل على توسيع نطاق أدوات السياسات المالية، بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعزيز تنافسية الاقتصاد.

توقعات بعجز أقل

أظهرت بيانات وزارة المالية تراجع العجز الكلي في الموازنة إلى 2.12% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول من العام المالي الجاري 2024-2025، مقارنة بـ3.26% في نفس الفترة من العام الماضي، مدعومًا بزيادة الإيرادات وتحسن المؤشرات الاقتصادية.

وتستهدف مصر خفض عجز الموازنة إلى 7.3% بنهاية العام المالي الجاري، بعد أن سجلت 3.6% في العام المالي السابق.

نافذة للتمويل النظيف والجاذب

تُعد الصكوك الإسلامية أحد أهم الموارد المالية التي تلائم احتياجات شريحة واسعة من المستثمرين والمؤسسات التي تبحث عن أدوات متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وتوفر في ذات الوقت سيولة مرنة للدولة دون اللجوء إلى أدوات الدين التقليدية ذات الطابع الربوي.

مع توسع الدولة في هذا النوع من التمويل، وتزايد إقبال القطاع المصرفي المحلي والعربي، تفتح الصكوك الإسلامية آفاقًا جديدة أمام مصر لتنويع أدواتها التمويلية وتعزيز ثقة المستثمرين في الاقتصاد الوطني.