بعد العملية الجوية الأمريكية المعروفة بـ”مطرقة منتصف الليل”، التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية، لا يزال مصير 408 كيلوجرامات من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% غامضًا، حيث يعتبر خبراء أن هذه الكمية كافية لإنتاج ما يصل إلى 10 رؤوس نووية.

مقال مقترح: الجيش الليبي يرد مجددًا على اتهامات السودان بمساندة الدعم السريع
اليورانيوم المخصب.
وقد صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن الضربة “دمرت بالكامل البرنامج النووي الإيراني”، إلا أن تقديرات استخباراتية وتقارير غربية تشير إلى أن ما تحقق هو مجرد تأخير محدود للبرنامج الإيراني لا يتجاوز بضعة أشهر.
تصريحات متضاربة وشكوك
وفي سياق متصل، أشار وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى أن “جزءاً كبيراً من اليورانيوم دُفن تحت الأرض في منشأة أصفهان”، مع احتمال أن طهران لم تتمكن من نقل المواد قبل الضربات.
على الجانب الآخر، وصف مسؤولون إيرانيون هذا الطرح بـ”الساذج”، مؤكدين أن “الاحتفاظ بالمواد النووية في مواقع مستهدفة عسكرياً لا يصدر عن دولة ناضجة نووياً”، وأكدوا أن “اليورانيوم لم يُمسّ”.
الأقمار الصناعية تكشف تحركات بالقرب من منشأة فوردو.
الأقمار الصناعية تكشف
وكشفت صحيفة نيويورك تايمز عن تحركات ملحوظة رصدت عبر الأقمار الصناعية قبل يومين من الغارة، في مواقع مثل فوردو وأصفهان، تضمنت قوافل شاحنات وجرافات يُعتقد أنها قامت بنقل الأسطوانات النووية إلى مواقع سرية تحت الأرض.
ويُقدر أن نقل 400 كيلوجرام من اليورانيوم السائل (UF6) يتطلب فقط شاحنتين إلى ثلاث بفضل الأسطوانات المصممة خصيصًا لهذا النوع من النقل.
كما أشارت تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن إيران تمتلك شبكات أنفاق متعددة المداخل والمخارج، قادرة على إخفاء المعدات الحساسة ومراوغة المراقبة الجوية والبرية.
اليورانيوم المخصب
أماكن يُحتمل أن تكون إيران قد نقلت إليها اليورانيوم المخصب وأجهزة الطرد المركزي:
- قواعد الحرس الثوري تحت الأرض
- أنفاق جبال زاغروس وبندر عباس
- منشآت مهجورة أو مصانع مدنية مزودة بالطرد المركزي
- مراكز أبحاث مثل منشأة أصفهان التي تضم شبكات أنفاق معقدة
قواعد الحرس الثوري تحت الأرض.
المعركة مستمرة
وقد نبهت فاينانشال تايمز إلى أن الصراع حول البرنامج النووي الإيراني ليس عسكريًا فقط، بل سياسي بالدرجة الأولى، حيث قد تواجه أي عودة محتملة للمفاوضات مطلبًا إسرائيليًا صارمًا بإزالة كامل مخزون اليورانيوم المخصب عالي النقاء من إيران.
مقال له علاقة: كيف تمكنت إسرائيل من تحييد أذرع إيران الإقليمية خلال الحرب؟
ورغم القصف، غرّد علي شمخاني، مستشار المرشد الإيراني، قائلاً: “حتى لو دُمرت المنشآت.. اللعبة لم تنتهِ بعد.. المواد المخصبة ما زالت قائمة”
الضربة الأمريكية على المنشآت الإيرانية لم تنزع “الورقة النووية”
وأضاف أن الضربة الأمريكية على المنشآت الإيرانية لم تنزع “الورقة النووية” من يد طهران، بل يبدو أن اليورانيوم لا يزال مخفيًا، والتنقيب عنه بات أكثر تعقيدًا من تدمير منشأة إسمنتية بالمتفجرات.
فيما توقفت عمليات التفتيش الدولية بعد القصف، حذّر محللون من أن البرنامج النووي الإيراني قد يتحول إلى مشروع سري بالكامل، أو يُعاد تأطيره ضمن اتفاق جديد، لكن دون قدرات على دورة الوقود النووي.
المشهد لا يزال ضبابياً، لكن المؤكد أن لعبة القط والفأر النووية بين إيران والغرب دخلت فصلاً جديداً، أكثر غموضاً وخطورة.
إن مخزون اليورانيوم المُخصّب بنسبة 60% – وهو جزء من مخزون إجمالي يزيد عن 408 كيلوجرامات، ومعظمه منخفض النقاء – يعني أن طهران لديها القدرة على إنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية اللازمة لعدة قنابل نووية في غضون أيام إذا رغبت في ذلك، لكن من المتوقع أن تستغرق عملية التسلح الفعلية شهوراً أو عاماً، وفقاً للخبراء.
كان الخطر قائماً دائماً، بعد أن شنت إسرائيل حملة القصف بذريعة تدمير برنامج طهران النووي، أن تنقل إيران سراً المخزون إلى مواقع سرية، حيث نُصبت أجهزة طرد مركزي متطورة.