قامت المخابرات اللبنانية بضبط مجموعة من الأسلحة والذخائر والمعدات الإلكترونية، بالإضافة إلى أدوات يُشتبه في استخدامها لتصنيع طائرات مسيّرة، مع شخص يُعرف بلقب “قسورة”، الذي يُعتبر خليفة “أبو سعيد الشامي”، الذي يُقال إنه والي تنظيم داعش في لبنان.

اقرأ كمان: نطنز تشهد اشتباكات وقادة يُسقطون.. إسرائيل تنفذ أوسع هجوم على إيران منذ سنوات طويلة
العملية الأمنية التي أُجريت في يونيو أثارت مجددًا سؤالًا حساسًا: هل عاد تنظيم داعش لتفعيل خلاياه النائمة في لبنان، أم أن هناك توظيفًا سياسيًا للقضية؟
ما قصة قسورة؟
في 24 يونيو، أعلن الجيش اللبناني عن توقيف المواطن (ر.ف.) المعروف بلقب “قسورة”، بعد رصده والتحقيق معه، باعتباره الخليفة المفترض لـ”أبو سعيد الشامي”، الذي تم توقيفه في ديسمبر 2024.
لكن محامي الدفاع عن بعض المتهمين في القضية، محمد صبلوح، وصف الملف بأنه “هش”، مشيرًا إلى أن “الاتهامات مبنية على رسائل عبر فيسبوك وملف PDF لم يُفتح من الأساس”.
“قسورة”، وفقًا لصبلوح، هو مجرد أستاذ كيمياء من بلدة كامد اللوز، وكان يقدم دروسًا إلكترونية، مشككًا في قدرته على تصنيع طائرات مسيّرة، وأكد المحامي أن الجيش اللبناني أوقف زوجته لفترة وجيزة، ثم أطلق سراحها لعدم ثبوت صلتها بالتنظيم.
ما وراء الحدود
تزامنت هذه التطورات الأمنية في لبنان مع تفجير انتحاري استهدف كنيسة في دمشق، نُسب إلى داعش، وأعلنت جماعة “سرايا أنصار السنّة” مسؤوليتها عنه لاحقًا، ما دفع للتساؤل حول إمكانية عودة فعلية للتنظيم في المنطقة.
مؤشرات وتحذيرات
انتشر مؤخرًا مقطع فيديو لثلاثة أشخاص يعلنون إنشاء “لواء الشيخ أحمد الأسير” مهددين الدولة اللبنانية، وحتى الآن لم تُعرف هوية هؤلاء الأشخاص، مما زاد من الغموض حول الوضع الأمني.
لكن الحذر الأمني ليس جديدًا، ففي يونيو 2024، أطلق مسلح شعار داعش النار قرب السفارة الأمريكية، وفي عام 2021، ظهرت ظاهرة اختفاء شباب من طرابلس الذين انضموا لاحقًا لداعش في العراق.
وعلى مدار السنوات، ظل التنظيم ينشط عبر الحدود وفي المناطق الهشة، مستهدفًا البيئة المليئة بالفراغ الأمني والاجتماعي.
مقال له علاقة: الجيش الليبي يرد مجددًا على اتهامات السودان بمساندة الدعم السريع
خلايا فردية ونقاط ضعف
يقول الباحث في شؤون الإرهاب، د. مصطفى أمين، إن داعش لا يمتلك “ولاية لبنان”، لكنه يحتفظ بخلايا نائمة تعتمد على تجنيد أفراد بعينهم، ويرى أن خطر التنظيم محدود، لكنه قادر على تنفيذ عمليات نوعية، ويعتمد على وسائل متقدمة مثل الحرب الاقتصادية والتحريض الطائفي.
من جانبه، يحذّر العميد المتقاعد جورج نادر من الطبيعة “اللامركزية” للخلايا، مما يجعل ملاحقتها صعبة، ويؤكد أن التنظيم يحتفظ ببنية مركزية بقيادة “الخليفة الخامس”، أبو حفص الهاشمي.
تضخيم أم تهديد حقيقي؟
المحامي صبلوح يرى أن ما يحدث هو مجرد تضخيم أمني من “الدولة العميقة” لتبرير استمرار بقاء سلاح حزب الله.
أما نادر، فيحذر من أن استمرار السلاح غير الشرعي خارج إطار الدولة، هو ما يعمق مشاعر الغبن ويخلق بيئة مناسبة لعودة التطرف، مستشهدًا بتصريحات سياسية تؤكد وجود شعور بالخذلان لدى شريحة من اللبنانيين.
الطريق إلى المواجهة
يرى أمين أن مواجهة داعش تتطلب:
مراقبة الحدود مع سوريا،.
تفكيك مصادر تمويل التنظيم،.
مراقبة الخطاب الديني المتشدد،.
ضبط السلاح غير الشرعي،.
تعزيز خطاب الاعتدال والوحدة الوطنية.
ويؤكد نادر أن السلم الأهلي اللبناني غير مهدد، رغم وجود بعض الخلايا، معتبرًا أن الغالبية السنية ترفض فكر داعش، لكنه يشدد على أهمية الجاهزية والتنسيق الأمني، ودور البلديات كمراقب محلي أول لأي تحركات مشبوهة.