تستمر مصر في تعزيز مكانتها كواحدة من أبرز الأسواق الواعدة في قطاع الأدوية على مستوى القارة الإفريقية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مستفيدة من موقعها الجغرافي الاستراتيجي وبنيتها الصناعية المتطورة، وقد أصبحت مصر مركزًا إقليميًا لتوزيع الأدوية، معتمدة على مقومات قوية تشمل وفرة الأيدي العاملة الماهرة بتكلفة تنافسية، وسوق محلية ضخمة، فضلًا عن سهولة الوصول إلى أسواق إفريقيا وآسيا وأوروبا، مما يمنحها ميزة تنافسية عالية في مجالي التصدير وتقليل التكاليف اللوجستية.

مواضيع مشابهة: شراكات استراتيجية لتعزيز جودة واستدامة خدمات الرعاية الصحية وفقاً للسبكى
صناعة الادوية
في عام 2023، بلغت القيمة السوقية لقطاع الأدوية في مصر نحو 56.6 مليار دولار، لتصبح بذلك أكبر منتج ومستهلك للأدوية في إفريقيا، وحققت صادرات القطاع حوالي 400 مليون دولار في نفس العام، مما يعكس أهمية هذا القطاع في هيكل الاقتصاد الوطني.
ممكن يعجبك: “مدينة أكتوبر الجديدة تتحول من صحراء إلى مجتمع متكامل ضمن مشروع سكن لكل المصريين”
السوق الدوائي المصري
تشير التقديرات إلى أن السوق الدوائي المصري سيشهد نموًا سنويًا مركبًا بنسبة 5.48% خلال الفترة من 2024 إلى 2029، ليصل حجمه إلى نحو 2.045 مليار دولار بحلول عام 2029، ويعزى هذا النمو إلى السياسات الحكومية الداعمة، وزيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتوسيع الطاقة الإنتاجية للمنشآت الصناعية.
ومن أبرز ملامح التقدم في هذا القطاع، ارتفاع حجم السوق المحلي إلى أكثر من 215 مليار جنيه مصري في عام 2023، مقارنة بـ 40 مليار جنيه فقط في عام 2014، مما يعكس تطورًا ملموسًا في القدرات التصنيعية وحجم الاستهلاك.
الدواء والمستلزمات الطبية
على صعيد التصدير، سجلت صادرات المستحضرات الدوائية والمستلزمات الطبية خلال مارس 2024 نحو 148.2 مليون دولار، متجاوزة المعدل الشهري البالغ 144.1 مليون دولار، لتصل قيمة الصادرات في الربع الأول من العام إلى 432.2 مليون دولار.
يعتمد السوق المحلي بنسبة 91% على الإنتاج الوطني لتلبية احتياجاته، بينما تغطي المستحضرات المستوردة النسبة المتبقية، البالغة 9%، مما يعكس قرب مصر من تحقيق الاكتفاء الذاتي.
في إطار دعم الحكومة لهذا القطاع الحيوي، تم تأسيس “صندوق مصر الفرعي للخدمات الصحية والصناعات الدوائية” عام 2020، لتسهيل الشراكات مع القطاع الخاص وتوطين صناعة الدواء وتعزيز سلاسل التوريد.
كما تم إنشاء “مدينة الدواء” على مساحة 180 ألف متر مربع، والتي تُعد من أكبر المدن الدوائية في الشرق الأوسط، حيث بلغت طاقتها الإنتاجية في عام 2023 نحو 26 مليون عبوة، مع خطة لزيادتها إلى 60 مليون عبوة في عام 2024.
أبرمت مصر عدة شراكات دولية لتطوير قدراتها التصنيعية، منها اتفاقيات مع المملكة العربية السعودية، والإمارات، والأردن، لتعزيز الاستثمار المشترك وتبادل الخبرات التقنية ودعم التكامل العربي في هذا المجال.
رغم التقدم المحرز، لا تزال الصناعة تواجه تحديات متعددة، أبرزها ارتفاع تكلفة المواد الخام المستوردة، وتأثير اتفاقية حقوق الملكية الفكرية (TRIPS) على القدرة المحلية في تطوير بعض المستحضرات.
توصي الجهات المختصة بضرورة إعادة النظر في آليات تسعير الدواء بما يواكب تغيرات تكلفة الإنتاج، إلى جانب زيادة مخصصات البحث العلمي والابتكار، وتوسيع التعاون الدولي عبر اتفاقيات تيسر دخول الأدوية المصرية إلى أسواق جديدة، لا سيما ضمن التكتلات الاقتصادية التي تنتمي إليها مصر مثل السوق العربية المشتركة والكوميسا والبريكس.