كشف تقرير من مؤسسة “جلوبال إنرجي إنسايت” عن توقعات بانخفاض إنتاج مصر من النفط الخام بنسبة 26% بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات عام 2023، وذلك في حال استمر الاتجاه الحالي لتراجع معدلات الإنتاج من الحقول التقليدية، وعدم تعويض ذلك باكتشافات جديدة أو توسع سريع في تقنيات تعزيز الإنتاج.

شوف كمان: مصر وروسيا تتجهان لإطلاق مشروع لإنشاء محطات للغاز الطبيعي مع مكاسب كبيرة
ضعف الاستثمارات وتناقص العوائد
وحسب التقرير، فإن أكبر التحديات تكمن في الشيخوخة المتسارعة للحقول المنتجة، خصوصًا في خليج السويس، الذي يمثل أكثر من 40% من الإنتاج المحلي، كما يشير التقرير إلى أن العوائد الاقتصادية لمشروعات الاستخراج أصبحت غير مجدية لبعض الشركات، نظرًا لارتفاع تكاليف التشغيل، مما أدى إلى خروج عدد من المستثمرين أو تقليص نشاطهم.
شوف كمان: البنك المركزي يعلن تراجع الدين الخارجي لمصر إلى 155.1 مليار دولار بنهاية سبتمبر
إضافة إلى ذلك، فإن غياب المرونة في عقود تقاسم الإنتاج، وتأخر سداد مستحقات الشركاء الأجانب، ساهم في عزوف عدد من الشركات الكبرى عن التوسع في استكشاف مناطق جديدة، وخاصة في الصحراء الغربية والمياه العميقة.
استهلاك أكثر من الإنتاج
وفي تصريح لـ”نيوز رووم”، حذّر الدكتور محمد حليوة، خبير الطاقة وصناعة البترول، من خطورة استمرار التراجع في الإنتاج المحلي، مشيرًا إلى أن مصر تسير بسرعة نحو فجوة نفطية، إذ أصبحنا نستهلك أكثر مما ننتج، ومع ارتفاع الطلب المحلي، خاصة من قطاع النقل والصناعة، قد نجد أنفسنا مضطرين لاستيراد كميات أكبر من الخام أو المشتقات، مما يشكل عبئًا ماليًا كبيرًا على الدولة في ظل سعر صرف غير مستقر.
فجوة بين الاستهلاك والإنتاج
وأوضح حليوة أن الإنتاج اليومي من الخام في مصر يتراوح حاليًا بين 560 إلى 580 ألف برميل يوميًا، بينما يتجاوز الاستهلاك المحلي حاجز 700 ألف برميل يوميًا، مما يفرض ضغوطًا على الميزان التجاري للطاقة.
وأضاف أن الحل لا يكمن فقط في التنقيب، بل في تغيير هيكل العقود، وإعادة النظر في النظام المالي المعمول به مع الشركاء الأجانب، وتقديم حوافز ضريبية وتشريعية حقيقية.
التركيز على الغاز
من جانبها، ركزت الحكومة المصرية خلال السنوات الأخيرة على تطوير قطاع الغاز الطبيعي، خاصة بعد اكتشاف حقل ظهر، بينما تراجع الاهتمام النسبي بملف النفط، مما انعكس على ضعف الاستثمارات الموجهة للبحث والاستكشاف النفطي.
وفي هذا السياق، دعا التقرير الدولي إلى:
- تسريع تطوير الحقول المتقادمة من خلال تقنيات الاستخراج المعزز (EOR).
- استكشاف مناطق جديدة مثل منطقة البحر الأحمر وامتدادات الدلتا البحرية.
- إعادة هيكلة الدعم والضرائب لجذب الشركات الخاصة.
- تحسين كفاءة التكرير المحلي لتقليل الاعتماد على الواردات.
تأثيرات متوقعة على السوق المحلي
قد يؤدي تراجع الإنتاج إلى:
- زيادة فاتورة الاستيراد، خاصة مع ارتفاع أسعار النفط عالميًا.
- ضغط على احتياطي النقد الأجنبي.
- زيادة مخصصات دعم الطاقة في الموازنة.
- تباطؤ الصناعات المرتبطة بالنفط مثل البتروكيماويات والتكرير.
ويؤكد محللون أن الحل يكمن في تبني استراتيجية وطنية شاملة للطاقة، تضمن التوازن بين الغاز والنفط، وتحفز استدامة الإنتاج عبر الاستثمار والابتكار، وليس فقط الاعتماد على الاكتشافات العرضية.