أوصت دراسة للجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس الشيوخ بضرورة وضع رؤية شاملة لإعادة هيكلة كليات التربية بالجامعات، بهدف تطوير منظومة إعداد المعلمين وتحقيق التكامل بين مخرجات التعليم واحتياجات السوق، مشيرة إلى وجود فجوة كبيرة بين واقع كليات التربية الحالية ومتطلبات إعداد المعلم، في ظل التحولات العالمية وسوق العمل المحلي والدولي
.

مقال مقترح: مدبولي يزور أول مصنع لإنتاج أجهزة السونار في مصر والشرق الأوسط
وقف القبول بكليات التربية
فيما يتعلق بكليات التربية الحالية، اقترحت الدراسة عدم قبول طلاب من الثانوية العامة، بحيث تقتصر الدراسة بها على مجال الدراسات العليا، مثل جامعة ستانفورد الأمريكية أو جامعة القاهرة، أي تتبع النمط التتابعي، كما تصبح مركزاً للتدريب والاستشارات المرتبطة بإعداد المعلم، مما يعني أنها ستكون الجهة المعنية بتقديم التنمية المهنية للمعلمين وبرخصة مزاولة المهنة، وأكدت أنه في حال قررت أي من كليات التربية التحول إلى دراسات عليا فقط، يمكن أن تحدد فترة انتقالية تتراوح من ثلاثة إلى خمسة أعوام لتوفيق أوضاعها، وذلك لإنهاء اللوائح القديمة، بما فيها اللائحة الموحدة التي بدأ تطبيقها في العام الأكاديمي 2023 – 2024، ومن المتوقع أن تتخرج أولى الدفعات التي درست بهذا النظام بعد عامين.
من نفس التصنيف: مفاعل ديمونة والتهديدات بالقصف ومخاطر التسريب الإشعاعي على مصر والدول المجاورة
تقليص سنوات الدراسة بكلية التربية.
واصلت “نيوز رووم” التواصل مع مصدر مطلع بالمجلس الأعلى للجامعات، حيث أكد أن لجنة قطاع كليات التربية بالمجلس أعادت طرح تقليص سنوات الدراسة بالكلية، بعد المقترح السابق لتقليص سنوات الدراسة إلى ثلاث سنوات وسنة تدريب ميداني بدلاً من أربع سنوات، وذلك بنظام الساعات المعتمدة لمواجهة العجز في عدد المعلمين.
تقليص سنوات الدراسة في كليات التربية
المقترح الذي قدمته لجنة قطاع كليات التربية بالمجلس شهد اعتراضات كبيرة من الناحية التشريعية، وطالبت لجنة التعليم بالبرلمان بتعديلات عليه.
وأضاف المصدر أن المقترح يحتاج إلى إعادة تقييم لجميع البرامج، موضحاً أنه حتى الآن لم يحدث تقليص لسنوات الدراسة بكليات التربية، مشيراً إلى وجود عزوف كبير عن الإقبال على كليات التربية بسبب سنوات الدراسة، وهو ما تعمل عليه اللجنة الآن بوجود آليات حديثة لتقليص السنوات إلى ثلاث بدلاً من أربع وسنة تدريب ميداني.
وأكد المصدر أن خطة التطوير الجديدة للكليات النظرية، وعلى رأسها التربية، ستكون مفيدة من الناحية التعليمية، حيث سيتخرج الطلاب مسلحين بأحدث البرامج والنظم التعليمية ونظم التدريب، خاصة الميداني منها.
الآلاف من الخريجين بكليات التربية
تجدر الإشارة إلى وجود الآلاف من خريجي كليات التربية دون عمل، فيما تتمثل الأزمة في عدم توفر الموارد المالية لتعيين معلمين جدد، رغم أن العجز في المدارس وصل إلى 650 ألف معلم، كما أن تكليف خريجي كليات التربية بتوزيعهم مباشرة على المدارس بعد تخرجهم متوقف منذ التسعينيات، حيث يتم تعيين المدرسين الجدد وفق إعلانات التعيين أو الاختبارات.
وأشارت الدراسة إلى أنه في حالة إنشاء كليات تربية جديدة، يجب أن تقتصر على النمط التتابعي، وتسمى كليات التربية للدراسات العليا والتدريب، وبالتالي تقدم برامج دراسات عليا متخصصة، أو تتبنى نماذج برامج تكاملية، بالتعاون مع كليات أخرى، بما يدمج البعد الأكاديمي مع التربوي، وتكون الدراسة فيها وفق ثلاثة مسارات على النحو التالي:
– الدبلوم العام التربوي (عام/عامان) يستهدف خريجي الجامعات من التخصصات المختلفة، ويتضمن عاماً أول للدراسة النظرية، وعاماً ثانياً للتدريب الميداني داخل المدارس.
– الدبلومات المهنية والخاصة تمهيدي (ماجستير): تخصص للباحثين عن التطوير المهني والانتقال للماجستير.
– مسار الماجستير والدكتوراه: يستمر كما هو في كافة فروع التربية.
