في إطار سعي مصر المتواصل نحو تحقيق التنمية المستدامة وضمان صمود اقتصادها أمام التحديات العالمية، شارك الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، في مؤتمر الأمم المتحدة الرابع لتمويل التنمية، الذي أقيم في مقاطعة إشبيلية الإسبانية.

مقال مقترح: إعلان عن مسابقة لتعيين معلمي الحصة قريباً
وألقى الدكتور مدبولي كلمة خلال فعالية رفيعة المستوى بعنوان “حلول الديون من أجل الصمود والإصلاح – تمويل أجندة 2030 في إفريقيا وما بعدها”، بحضور كل من الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والسيد أحمد كُجوك، وزير المالية، والدكتور محمود محيي الدين، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة.
مقال له علاقة: إلغاء حالة البناء المخالف في المهد بشارع الشيخ مبارك شمال الأقصر
أزمة الدين العالمي
استهل رئيس الوزراء كلمته بالترحيب بالحضور، معربًا عن سعادته بالتواجد في هذا الحدث الدولي المهم، مؤكدًا إصرار مصر على التوصل إلى حلول فعالة لأزمة الدين العالمي تُمكّن الدول النامية من تمويل أجندة التنمية المستدامة.
وأشار إلى أن الاقتصاد العالمي يعاني من حالة من عدم اليقين بسبب ضعف النمو، وتصاعد التوترات التجارية، وارتفاع تكاليف التمويل، إضافة إلى المخاطر الجيوسياسية والمناخية، مما يؤثر سلبًا على جهود التنمية حول العالم.
إصلاحات مالية جادة
وأوضح أن مصر قامت بإجراء إصلاحات مالية جادة للحد من الدين العام، شملت توسيع القاعدة الضريبية وتسهيل الإجراءات الضريبية، إلى جانب تعميق برنامج الطروحات العامة لجذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز دور القطاع الخاص في دعم النمو الاقتصادي.
وأكد رئيس الوزراء أن مصر حققت خلال السنوات الخمس الماضية فوائض أولية في الميزانية، منها فائض 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، مع استهداف تحقيق فائض 4% في العام المالي المقبل، ما ساهم في خفض نسبة الدين العام من 96% في يونيو 2023 إلى حوالي 90% في يونيو 2024، ومن المتوقع أن تصل إلى 86% بحلول نهاية السنة المالية 2024/2025، مع التزام الحكومة بالحفاظ على هذا المسار التنازلي.
نمو اقتصادي مستدام
كما أكد مدبولي أن الحكومة تركز على تحقيق نمو اقتصادي مستدام بقيادة القطاع الخاص، إلى جانب تطوير أدوات مالية مبتكرة ودعم مشاريع تنموية، خاصة في قطاع الطاقة المتجددة.
وأشار إلى أن اتفاقية رأس الحكمة التاريخية مع دولة الإمارات العام الماضي جذبت استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 35 مليار دولار، وهو أكبر مبلغ استثمار أجنبي مباشر في تاريخ مصر، مضيفًا أن هذه الاستثمارات تشمل مشروعات سياحية، سكنية، مناطق استثمارية، ومدن ترفيهية، فضلاً عن مرافق خدمية مثل المستشفيات والمدارس والجامعات، مشيدًا بجهود مبادلة الديون بالاستثمار التي تحقق مكاسب مشتركة للدائنين والمقترضين.
وأوضح أن تنويع أدوات الدين وتحسينها يعزز أجندة التنمية الوطنية وجودة الاستثمارات، مؤكدًا تقدير مصر لشركائها في التنمية الذين يقدمون الدعم المالي والفني وبناء القدرات ونقل المعرفة، مع تأكيد دعم الحكومة الكامل للقطاع الخاص.
الإصلاحات الهيكلية المالية العالمية
وفيما يتعلق بالإصلاحات الهيكلية المالية العالمية، قال رئيس الوزراء: “يجب أن يتطور الهيكل المالي الدولي ليقدم المزيد من الدعم للدول النامية، من خلال إعادة هيكلة تضمن وصولاً مستدامًا إلى تمويل طويل الأجل وبتكلفة معقولة، مع وجود آليات عادلة وفعالة لتسوية الديون”، مضيفًا أن ذلك لا يعد فقط حلًا تقنيًا، بل ضرورة لإعادة بناء الثقة في النظام المالي العالمي وتمكين الدول من الاستثمار في شعوبها ومستقبلها.
وأكد مدبولي أهمية منح الدول النامية صوتًا أكبر في صنع القرار الدولي، مشددًا على أولويات الإصلاح التي تشمل توسيع مبادلات الديون، خفض تكاليفها، إعادة توجيه حقوق السحب الخاصة، وتعبئة رأس المال لدى المؤسسات المالية الدولية.
واختتم كلمته بتفاؤل حول الحلول والإصلاحات المطروحة في المؤتمر، مشيدًا بالإرادة السياسية والشعور العالمي بالتضامن الضروريين لتحقيق تقدم ملموس.
تمويل مشروعات التنمية
وخلال الجلسة، استعرضت الدكتورة رانيا المشاط جهود وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية في تمويل مشروعات التنمية من خلال آليات مبتكرة، فضلاً عن مبادلات الديون مع شركاء التنمية.
وأكد وزير المالية أحمد كُجوك على أهمية التعاون بين الدول الأفريقية والمؤسسات المالية الدولية لدعم تمويل التنمية في القارة، مشيرًا إلى جهود مصر في هذا المجال، ومستعرضًا الإصلاحات الاقتصادية التي تدعم النمو وتخفض نسبة الدين.
التنمية المستدامة
من جهته، أشار الدكتور محمود محيي الدين، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، إلى خطورة أزمة الديون وأثرها السلبي على التعليم والصحة والنمو الاقتصادي، داعيًا إلى تعاون دولي عاجل لإيجاد حلول دائمة.
وقدم “محيي الدين” مقترحات تنفيذية تهدف إلى تخفيف أعباء الديون ووضع آليات تمنع تكرار الأزمة، مكملاً تعهدات “إشبيلية” لتأسيس تمويل طويل الأجل ميسور التكلفة لتحقيق التنمية المستدامة.
وجرت خلال الجلسة نقاشات موسعة حول دعم التعاون بين الدول الأفريقية والشركاء الماليين، والإصلاحات الاقتصادية الضرورية لتعزيز التنمية المستدامة في أفريقيا.