43% من البنوك المركزية تخطط لزيادة احتياطيات الذهب لمواجهة الأزمات

يُعتبر الذهب من أبرز الملاذات الآمنة التي تلجأ إليها البنوك المركزية العالمية خلال فترات الأزمات الاقتصادية والكوارث، حيث تسعى هذه البنوك إلى ربط عملاتها بسلة من العملات الأخرى إلى جانب الذهب، لتفادي تأثيرات تقلبات سعر الدولار سواء بالارتفاع أو الانخفاض، كما يُستخدم الذهب كاحتياطي يلجأ إليه المستثمرون في الأوقات الحرجة باعتباره معدنًا ثمينًا.

43% من البنوك المركزية تخطط لزيادة احتياطيات الذهب لمواجهة الأزمات
43% من البنوك المركزية تخطط لزيادة احتياطيات الذهب لمواجهة الأزمات

في الآونة الأخيرة، اتجهت العديد من البنوك المركزية نحو شراء كميات كبيرة من الذهب لتعزيز احتياطياتها ودعم سلال العملات، وذلك في ظل تسارع الأحداث العالمية، خاصة بعد الحرب الإسرائيلية الإيرانية وما نتج عنها من تداعيات سلبية على الاقتصاد العالمي في الأشهر الأخيرة.

لقد قامت البنوك المركزية بزيادة مكون الذهب ضمن احتياطياتها الدولية بشكل ملحوظ، للاستفادة من خصائص المعدن الأصفر كوسيلة فعالة للتحوط ضد تقلبات العملات.

كشف تقرير صادر عن الرابطة العالمية للذهب أن 43% من البنوك المركزية تعتزم زيادة احتياطياتها من الذهب خلال العام المقبل، مقارنة بـ29% فقط في العام الماضي، وهو ما يُعتبر أعلى معدل منذ ثماني سنوات.

توجه متزايد نحو الذهب

يعكس هذا الاتجاه المتزايد ثقة البنوك في الذهب كأصل آمن، نظرًا لأدائه القوي خلال الأزمات وقدرته على التحوط من التضخم، بالإضافة إلى أن التوترات الجيوسياسية المتزايدة قد ساهمت في تسريع وتيرة الشراء، حيث استمرت البنوك المركزية في شراء أكثر من 1000 طن من الذهب سنويًا على مدى السنوات الثلاث الماضية.

يستفيد الذهب أيضًا من تراجع مكانة الدولار كأصل احتياطي عالمي، حيث تزايدت المخاوف من اتساع العجز المالي الأميركي ومخاطر سياسية واقتصادية أخرى، ورغم ذلك لا يزال الدولار يحتفظ بمكانته المهيمنة، إلا أن البنوك المركزية تراقب الأسواق الأميركية بحذر دون التسرع في استبداله بالذهب.

في هذا السياق، أشار ماجد فهمي، الخبير المصرفي والأوراق المالية، إلى أن البنوك المركزية وضعت خطة استراتيجية طموحة للحفاظ على رصيد كبير من الذهب بهدف دعم احتياطياتها النقدية، مضيفًا أن هذه البنوك تكثف عمليات شراء الذهب كملاذ آمن في ظل الأحداث العالمية المتسارعة وما نتج عنها من تداعيات سلبية على الاقتصاد.

وأوضح الخبير، في تصريحات خاصة لموقع «نيوز رووم»، أن البنوك المركزية تدعم احتياطياتها النقدية من خلال زيادة مكونات الذهب بشكل كبير، للاستفادة من خصائص المعدن الأصفر كوسيلة فعالة للتحوط ضد تقلبات العملات.

الذهب كملاذ آمن للمستثمرين

أضاف الخبير المصرفي أن الذهب يُعتبر ملاذًا آمنًا للمستثمرين في أوقات الأزمات، نظرًا لأنه لا يرتبط باستخدام معين ولا يدخل في صناعات محددة، مما يجعله احتياطيًا يلجأ إليه المستثمرون عند الحاجة، مشيرًا إلى أن البنوك تعمل على ربط عملاتها بسلة من العملات الأخرى بجانب الذهب لتفادي تأثيرات تقلبات سعر الدولار.

في سياق آخر، أشار هاني أبوالفتوح، الخبير الاقتصادي، إلى أن فرض رسوم جديدة على بعض السلع المستوردة سيؤدي إلى ارتفاع أسعار هذه السلع، متوقعًا أن تصل أسعار الذهب إلى 3400 دولار خلال الأشهر المقبلة في حال استمر الوضع الاقتصادي غير المستقر.

أوضح أن الذهب يُعتبر الملاذ الآمن الذي يلجأ إليه المستثمرون في الأوقات الصعبة، مضيفًا أن المستثمرين في الوقت الراهن يفضلون الاحتفاظ بالذهب لأنه يحافظ على قيمته.

كما أشار إلى أن توجه البنوك المركزية لزيادة احتياطياتها من الذهب يعود لعدة عوامل، أبرزها التحوط من ارتفاع الأسعار وتذبذب الأوضاع الاقتصادية في العديد من الدول.

يرى أن توجه البنك المركزي الأميركي «الاحتياطي الفيدرالي» نحو خفض أسعار الفائدة سيعزز الطلب على الذهب بشكل كبير.

لفت إلى أن العديد من الدول، مثل الصين وتركيا والهند، قد زادت احتياطياتها من الذهب بشكل كبير بهدف تقليل اعتمادها على الدولار في تعاملاتها.

وفقًا لتقرير حديث صادر عن بنك جولدمان ساكس في ديسمبر 2024، يتوقع أن تصل أسعار الذهب إلى 3000 دولار للأونصة بحلول نهاية عام 2025، حتى مع استمرار قوة الدولار الأميركي، وتراجع أسعار الفائدة من البنك الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى، بالإضافة إلى الطلب المستمر على الذهب من البنوك المركزية العالمية، كما أن التوترات الجيوسياسية المستمرة تزيد من جاذبية الذهب كملاذ آمن.

قامت مؤسسة جولدمان ساكس بتحديث توقعاتها للذهب العالمي لعام 2025، حيث تتوقع الآن أن تصل الأسعار إلى 3000 دولار للأونصة بحلول منتصف عام 2026، بعد أن كانت التوقعات السابقة تشير إلى الوصول لهذا المستوى في 2025، وذلك بعد فشل الذهب في تحقيق هدف السعر بحلول نهاية عام 2024.

يتوقع البنك الاستثماري أن ينهي الذهب عام 2025 عند حوالي 2900 دولار للأونصة، مع توقعات للوصول إلى 3000 دولار لاحقًا وسط تخفيضات أسعار الفائدة الأبطأ من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي.

استمرت أسعار الذهب في الارتفاع منذ يوم الاثنين الماضي، متجاوزة 3100 دولار للأوقية، مسجلة مستوى قياسيًا جديدًا، بعد أن عززت حالة عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية الأميركية الطلب على المعدن الأصفر كملاذ آمن، مما وضعه على مسار أقوى ربع سنوي له منذ عام 1986.

يتوقع بنك أوف أميركا الآن أن يبلغ متوسط سعر الذهب 3063 دولارًا للأونصة هذا العام، و3350 دولارًا في عام 2026.