مع اقتراب مجلس النواب من اتخاذ القرار النهائي بشأن مشروع تعديل قانون الإيجار القديم، المقرر مناقشته خلال الجلسة العامة يوم الإثنين 30 يونيو 2025، تزداد الاعتراضات من قطاعات مهنية متنوعة، وعلى رأسها الأطباء والصيادلة، الذين عبّروا عن رفضهم القاطع لتطبيق القانون الجديد على الوحدات المؤجرة لأغراض مهنية، مثل الصيدليات والعيادات الطبية، محذرين من تداعيات خطيرة قد تؤثر على منظومة الرعاية الصحية في مصر.

اقرأ كمان: بناء نظام صحي ذكي لتحقيق العدالة في التغطية الصحية الشاملة بواسطة مي فريد
يأتي مشروع القانون الجديد استجابة لحكم المحكمة الدستورية العليا بشأن عدم دستورية استمرار تثبيت القيمة الإيجارية، مما دفع الحكومة إلى اقتراح تعديلات تشمل إنهاء العلاقة الإيجارية خلال فترات انتقالية محددة، منها خمس سنوات للوحدات غير السكنية المؤجرة لأشخاص طبيعيين، وهو ما أثار موجة من الرفض الواسع من الأطباء وأصحاب الصيدليات.
العيادات ليست وحدات سكنية
أكد الدكتور أسامة عبدالحي، أن مشروع القانون الجديد لا يجب أن يشمل الوحدات المهنية مثل العيادات والصيدليات، مشيرًا إلى أن العلاقة الإيجارية بين الملاك والأطباء قد نُظمت سابقًا بقانون رقم 6 لسنة 1997، الذي حرّر العلاقة الإيجارية وفرض زيادات سنوية بنسبة 10%، مما يجعل من غير المنطقي إخضاع هذه العلاقة لتعديلات جديدة.
قال عبدالحي في تصريح خاص لـ”نيوز رووم”: “العلاقة بين الطبيب والمالك محررة منذ سنوات، ولا يوجد تثبيت للقيمة الإيجارية، فلماذا نعيد فتح هذا الملف؟”، مطالبًا باستثناء الوحدات المهنية من القانون المقترح
تهديد لمنظومة الصحة
أعرب الدكتور إيهاب هيكل، نقيب أطباء الأسنان، عن رفضه التام لمشروع القانون بصيغته الحالية، مؤكدًا أن العيادات والصيدليات لا يمكن معاملتها كوحدات سكنية، لأنها تمثل استثمارًا طويل الأجل يتحمل صاحبه تكاليف مرتفعة في الإنشاء والتجهيز والتشغيل.
أوضح هيكل أن تطبيق القانون كما هو دون استثناء قد يؤدي إلى “إغلاق عدد كبير من العيادات، وتهديد الاستقرار المهني للأطباء، بما ينعكس سلبًا على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين”، وشدد على أن استقرار العيادات والصيدليات لا يجب أن يكون رهينًا بتعديلات قانونية لا تراعي طبيعة هذه المنشآت.
لا يمكننا مجاراة السوق الحر
حذر الدكتور عبدالناصر سنجاب، عضو لجنة إدارة نقابة الصيادلة، من تبعات خطيرة لتعديلات القانون، قائلاً إن الصيادلة لا يمكن معاملتهم كمستأجرين تجاريين، نظرًا لأن أرباحهم محكومة بتسعيرة دوائية جبرية، لا تترك لهم هامشًا واسعًا للتعامل مع زيادات الإيجارات أو تكاليف جديدة.
شوف كمان: صحة أسيوط تطلق برامج تدريبية في أساسيات الحاسب الآلي والفوتوشوب
أضاف سنجاب: “عدد الصيدليات التي لا تزال تعمل بنظام الإيجار القديم محدود للغاية، واستثناؤها لن يخل بفلسفة القانون، لكنه سيحمي آلاف الصيادلة من فقدان مصدر رزقهم الوحيد
أعلن المهندس طارق النبراوي، نقيب المهندسين، خلال اجتماع لجنة الإسكان بمجلس النواب اليوم الإثنين، رفض الإخلاء في تعديل قانون الإيجار القديم، قائلًا إن الحوار المجتمعي هو الحل.
أضاف، أن المحكمة الدستورية العليا لم تتطرق إلى تحرير العقود، مشيرًا إلى وجود انخفاض في أعداد الوحدات المؤجرة بنظام قانون الإيجار القديم.
وطالب بضرورة أن تستمر عقود الإيجار القديم، مع وضع بعض القيود عليها، على أن تشمل حالة الإخلاء وحالة عدم الإشغال.
وتابع «النبراوي»، أن وضع حد أدنى 1000 جنيه زيادة تمت على أساس المناطق الراقية، ولا يمكن تطبيقه على باقي المناطق.
وقال: «الزيادة في أجرة الوحدات السكنية المؤجرة بنظام قانون الإيجار القديم حق، ولكن القيمة المقترحة بعيدة عن الواقع، الإخلاء أمر صعب، ولم تتطرق له المحكمة الدستورية العليا»، محذرًا من أنه يفجر مشكلة ويخل بالعدالة الاجتماعية
وتابع: «المقترح بإخلاء الوحدات السكنية المؤجرة بنظام قانون الإيجار القديم خلال 5 سنوات بمثابة رسالة موت للمستأجرين خلال هذه المدة»
وأكد، عدم قدرة الحكومة على توفير وحدات سكنية بديلة، قائلًا: «هذا مقترح صعب التطبيق، خصوصًا في ظل ندرة الأعداد المطروحة من الإسكان الاجتماعي، وعدم القدرة على تلبية مطالب الشباب
قانون الإيجار القديم الجديد
يتضمن مشروع القانون المقترح من الحكومة فترة انتقالية مدتها *سبع سنوات للوحدات السكنية*، وخمس سنوات للوحدات غير السكنية المؤجرة لأشخاص طبيعيين، على أن تؤول الوحدة للمالك بعد انقضاء هذه المدة، وهو ما يرفضه المهنيون الذين استثمروا سنوات في بناء سمعتهم وخدماتهم داخل وحدات مؤجرة.
تطالب النقابات المهنية بإعادة النظر في مشروع القانون قبل تمريره، ودراسة الأثر الاجتماعي والاقتصادي المتوقع لتطبيقه على قطاعات حيوية كالصحة، مطالبين بفتح حوار مجتمعي موسع يشمل كل الأطراف ذات الصلة، لضمان تحقيق التوازن بين حقوق المالكين ومصالح المستأجرين، دون الإضرار بمنظومة الرعاية الصحية في البلاد.
ويترقب الشارع المصري ما سيسفر عنه اجتماع مجلس النواب يوم الإثنين، وسط دعوات بإجراء تعديلات تحفظ خصوصية القطاع الطبي، وتجنب مصر تداعيات قد تمس مباشرةً حقوق المرضى واستقرار المنظومة الصحية ككل.