تجري الحكومة العراقية محادثات متقدمة مع شركة “إكسيليريت إنرجي” الأميركية بهدف تأمين أول واردات الغاز المسال في تاريخ البلاد، وذلك في إطار سعيها لتخفيف أزمة الكهرباء المستمرة وتقليل الاعتماد على إيران، التي تُعتبر المورد الرئيسي للغاز في الوقت الحالي.

مقال له علاقة: وزير الإسكان يزور مشروعات المرافق والطرق في القاهرة الجديدة
العراق يستورد الغاز المسال بعيدًا عن إيران
وفقًا لعلي سلمان، القائم بأعمال المدير العام لشركة “غاز الجنوب” الحكومية، فإن “إكسيليريت”، التي تتخذ من تكساس مقرًا لها، هي واحدة من عدة شركات قدمت عروضًا لتوفير وحدة عائمة لاستقبال الغاز المسال (FSRU) وتأمين إمدادات الوقود، بينما لم تصدر الشركة الأميركية أي تعليق رسمي على المحادثات الجارية.
تأتي هذه الخطوة في وقت يعاني فيه العراق من انقطاعات متكررة في الكهرباء، خاصة خلال أشهر الصيف، وسط اعتماد كبير على واردات الغاز الإيراني، والتي غالبًا ما تتأثر بالتوترات السياسية والعقوبات الأميركية.
ممكن يعجبك: هل تخرج الاستثمارات الأجنبية من مصر؟ خبير اقتصادي يشرح المخاطر
أزمة طاقة طاحنة
قال وائل حماد، خبير شؤون الطاقة، إن “العراق بلد يعاني من أزمة طاقة طاحنة، وقطاع الكهرباء في حاجة ماسّة للغاز الطبيعي لتشغيل محطات التوليد”، مؤكدًا أن استيراد الغاز الطبيعي المسال يعد الخيار العاجل في مثل هذه الأوقات، رغم أن البلاد تحرق يوميًا كميات ضخمة من الغاز المصاحب لاستخراج النفط.
وأوضح حماد أن “وقف حرق الغاز لا يمكن أن يتم بين يوم وليلة، بل يحتاج إلى مشروعات مستمرة واستثمارات كبيرة في البنية التحتية والمعالجة والتجميع”، مضيفًا أن استيراد الغاز من الخارج، وعلى الأرجح من قطر، سيمنح العراق متنفسًا لتأمين تغذية مستقرة لمحطات الكهرباء في المدى القصير.
وأشار إلى أن “الدمار الذي لحق بمنشآت الغاز العراقية خلال الاحتلال الأميركي ما زال يُلقي بظلاله الثقيلة”، مؤكدًا أن ثلثي السعة في مناطق الجنوب وثلث السعة في الشمال تعرضت للتدمير أو التخريب، مما عطّل قدرة البلاد على الاستفادة من مواردها المحلية.
ضرورة حتمية
واختتم حماد تصريحه بالتأكيد على أن “التحرك نحو استيراد الغاز المسال لا يُعد ترفًا، بل ضرورة حتمية لتجاوز الاختناقات الحالية، إلى حين تنفيذ خطة وطنية شاملة لاستغلال الغاز المصاحب والحد من الفاقد”.
ضعف البنية التحتية
رغم أن العراق يُصنَّف بين أكبر الدول المنتجة للنفط عالميًا، إلا أن ضعف البنية التحتية لمعالجة الغاز المصاحب جعله يحرق كميات ضخمة منه سنويًا بدلًا من الاستفادة منها في توليد الطاقة، وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن العراق من بين أكبر الدول في العالم في معدلات حرق الغاز.
تسعى بغداد، بدعم من شركاء دوليين، إلى تقليل هذا الفاقد من خلال إنشاء وحدات معالجة جديدة، لكن التقدم في هذا الملف كان بطيئًا، وفي ظل الضغوط المتزايدة على شبكة الكهرباء، يظهر استيراد الغاز المسال كخيار سريع لتأمين الإمدادات، حتى تكتمل مشروعات تطوير الغاز المحلي.