في ظل الظروف الإقليمية الحساسة والتحديات الاقتصادية التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، يبدو أن الجميع في حالة من “الترقب الحذر”، فرغم توقف العمليات العسكرية بشكل ظاهري، إلا أن حالة المراقبة والترقب تظل هي السائدة، خاصة بين إيران وإسرائيل، حيث يدرك الطرفان تمامًا أن ما بعد التصعيد لن يكون كما قبله، فإيران تحتاج إلى إعادة تنظيم أوضاعها الداخلية، سواء على الصعيد الأمني أو النووي، بينما فوجئ الإسرائيليون ببعض الثغرات خلال العمليات، مما يدفعهم لإعادة تقييم استراتيجياتهم الدفاعية والهجومية، ورغم استمرار التحليق المكثف للطائرات التجسسية، خاصة الإسرائيلية، في الأجواء الإقليمية، لا يبدو أن الأمور تتجه نحو حرب شاملة جديدة في المستقبل القريب.

مقال مقترح: غزة ت破 الرواية الإسرائيلية المستقرة منذ سنوات وكلمة السر وراء ذلك
في هذا السياق، يكشف الدكتور عبد المنعم سعيد، المحلل السياسي، في تقريره عبر «نيوز رووم»، عن تحليلات دقيقة لمستقبل العلاقات بين طهران وتل أبيب، مع استعراض احتمالات التصعيد أو التهدئة ومصير البرنامج النووي الإيراني في ظل الضغوط الدولية المتزايدة.
بعد طائرات التجسس في سماء إيران.. هل تعود الحرب مجددًا بين إسرائيل وإيران؟
أجاب الدكتور عبد المنعم سعيد على هذا التساؤل مؤكدًا أن المنطقة تمر بلحظة “إعادة تموضع” استراتيجية من جميع الأطراف، حيث قال: “كلا من إيران وإسرائيل بحاجة إلى مراجعة شاملة، الإيرانيون يعيدون تنظيم أوضاعهم الداخلية بعد الضربات الأخيرة، والإسرائيليون اكتشفوا مفاجآت غير متوقعة خلال المواجهات، مما يدفعهم لإعادة تقييم خططهم العسكرية والاستخباراتية”.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ “نيوز رووم” أن “الطرفين سيظلان في حالة تلصص دائم، فالحرب لم تعد خيارًا مطروحًا بقوة، لكن الصراع انتقل إلى ساحات خفية، أبرزها الاستخبارات والتكنولوجيا”.
ويؤكد سعيد أن الولايات المتحدة تلعب الآن دور الوسيط، وتسعى جاهدة لمنع أي تصعيد عسكري مباشر، مشيرًا إلى أن تحركاتها تهدف إلى احتواء الوضع، مدفوعة برغبة واضحة في تجنب أي صراع موسع في المنطقة.
هل تتجه إيران نحو تصنيع القنبلة النووية؟ وهل هي قادرة؟
أوضح الدكتور عبد المنعم أن إيران تواصل إرسال إشارات متضاربة، فبعد إحدى الضربات الإسرائيلية الأخيرة، أعلنت عن نقل المواد النووية المخصبة إلى أماكن أكثر أمانًا، ونشرت صورًا توثق عملية النقل عبر شاحنات تم رصدها قبل الضربة الأمريكية، مما يبدو وكأنه رسالة تؤكد سيطرتها على الموقف.
لكن الأمور تغيرت بعد سلسلة من الضربات التي نُفذت في قطر ضد منشآت مرتبطة بإيران، إذ بدأت طهران تعترف بأن الضربات الأمريكية ألحقت ضررًا حقيقيًا ببرنامجها النووي.
هذا التغير المفاجئ في النبرة أثار تساؤلات حول ما إذا كانت التصريحات الجديدة جزءًا من تفاهمات غير معلنة بين إيران وواشنطن، خصوصًا في ظل التقارير التي تحدثت عن خلافات بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ووكالة الاستخبارات المركزية (CIA) بسبب استخدامه لمصطلحات تفيد بـ”القضاء على البرنامج النووي الإيراني”، وهي تصريحات لم تتطابق لاحقًا مع الحقائق الميدانية التي كشفت عن وجود ضرر دون تدمير كامل.
اقرأ كمان: رفع الاستعداد القصوى بمستشفيات جامعة كفر الشيخ للعيد
هل يمكن أن يتحول التفاهم الإيراني – الإسرائيلي إلى اتفاق دائم؟
حتى الآن، لا يوجد أي إطار رسمي أو مباشر للتفاهم بين إيران وإسرائيل، بل ما يجري يتم عبر ضغوط دولية وأطراف وسيطة، أبرزها الولايات المتحدة، حيث أضاف سعيد أن الوساطة الأمريكية تضغط على إيران لتخفيض مستوى التخصيب ليكون أكثر من 3.7% لكن أقل بكثير من 60%، أو أن تعمل على هذا التخصيب على مدى بضع سنوات، وفي النهاية يتوصل الطرفان إلى اتفاق.
في المقابل، تصر إسرائيل على تجميد كامل للبرنامج النووي الإيراني، دون الاكتفاء بخفض مؤقت أو جزئي، خشية أن يتحول إلى برنامج عسكري في المستقبل، حتى لو تم الترويج له بأنه “ذو أغراض سلمية”، ورغم أن الطرفين يمتلكان قدرات علمية وتكنولوجية متقدمة، إلا أن الاختلاف الجوهري في النوايا والاستراتيجيات لا يزال يشكل عقبة رئيسية أمام أي اتفاق طويل الأمد، خصوصًا في ظل انعدام الثقة المتبادل والانخراط المستمر في حرب الظل.