أعلنت الهيئة العامة للرعاية الصحية، بالتعاون مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (JICA)، عن إطلاق مشروع التعاون الفني “الرعاية الصحية المرتكزة على المريض لتحقيق التغطية الصحية الشاملة” (E-PaCC) بشكل رسمي.

مقال له علاقة: عمرو أديب ينفي تصريحاته حول غلق قناة السويس ويعتبر اجتزاء كلامه مصيبة لن يسكت عنها
المنظومة الصحية في مصر
أشاد الأستاذ الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحية والوقائية، بدور دولة اليابان في دعم القطاع الصحي المصري، مؤكدًا أنها شريك رئيسي في مسيرة تطوير المنظومة الصحية في مصر.
الرعاية الصحية الأولية
أوضح أن التعاون مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (JICA) يُعتبر نموذجًا ناجحًا للشراكة التي تعتمد على تبادل المعرفة والخبرة، حيث ساهمت المشاريع المشتركة في تعزيز جودة الخدمات الصحية، وتدريب الكوادر الطبية، ودعم البنية التحتية للمنشآت، خاصة في مجال الرعاية الصحية الأولية.
منظومة التأمين الصحي الشامل
أضاف: “إن ما تحقق من تقدم في منظومة التأمين الصحي الشامل، والخطوات المتقدمة نحو تحقيق التغطية الصحية الشاملة، جاء بالتزامن مع جهود مستمرة لرفع كفاءة وفاعلية النظام الصحي المصري، وهي عناصر أساسية لتحقيق أهدافنا في تقديم خدمات صحية متكاملة وآمنة، تتماشى مع المعايير الدولية وتلبي احتياجات المواطنين”
أكد الدكتور أحمد السبكي، رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية والمشرف العام على مشروع التأمين الصحي الشامل، أن هذا المشروع يُعتبر محطة استراتيجية في مسار التحول الصحي في مصر، وخطوة جديدة لترسيخ نموذج الرعاية الصحية المرتكزة على المريض كأحد أهم ركائز التغطية الصحية الشاملة، مما يعكس التزام الدولة بتعزيز مبادئ الجودة والكرامة والعدالة داخل منظومتها الصحية.
وأشار إلى أن المشروع يعتمد على شراكة مثمرة وطويلة الأمد مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (JICA)، بدأت منذ عام 2018 من خلال مشروع “تحسين الجودة بالمستشفيات العامة” (EH-QIPS)، حيث تم تطبيق نماذج الجودة اليابانية (5S، KAIZEN) في 50 مستشفى عام، وتدريب أكثر من 1200 من مقدمي الخدمة الصحية على الحوكمة وسلامة المرضى، مما ساهم في خفض معدلات الضرر بنسبة وصلت إلى 40%، وترسيخ ثقافة مؤسسية تضع المريض في محور التطوير.
وأضاف أن مشروع E-PaCC، والذي يمتد حتى عام 2027، يهدف إلى توسيع تطبيق نموذج الرعاية المرتكزة على المريض ليشمل 20 مستشفى، و10 محافظات، وأكثر من 500 وحدة ومركز رعاية أولية، مما يعزز من تكامل الخدمة على كافة مستوياتها، ويرفع من كفاءة التجربة العلاجية للمنتفعين.
أوضح الدكتور أحمد السبكي أن المشروع يتضمن إدخال أدوات مبتكرة لضمان تحسين جودة الرعاية وتجربة المنتفع، من بينها “حوار رحلة المريض” (PJD) الذي يتيح فهمًا دقيقًا لمسار الرعاية من وجهة نظر المريض، مما يساعد على تحسين نقاط التواصل داخل المنشأة الصحية وزيادة الرضا، بالإضافة إلى تفعيل منظومة “الإبلاغ عن الحوادث المتغيرة” (OVR)، التي تُتيح رصدًا لحظيًا لحوادث السلامة الصحية وتحليل أسبابها بشكل وقائي، مما يعزز ثقافة استباقية لإدارة المخاطر داخل المنشآت الصحية.
أعلن رئيس الهيئة عن إطلاق شراكة توأمة استراتيجية بين مجمع الإسماعيلية الطبي التابع للهيئة ومركز ناغويا الطبي في اليابان، مما يتيح تبادل الخبرات وتوطين أفضل الممارسات الإكلينيكية داخل منشآت الهيئة، وتقديم خدمات طبية قائمة على أعلى المعايير الدولية للجودة.
