مستنقع الفساد في بوتاجاسكو وتواطؤ إيجاس مع تجاهل وزارة البترول

في واحدة من أكثر قضايا الفساد تعقيدًا في قطاع البترول، حصلت “نيوز رووم” على مستندات رسمية وشهادات موثقة تكشف حجم التجاوزات والانتهاكات داخل الذراع التنفيذية لنقل وتوزيع أسطوانات البوتاجاز في مصر، وسط صمت مطبق من وزارة البترول، وتواطؤ واضح من الشركة القابضة للغازات الطبيعية “إيجاس”، والهيئة العامة للبترول، والجهات الرقابية.

مستنقع الفساد في بوتاجاسكو وتواطؤ إيجاس مع تجاهل وزارة البترول
مستنقع الفساد في بوتاجاسكو وتواطؤ إيجاس مع تجاهل وزارة البترول

مستنقع الفساد في “بوتاجاسكو” وتواطؤ “إيجاس” وتجاهل الوزارة والهيئة الرقابية.

شكاوى العاملين تُقابل بالعقاب

تكشف التحقيقات أن “إيجاس” لا تتعامل بجدية مع الشكاوى التي تتلقاها من العاملين في شركة بوتاجاسكو، بل تقوم بإحالتها إلى إدارة الشركة نفسها، والتي بدورها تعاقب الشاكي بدلًا من التحقيق في الوقائع، وتتراوح العقوبات بين الإيقاف عن العمل، الفصل، أو الحرمان من الترقيات، وتؤكد المصادر أن هذا الأسلوب تفاقم مؤخرًا مع تولي رئيس جديد لبوتاجاسكو، الذي تربطه صلة قرابة مباشرة (ابن خالة) برئيس “إيجاس”، وهو ما يفسر، وفقًا للمصادر، الحصانة التي يتمتع بها، والتغاضي المتعمد عن أي تجاوزات تتم داخل الشركة.

مخالفة التسعيرة الرسمية… والضغط على السائقين

بحسب مستند حصلت عليه “نيوز رووم”، فإن شركة بتروجاس تبيع الأسطوانة لبوتاجاسكو بسعر 192.31 جنيهًا، في حين تُجبر الأخيرة السائقين والعمال على توريدها بسعر 210 جنيهات، بزعم أنها طلبات “توصيل”، وهو ما يعد مخالفة صريحة للسعر الرسمي، وتبين أن كميات كبيرة من الأسطوانات تُباع خارج الدفاتر الرسمية، حيث تظهر مطابقة بيانات دفتر “22 تموين” عددًا أقل بكثير من المبيعات الفعلية، ما يفتح الباب أمام شبهة إخفاء الكميات والتربح غير المشروع.

تحميل العمال نفقات غير قانونية

كشفت المستندات عن تحميل العمال والسائقين مبالغ مالية شهرية ضخمة دون وجه حق، تشمل فواتير الكهرباء، والمياه، والتليفونات، والمطبوعات، بل ورواتب بعض الجهات، وذلك مقابل السماح لهم ببيع الأسطوانة بسعر أعلى من التسعيرة الرسمية، وعند اعتراض أي عامل، يتم تلفيق مخالفات له وإحالته للتحقيق، وتكون قرارات الإيقاف أو الفصل “جاهزة سلفًا”، كما رُصدت حالات “عقاب جماعي”، أبرزها منع ترقية السائقين إلى وظيفة مدير عام مساعد بالمخالفة للمادة 25 من لائحة الشركة.

استقطاعات علاجية رغم انتهاء العقد!

بحسب الوثائق، انتهى عقد شركة الرعاية الطبية التي تتولى علاج العاملين وأسرهم في نوفمبر 2024، ورغم ذلك، تستمر الشركة في استقطاع 362.5 جنيهًا شهريًا من العاملين، دون تقديم أي خدمة علاجية، وأسفر ذلك عن تراكم فائض يتجاوز 2 مليون جنيه، ترفض الإدارة المالية رده للعاملين، بل تصر على الاستقطاع الشهري، في مخالفة جسيمة للقانون.

شكاوى العاملين تتصاعد على السوشيال ميديا

ورصدت “نيوز رووم” عبر صفحات العاملين على مواقع التواصل الاجتماعي تصاعد الغضب من غياب الرعاية الطبية، مع مطالبات واسعة بتفعيل الخدمة أو وقف الاستقطاع غير القانوني، لكن الإدارة قابلت هذا الصدى المجتمعي بالتجاهل التام، في موقف يزيد من تفاقم الأزمة، كما تواصلت “نيوز رووم” مع عدد من العاملين داخل الشركة لرصد ما يواجهونه من تضييق واستقطاعات وقرارات عقابية، وتوثيق شكاواهم، وما تم فيها، وما تعرضوا له، تأكيدًا على دور الإعلام في كشف الحقائق وإيصال صوت العاملين.

ترقيات بالمحسوبية.. ومؤهلات لا تؤهل

تكشف التحقيقات عن سلسلة ترقيات إدارية عليا تمت بالمخالفة للوائح، أبرزها ترقية مدير عام الشؤون المالية (طارق فاروق) رغم حصوله فقط على “معهد التعاون”، وقيامه بأغلب خدمته في الشؤون الإدارية، في حين تنص اللائحة على ضرورة حصول المرشح على بكالوريوس تجارة – قسم محاسبة وخدمة كاملة بالشؤون المالية، كما تم ترقية مدير عام الشؤون الإدارية الحاصل على مؤهل متوسط من الجامعة العمالية دون معادلة، رغم صدور قرار رسمي في 2015 باعتبار مؤهله غير جامعي، في المقابل، تم تجاهل العديد من العاملين الأكفأ والأقدم رغم استيفائهم كامل شروط الترقية.

ثلاث ترقيات في 6 سنوات.. للمقربين فقط!

وثقت المستندات حصول بعض المقربين من الإدارة على ثلاث ترقيات إدارية عليا خلال 6 سنوات فقط، على غرار مسؤولي المالية والإدارية والقانونية والتخطيط والمتابعة، رغم أن بعضهم لم يتجاوز عمره 45 عامًا، ما يُعد إخلالًا صارخًا بمبدأ تكافؤ الفرص.

رد فعل مثير للسخرية.. ملاحقة “المسربين”

وفي محاولة للسيطرة على تسريب الوثائق، قرر رئيس الشركة منع تداول المستندات إلا في مظاريف مغلقة، ونقل جميع العاملين بمخزن باب الخلق، ظنًا منهم أنهم وراء تسريبها، رغم أن بعض المستندات المُسربة كانت محفوظة بمكتبه الشخصي، ما يثير التساؤلات حول مدى الفوضى الإدارية بالشركة، وتؤكد “نيوز رووم” أنها تواصلت مع مسؤولي شركة “بوتاجاسكو” للحصول على رد رسمي بشأن ما ورد في هذا التحقيق من مستندات وشهادات، وتُجدد التأكيد على أن باب الرد مفتوح في أي وقت، التزامًا بحق القارئ في المعرفة، وحق الجهة المعنية في التوضيح، وفي حال ورود أي رد رسمي من الشركة أو من الجهات ذات الصلة، سيتم نشره بالكامل بذات المساحة والاهتمام.