تغيرت العلاقة بين الملياردير الأمريكي إيلون ماسك والرئيس دونالد ترامب بشكل دراماتيكي على مر السنوات، حيث بدأت بفتور وانتقادات متبادلة، ثم تطورت إلى تحالف سياسي وثيق، لتتحول بعدها إلى خصومة وصراع علني، مما جعل هذه العلاقة مثالًا واضحًا لتقلبات المشهد السياسي الأمريكي الحديث.

مقال مقترح: أردوغان يؤكد أن مفاوضات إسطنبول بين روسيا وأوكرانيا تمثل لحظة تاريخية حاسمة
بداية حذرة وانتقادات متبادلة
في نوفمبر 2016، ومع اقتراب الانتخابات، عبر ماسك عن تحفظاته تجاه ترامب، حيث صرح لقناة CNBC بأنه لا يعتبره “مناسبًا للرئاسة”، وفضل سياسات هيلاري كلينتون في مجالات الاقتصاد والبيئة.
اقرأ كمان: إيران تستهدف تل أبيب بصواريخ باليستية والجيش الإسرائيلي يستعد لمواجهة جديدة
قصة العلاقة المتقلبة بين إيلون ماسك ودونالد ترامب
لكن بعد فوز ترامب، فاجأ الجميع بتعيين ماسك في مجالس استشارية اقتصادية بجانب كبار رجال الأعمال، حيث برر ماسك ذلك برغبته في التأثير على السياسات من الداخل، إلا أن الخلاف لم يتأخر، حيث انسحب ماسك من هذه المجالس في يونيو 2017 احتجاجًا على انسحاب واشنطن من اتفاق باريس للمناخ، مؤكدًا أن “تغير المناخ حقيقي” وأن القرار “ليس في مصلحة أمريكا”.
تقارب ملحوظ ومديح متبادل
بحلول يناير 2020، تحسنت العلاقة بشكل لافت، إذ أشاد ترامب بماسك واصفًا إياه بـ”عبقري” يشبه توماس إديسون، وفي مايو من العام نفسه، دعم ترامب علنًا إعادة فتح مصنع “تسلا” في كاليفورنيا رغم قيود كورونا، فشكره ماسك علنًا، ثم أعلن ماسك في 2022 أنه سيعيد حساب ترامب على منصة “إكس” إن امتلكها، واصفًا حظره بأنه “خطأ أخلاقي فادح”.
خصومة علنية وتصريحات نارية
غير أن التقارب لم يدم طويلًا، ففي يوليو 2022 وصف ترامب ماسك بـ”المخادع” واتهمه بالكذب بشأن تصويته له، ورد ماسك مهاجمًا ترامب، داعيًا إياه إلى عدم الترشح مجددًا للرئاسة، وواصفًا تصريحاته بـ”المضلِّلة”.
تحالف متجدد مع حملة 2024
عادت العلاقة للتحسن مع انطلاق حملة ترامب لولاية ثانية، وبعد محاولة اغتيال فاشلة تعرض لها ترامب في يوليو 2024، أعلن ماسك دعمه الكامل له، بل رشّح السيناتور جي دي فانس ليكون نائبًا للرئيس، وهو ما تحقق لاحقًا، وخلال ولاية ترامب الثانية، أصبح ماسك من أبرز داعميه، متبرعًا بأكثر من 200 مليون دولار لصناديق دعمه، وشارك بصفة مستشار رئيسي في مبادرة جديدة عُرفت باسم “دوج” (DOGE)، تهدف لتقليص البيروقراطية الحكومية.
بداية الانشقاق: قانون “الكارثة المالية”
في مايو 2025، بدأت الخلافات تطفو مجددًا مع تمرير الجمهوريين مشروع قانون “Big, Beautiful Bill”، الذي انتقده ماسك بشدة، معتبرًا أنه “كارثة مالية” تمس مصالح تسلا بسبب إلغاء الحوافز البيئية وتقليص إعفاءات السيارات الكهربائية، ورد ترامب بنبرة دبلوماسية، لكنه لاحقًا هدد بإلغاء عقود حكومية مهمة لـ”سبيس إكس” و”تسلا”، بينما أعلن ماسك نيته سحب دعم مركبة “دراجون” من برنامج ناسا.
استقالة وانفصال نهائي
في نهاية مايو 2025، أعلن ماسك استقالته من “وزارة الكفاءة الحكومية”، مبررًا ذلك بأنه “أنهى مهمته” وحان وقت العودة للتركيز على تسلا، وسط تراجع في أرباحها وضغوط إعلامية بشأن تدخله في السياسة، وبحلول يونيو، اتهم ماسك مشروع القانون الجمهوري بأنه “مدمر استراتيجيًا”، محذرًا من “فقدان ملايين الوظائف”، بينما رد ترامب بتصريحات متناقضة، واصفًا ماسك بأنه “رائع” لكنه ألمح إلى أن “الولاء في واشنطن لا يدوم”.
من رمز للتحالف إلى عنوان للانقسام
تحولت العلاقة بين ترامب وماسك من تحالف استراتيجي بين “أقوى رئيس” و”أذكى ملياردير”، إلى نموذج للانقسام داخل الحزب الجمهوري نفسه، فقد حمل هذا التحول رسائل واضحة عن هشاشة التحالفات السياسية القائمة على النفوذ والمال، وعن هشاشة الثقة داخل مراكز القوة الجديدة في واشنطن، عندما تتصادم المصالح الشخصية مع الأولويات الوطنية.
تلاسنات بين ترامب وماسك
هاجم ترامب خلال الساعات القليلة الماضية، التفويض الحكومي الخاص بالمركبات الكهربائية، ووجه انتقادات لاذعة للرئيس التنفيذي لشركة “تسلا” إيلون ماسك، متهمًا إياه بالحصول على “إعانات حكومية لم يحصل عليها أي شخص آخر في التاريخ”.
إيلون ماسك يحصل على دعم حكومي هائل
وفي منشور عبر منصته “تروث سوشيال”، قال ترامب: “إيلون ماسك كان يعلم منذ فترة طويلة قبل إعلانه دعمي في الانتخابات، أنني كنت دومًا من أشد معارضي تفويض المركبات الكهربائية، هذا التفويض سخيف، وكان دائمًا جزءًا من برنامجي الانتخابي، السيارات الكهربائية جيدة، لكن لا ينبغي فرضها على الجميع”.
وأضاف ترامب: “إيلون ماسك يحصل على دعم حكومي هائل، لم يحصل عليه أحد من قبل، وبدون تلك الإعانات، كان على الأرجح سيغلق شركته ويعود إلى جنوب إفريقيا، لا صواريخ، لا أقمار صناعية، لا سيارات كهربائية، وسنوفر نحن أموالًا طائلة”.
ماسك: اقطعوا كل شيء الآن
وختم منشوره بتلميح ساخر إلى ضرورة تدخل وزارة حكومية وهمية سمّاها “DOGE”، طالبًا منها التحقيق في حجم الأموال التي يحصل عليها ماسك، قائلاً: “هناك مليارات يمكن إنقاذها”، في المقابل، رد ماسك بمنشور مقتضب على منصة “إكس” قال فيه: “اقطعوا كل شيء الآن”، في إشارة واضحة إلى تأييده التوقف عن تقديم الدعم الحكومي، وأضاف: “كل ما أطلبه هو ألا تفلس أمريكا”، متسائلًا: “ما فائدة وضع سقف للدين إذا كنا نستمر في رفعه؟”.