أكد الدكتور السبكي أن مفهوم الرعاية المرتكزة على المريض لم يعد مجرد شعار، بل أصبح جزءًا لا يتجزأ من الهوية التشغيلية للهيئة، يتم تفعيله من خلال التمكين الرقمي عبر أنظمة ذكية وسجلات طبية إلكترونية وتشخيصات مدعومة بالذكاء الاصطناعي، مما يتيح للمرضى القدرة على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن حالتهم الصحية، كما يرتكز هذا المفهوم على إرساء الحقوق الصحية من خلال تفعيل ميثاق حقوق المريض المصري الذي يضمن الشفافية والمشاركة في القرار العلاجي، فضلًا عن بناء ثقافة للسلامة والحوكمة من خلال وحدات متخصصة للحوكمة الإكلينيكية داخل المنشآت، إلى جانب فرق لمتابعة رضا المنتفعين وتحليل التغذية الراجعة لتحسين جودة الخدمات.
ثمّن الدكتور أحمد السبكي البرامج التدريبية المستمرة التي أُتيحت للكوادر الطبية والإدارية التابعة للهيئة في اليابان، مؤكدًا أن تلك البرامج أسهمت بشكل كبير في صقل المهارات وتوسيع آفاق المعرفة وتعزيز قدرة الفرق المصرية على قيادة التغيير المؤسسي داخل منظومة الرعاية الصحية.
أشار إلى أن المرحلة الأولى من تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل أحدثت تغييرًا جذريًا في نموذج تقديم الخدمة في ست محافظات، هي بورسعيد، الإسماعيلية، السويس، جنوب سيناء، الأقصر، وأسوان، حيث تم تقديم أكثر من 70 مليون خدمة طبية لأكثر من 5 ملايين مواطن عبر منشآت صحية مطورة رقميًا وبنية تحتية حديثة، وقد تم تطوير 336 منشأة صحية حصل منها أكثر من 80% على اعتماد الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، كما حصلت مستشفيان على الاعتماد الدولي من اللجنة المشتركة الدولية (JCI)، وهما مستشفى شرم الشيخ الدولي ومجمع الإسماعيلية الطبي، وقد تُوّجت تلك الإنجازات بحصول الهيئة العامة للرعاية الصحية على الميدالية الذهبية من الاتحاد الدولي للمستشفيات عن التميز في التأثير الاجتماعي والبيئي.
لافتًا أن المرحلة الثانية من المشروع مقرر أن تبدأ خلال العام المالي الجديد 2026/2025 والتي ستشمل محافظات “مطروح، دمياط، كفر الشيخ، المنيا، وشمال سيناء”، بإجمالي 534 وحدة رعاية صحية أولية و30 مستشفى مطورة تضم أكثر من 10,500 سرير، والتي ستخدم أكثر من 12 مليون مواطن.
أكد الدكتور أحمد طه، رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية (GAHAR)، أن الرعاية المتمركزة حول المريض لم تعد خيارًا، بل أصبحت معيارًا عالميًا للرعاية الصحية الفعالة، تعتمد على تواصل فعال بين المريض ومقدمي الخدمة، ودعم اتخاذ القرار المبني على المعلومات، في بيئة صحية آمنة تستجيب لاحتياجات المرضى، وأشار إلى أن GAHAR تضطلع بدور محوري في ترسيخ هذا المفهوم، من خلال إصدار وتطبيق 8 أدلة معايير وطنية معتمدة دوليًا، من بينها دليل اعتماد المستشفيات، الذي يضع المريض في صميم السياسات والإجراءات الإكلينيكية والإدارية داخل المنشآت الصحية، مما يضمن استمرارية الرعاية وتحقيق تجربة علاجية آمنة وفعالة.
ممكن يعجبك: استهداف المنشآت الإيرانية “فوردو ونطنز وأصفهان” يهدد الأمن العالمي
أعرب إيوائي فوميو، سفير اليابان لدى جمهورية مصر العربية، عن اعتزازه بالشراكة المتنامية مع مصر في قطاع الصحة، مؤكدًا أن مشروع E-PaCC يُجسد عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، والتي تهدف إلى دعم جهود الدولة المصرية في بناء نظام صحي شامل وفعال، وأضاف: “نحن فخورون بأن نكون جزءًا من هذه المبادرة الطموحة، وملتزمون بمواصلة دعمنا لتحقيق أهداف التغطية الصحية الشاملة في مصر، ونعلم أن تمكين المرضى وتحسين جودة الرعاية يمثلان أولوية مشتركة بين بلدينا”
كما أكد السيد يو إيبيساوا، الممثل الرئيسي لمكتب الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (JICA) في القاهرة، أن المشروع يمثل مرحلة جديدة في التعاون الفني بين JICA وهيئة الرعاية الصحية، مشيرًا إلى أن E-PaCC يركز على نقل الخبرة اليابانية في الرعاية المرتكزة على المريض إلى السياق المصري من خلال أدوات مبتكرة قابلة للتطبيق والتوسع، قائلًا: “نؤمن أن هذا المشروع سيكون نموذجًا يُحتذى به في المنطقة، وسنعمل جنبًا إلى جنب مع شركائنا المصريين لضمان تحقيق الأثر المرجو على أرض الواقع”