بعد 12 يومًا من الهجمات الجوية الأمريكية والإسرائيلية على إيران، تزداد التساؤلات حول إمكانية استئناف طهران أنشطتها النووية، خاصة تخصيب اليورانيوم، وفي هذا الإطار، أشار المحلل الأمريكي جريج بريدي في تقريره بمجلة ناشونال إنتريست إلى أن نجاح الحملة العسكرية لم يُحقق توازنًا دائمًا، رغم محاولات الرئيس السابق دونالد ترامب الترويج لذلك، كما أقر بأهمية العودة إلى طاولة المفاوضات مع طهران.

شوف كمان: الأردن يستأنف فتح مجاله الجوي في ظل الهجمات الإسرائيلية الإيرانية
البرنامج النووي الإيراني
وخلال قمة حلف الناتو في لاهاي بتاريخ 25 يونيو، أجاب ترامب على سؤال حول إمكانية مهاجمة إيران في حال استئنافها التخصيب بقوله: “أكيد”، وقد جاء هذا التصريح بعد تسريب تقرير استخباراتي في 24 يونيو يشير إلى أن البرنامج النووي الإيراني تعرض لانتكاسة مؤقتة، لكنه لم يُدمر بالكامل، مما أثار الشكوك حول جدوى الخيار العسكري.
شوف كمان: دول أخرى مؤهلة للحصول على بطاقة ترامب الذهبية بجانب أثرياء روسيا
تضمن التقرير الاستخباراتي تحذيرات قديمة تفيد بأن الضربات الجوية لا تستطيع تعطيل البرنامج النووي الإيراني بشكل دائم، وأكد النائب الديمقراطي مايك كويجلي أن مسؤولي الاستخبارات لطالما حذروا من هذا الأمر، مرجحًا أن يكون هذا هو السبب وراء تأجيل جلسة إحاطة سرية للكونغرس بشأن الهجمات.
في المقابل، أعلنت إيران نيتها إعادة بناء برنامجها النووي، مما يعني أن الهدوء الحالي قد لا يدوم طويلًا، إذ يُتوقع أن تؤدي أي محاولة من إيران لرفع نسبة التخصيب إلى 90%، وهي النسبة اللازمة لتصنيع سلاح نووي، إلى تدخل عسكري جديد.
ورغم الأضرار التي لحقت بالبنية النووية الإيرانية، لا تزال طهران تحتفظ بمخزون من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وتُبقي على احتمالية تشغيل أجهزة طرد مركزي في مواقع سرية، مما يتيح لها نظريًا تصنيع رأس نووي في وقت لاحق.
يعتقد بريدي أن الوضع الحالي لا يعكس استقرارًا حقيقيًا، بل هو مجرد هدنة مؤقتة، مما يتطلب من ترامب مرونة أكبر في المفاوضات، فإيران، وفقًا لتقديره، لن تقبل بالتخلي الكامل عن أنشطتها، بل ستُصر على تخصيب محدود تحت رقابة صارمة.
انهيار أي مفاوضات مستقبلية يبدو محتملًا
في ظل تصلب موقف ترامب، يصبح انهيار أي مفاوضات مستقبلية أمرًا محتملًا، مما قد يفتح المجال لجولة جديدة من الضربات العسكرية في غضون أشهر، وليس سنوات.
لتفادي هذا السيناريو، يقترح بريدي العودة إلى نموذج مشابه للاتفاق النووي لعام 2015، مع تعديلات تسمح بوجود آلية تفتيش أكثر صرامة، وضغوط أكبر لوقف التخصيب بنسبة 60%، مقابل تعهدات بعدم اللجوء مجددًا للعمل السري أو الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي.
بينما يرى بريدي أن امتلاك إيران لمادة قريبة من مستوى التسلح هو ورقة مساومة قوية ستستخدمها طهران قريبًا، يشير إلى أن الحل الأنسب قد يكون اتفاقًا مؤقتًا يسمح بتخصيب محدود تحت إشراف دولي، حتى يتم تشكيل هيئة تخصيب إقليمية، كما اقترحت واشنطن مؤخرًا.
في ختام تحليله، حذر بريدي من أن الخيارات أمام ترامب ضيقة: إما القبول باتفاق نووي مرن، أو الدخول في دوامة عمليات عسكرية متكررة قد تُكلف الجمهوريين كثيرًا سياسيًا، خصوصًا مع اقتراب انتخابات 2026 و2028، في ظل تراجع التأييد الشعبي لأي تحرك عسكري ضد إيران، حتى داخل قواعد الحزب الجمهوري.