تحول الإنترنت الفضائي من تقنية ناشئة إلى سوق واعدة حيث تتنافس فيه كبرى شركات التكنولوجيا العالمية، بعد أن كان مقتصرًا على الاستخدامات العلمية والمناطق النائية، أصبح اليوم جزءًا أساسيًا في مجالات متعددة، من التنمية إلى الحروب، ومن الصحارى إلى أعالي البحار.

مقال له علاقة: أبو المكارم يطالب بزيادة مخصصات “رد أعباء التصدير” لتعزيز التنافسية الحكومية
كشف محمود فرج، خبير تكنولوجيا المعلومات، أن الإنترنت الفضائي، المعروف أيضًا بـ”الشبكات غير الأرضية”، يعتمد على مجموعة من الأقمار الصناعية ذات المدار المنخفض (LEO) أو المتوسط (MEO) لتوفير اتصال إنترنت مباشر دون الحاجة إلى بنى تحتية أرضية تقليدية مثل الأبراج والكابلات، موضحًا أن شركات مثل “Starlink” التابعة لـ”سبيس إكس”، و”OneWeb”، و”Amazon Kuiper” تقود هذا التحول العالمي، مستهدفة تغطية شاملة لكوكب الأرض بسرعات عالية وزمن تأخير منخفض، مما يجعلها تنافس أو تتفوق على الإنترنت الأرضي في كثير من الأحيان.
إمكانات سعودية إماراتية
أوضح خبير تكنولوجيا المعلومات، في تصريح لـ “نيوز رووم”، أن دولًا عربية عدة، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات، شهدت إقبالًا متزايدًا على خدمة الإنترنت الفضائي، نظرًا لقدرتها على الوصول إلى مناطق نائية يصعب ربطها بشبكات أرضية، وقد تمكن سكان في عمق صحراء الربع الخالي، على سبيل المثال، من استخدام الإنترنت الفضائي لتشغيل مشاريع زراعية أو تعليمية تعتمد على الاتصال المستمر بالعالم الخارجي.
شمول رقمي مصري
وذكر: “بدأت استخدامات الإنترنت الفضائي تتوسع في المناطق الحدودية، خاصة في سيناء والواحات، ضمن خطط الدولة لتحقيق شمول رقمي يخدم التنمية والأمن”
تحول الإنترنت الفضائي إلى أداة استراتيجية في النزاعات المسلحة، فقد استخدمته أوكرانيا بنجاح لربط وحداتها العسكرية عقب استهداف البنية التحتية الأرضية، مما جعل شبكات مثل “ستارلينك” في قلب الاهتمام العسكري والاستراتيجي عالميًا.
مخاوف جيوسياسية
يثير هذا التحول مخاوف جيوسياسية، خاصة مع تصاعد الصراع على الفضاء كمسرح جديد للتنافس بين الدول، حيث أصبح التحكم في شبكات الاتصال عبر الأقمار الصناعية أداة ضغط ونفوذ.
وفقًا لتقارير متخصصة، فإن سوق الإنترنت الفضائي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مرشح للنمو بمعدلات تتجاوز 30% سنويًا خلال السنوات الخمس المقبلة، مدفوعًا بزيادة الطلب على الاتصالات في المناطق النائية وتوسع مشروعات الطاقة والسياحة والصناعة في مواقع يصعب ربطها بالشبكات الأرضية.
مقال له علاقة: مصر وبريطانيا تعتزمان زيادة التمويلات الخضراء للقطاع الخاص المصري
توجهات لتوفير الإنترنت الفضائي
بدأت بعض الحكومات العربية بالفعل في دراسة الشراكة مع مزودي الخدمة العالمية، أو حتى إطلاق مشاريع وطنية لتوفير الإنترنت الفضائي، كما في السعودية التي أبدت اهتمامًا بتطوير قطاع الفضاء ضمن رؤيتها الطموحة 2030.
ورغم هذه القفزات، لا تزال هناك تحديات تعوق التوسع السريع للإنترنت الفضائي، أبرزها تكلفته العالية للمستخدمين في الدول النامية، وقضايا السيادة الرقمية المرتبطة بمرور البيانات خارج نطاق الدول، ما قد يفتح الباب لمخاطر تتعلق بالخصوصية والأمن السيبراني.