استطلعت “نيوز رووم” آراء عدد من الأكاديميين حول توصية لجنة التعليم بمجلس الشيوخ، وما يرونه حول الدراسة في كليات التربية بالجامعات.
تساءل الدكتور وائل كامل، الأستاذ بجامعة حلوان، عن التوصية الصادرة من لجنة التعليم بمجلس الشيوخ، قائلاً: “في الوقت الذي يصل فيه عدد المعلمين إلى نحو 665 ألف معلم بحسب تصريحات وزير التربية والتعليم، وفي ظل الاعتماد على معلمين بالحصة قد لا يمتلك بعضهم الكفاءة والمهارات اللازمة للتدريس، إضافة إلى الاستعانة بمعلمين من أصحاب المعاشات، ممن قد لا تتوافق حالتهم الصحية مع متطلبات مهنة التدريس، ويستعينون بالطلاب وقت التدريب الميداني كمدرسين بالمدارس لسد العجز، وهم يفتقدون الخبرة، ومع كل ذلك يُطلب وقف القبول بكليات التربية بناءً على قياس ما سبق، ويقال إن هناك ضعفا بخريجي كليات التربية ومؤهلاتهم لا تتفق مع احتياجات سوق العمل.”
وأشار إلى أن الادعاء بوجود فجوة بين أعداد خريجي كليات التربية واحتياجات سوق العمل، يتناسى أن هذا السوق تم التلاعب به، حيث جرى تعديل مناهج التربية والتعليم بالحذف والإضافة دون الرجوع إلى كليات التربية وخبرائها، وتم تعديل نظم التقييم والاستعانة بالتابلت والبابل شيت وأسئلة الاختيار من متعدد التي أثبتت فشلها، دون الاستماع لرأي خبراء كليات التربية الذين بح صوتهم بالجهر أن ما يحدث يضر العملية التعليمية، متسائلاً عن دور برامج التنمية المهنية المستدامة للمعلمين والخريجين، وتجاهل أن هذه البرامج مسؤولية مشتركة بين كليات التربية ووزارة التربية والتعليم والمؤسسات التعليمية.
كما أبدى كامل استغرابه من المقارنات بين خريجي كليات التربية في مصر ونظرائهم من خريجي جامعات مثل ستانفورد وأكسفورد، متغافلين الفارق الكبير في موازنات التعليم والبحث العلمي وأولويات الحكومات، التي تختلف ما بين حكومات تهتم بالبشر وأخرى تهتم بالحجر، ويتجاهلون مقارنه رواتب أعضاء هيئة التدريس في تلك الكليات وإمكانيات الكليات ومعاملها ومكتباتها، والبيئة الداعمة للتطوير المهني المستمر، قائلاً: “قد يكون من الضروري تطوير المسارات التخصصية داخل كليات التربية، لكن من خلال هذه الكليات نفسها وبما يتوافق مع طبيعتها وأدوارها.. أما نظام التعليم بالساعات المعتمدة، فهو مجرد هيكل تنظيمي لا علاقة له بمحتوى المناهج ذاتها، وبالفعل كل كليات مصر بدأت بتطبيق نظام التعليم بالساعات المعتمدة.”
وأوضح أن طرح “رؤية لكليات التربية” ليست جديدة، فقد سبق أن طُرحت فكرة تحويل كليات التربية إلى كليات دراسات عليا فقط في عهد الدكتور هاني هلال، وزير التعليم العالي الأسبق، وتم التراجع عنها لما تحمله من أضرار جسيمة على مستقبل التعليم، واليوم تُعاد صياغة نفس الفكرة وكأنها إنجاز جديد، في حين أنها قد تكون مجرد استجابة لأهواء لا تخدم مصلحة التعليم ولا الوطن.
من جانبه، قال الدكتور عبد العزيز حسن، الأستاذ بجامعة بنها والأمين العام لنادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة بنها، إن إصلاح التعليم يحتاج إلى حوار مجتمعي أولاً، وليس عيباً الاعتماد على الدراسات العلمية، فالعلم أساس تقدم الشعوب، لكن لابد من الرجوع إلى أهل التخصص وهم علماء كليات التربية، مشيراً إلى أنه لوحظ في الفترة الأخيرة تغيير المسميات دون حوار مجتمعي، مثل ما حدث في كليات التربية الرياضية وتحويلها إلى كليه علوم الرياضة.
وتساءل الأستاذ بجامعة بنها قائلاً: “هل خريجو كليات علوم الرياضة الآن يتساوون بكليات التربية أم يحتاجون إلى الدبلومة التربوية مع العلم أنهم يدرسون علم التربية والمناهج وطرق التدريس؟”، مؤكداً أنه لابد من الرجوع إلى أهل العلم، واقتراح تغيير المسمى لكليه الدراسات العليا والتدريب بدلاً من كليات التربية، يدعو إلى سؤال آخر، وهو من الذي سيلتحق بالدراسات العليا بعد توصية لجنة التعليم بمجلس الشيوخ بإيقاف التحاق طلاب الثانوية العامة بكليات التربية، موضحاً أن الملفات المتعلقة بالتعليم قضية أمن قومي تحتاج إلى مزيد من الدراسة من أهل العلم والتخصص بالجامعات.