في إطار تعزيز الروابط الثقافية والتاريخية بين مملكة البحرين وجمهورية مصر العربية، قام الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة، وزير الثقافة بمملكة البحرين، بزيارة متميزة إلى مقياس النيل التاريخي بجزيرة الروضة في القاهرة، وقد شهدت الزيارة استعراضًا شاملًا للدور الحيوي الذي لعبه هذا المعلم الأثري في الحضارة المصرية القديمة والحديثة.

شوف كمان: توافد عائلة الدجوي لأداء صلاة الجنازة على أحمد الدجوي
عبقرية هندسية وتاريخية
يعتبر مقياس النيل من أقدم وأهم الآثار الدالة على عبقرية المصريين القدماء في فهم وإدارة الموارد المائية، وقد استمع معالي الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة خلال زيارته إلى شرح مفصل من المتخصصين والخبراء حول آلية عمل المقياس وكيف كان يستخدم لقياس منسوب مياه النيل منذ آلاف السنين.
وأوضح الشرح أن المقياس، الذي يعود تاريخه إلى العصر الفاطمي وتم ترميمه عبر العصور، كان بمثابة مركز حيوي لتحديد مدى فيضان النيل، وهو ما كان له تأثير مباشر على الحياة الاقتصادية والاجتماعية في مصر القديمة، فارتفاع منسوب المياه كان يعني أرضًا خصبة ومحاصيل وفيرة، بينما انخفاضه كان ينذر بالجفاف والمجاعة، وبالتالي كانت قراءات المقياس تحدد الضرائب ومواعيد الزراعة، بل وتؤثر على الاستقرار السياسي للمملكة.
أهمية علمية وحضارية
تكمن الأهمية التاريخية لمقياس النيل ليس فقط في كونه أداة لقياس المياه، بل في كونه رمزًا للعلم والمعرفة في تلك الحقبة، فقد كان المصريون القدماء يعتمدون على ملاحظات دقيقة وسجلات منتظمة لمنسوب النيل، مما عكس مستوى متطورًا من الفهم الهيدرولوجي والقدرة على التنبؤ، هذه المعرفة الدقيقة سمحت لهم بتطوير أنظمة ري معقدة وإدارة زراعية فعالة، وهو ما ضمن استمرارية حضارتهم لآلاف السنين.
تأملات في الزيارة
خلال الجولة، أبدى الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة إعجابه الشديد بالهندسة المعمارية للمقياس ودقة تصميمه، التي مكنته من الصمود عبر العصور، كما أعرب عن تقديره للجهود المبذولة للحفاظ على هذا المعلم التاريخي الهام، الذي يجسد جزءًا لا يتجزأ من التراث الإنساني المشترك.
مقال مقترح: عيد الأضحى في حرارة شديدة والأرصاد تحذر من موجة حارة تضرب البلاد
وأكد معاليه على أهمية مثل هذه الزيارات في تعزيز الوعي بالتاريخ العريق للمنطقة، وتبادل الخبرات في مجال الحفاظ على التراث الثقافي، مشيرًا إلى أن الحضارات القديمة قدمت للبشرية دروسًا قيمة في التكيف مع البيئة واستغلال الموارد الطبيعية بشكل مستدام، وهي دروس لا تزال ذات أهمية قصوى في عالمنا المعاصر.
رسالة من الماضي إلى الحاضر
تأتي زيارة وزير الثقافة البحريني لمقياس النيل لتؤكد على الترابط العميق بين حضارات المنطقة، وأهمية استلهام الدروس من الماضي لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل، خاصة فيما يتعلق بإدارة الموارد المائية التي تعد محور الأمن الغذائي والتنمية المستدامة، المقياس لا يزال شاهدًا صامتًا على عظمة حضارة تعاملت بذكاء وعبقرية مع النهر الذي وهبها الحياة.