القصة الكاملة لنشاط زلزالي غير معتاد في البحر المتوسط

أثار مقطع فيديو متداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول احتمال حدوث كارثة بحرية في البحر المتوسط جدلاً واسعاً، حيث زُعم أنه يعكس نشاطاً غير طبيعي في قاع البحر، وخرج الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، ليضع الأمور في نصابها الصحيح.
في بيان نشره عبر حسابه الرسمي على فيسبوك، أكد شراقي أنه لا توجد أي تقارير علمية رسمية تشير إلى وجود نشاط جيولوجي غير اعتيادي في البحر المتوسط، موضحًا أن مستوى النشاط الزلزالي الحالي أقل من المعدل الطبيعي المعتاد.

القصة الكاملة لنشاط زلزالي غير معتاد في البحر المتوسط
القصة الكاملة لنشاط زلزالي غير معتاد في البحر المتوسط

زلازل البحر المتوسط

أوضح شراقي أن الزلازل التي تم رصدها مؤخراً لم تتجاوز قوتها 3 درجات على مقياس ريختر، مما يجعلها غير مؤثرة وغير قادرة على توليد موجات تسونامي في البحر المتوسط، كما أشار إلى أن حالات الزلازل القوية لا يمكن التنبؤ بها بدقة من حيث التوقيت أو الشدة أو المكان، مما يعني أن التعامل مع هذه الظواهر يتطلب مراقبة مستمرة فقط، وليس الاستباق بالتحذيرات.
وفيما يتعلق بحالة البحر المتوسط، ذكر الدكتور شراقي أن حركة الأمواج طبيعية للغاية، مع احتمال حدوث بعض الاضطرابات الطفيفة نتيجة تيارات هوائية موسمية معتادة خلال يومي الأربعاء والخميس، ولا علاقة لها بأي تهديد جيولوجي، وبشأن إمكانية حدوث تسونامي، بيّن أن ذلك يتطلب توفر عوامل محددة، منها حدوث زلزال قوي تتجاوز شدته 6.5 درجات، وأن يكون مركزه أسفل قاع البحر المتوسط وعلى مسافة قريبة من السطح، وهو ما لا ينطبق على الوضع الراهن في المنطقة.

التجارب النووية تحت الماء

كما نفى الدكتور شراقي أن يكون للتدخل البشري، مثل التجارب النووية تحت الماء، تأثير يُعتد به في توليد موجات تسونامي، موضحًا أن إحداث موجة مدمّرة بهذا النطاق يتطلب طاقة تفجيرية هائلة تعادل ما يقارب 30 قنبلة نووية بحجم قنبلة هيروشيما، وهو سيناريو غير موجود حالياً ولا مبرر للقلق منه، وختم بالتأكيد على أهمية عدم الانسياق خلف مقاطع الفيديو المثيرة للقلق التي تفتقد للمرجعية العلمية، داعياً الجميع للرجوع إلى المصادر الرسمية وذوي الاختصاص في مثل هذه القضايا التي تمس الأمن البيئي والسلامة العامة.

علوم البحار تنفي شائعات المتوسط

من ناحية أخرى، أكدت الدكتورة عبير منير، رئيس المعهد القومي لعلوم البحار والمحيطات بالإسكندرية، أن أجهزة الرصد التابعة للمعهد لم تسجل أي تغيرات غير معتادة في منسوب مياه البحر تشير إلى احتمال وقوع تسونامي في المنطقة، جاء ذلك في بيان رسمي أصدره المعهد للرد على ما تم تداوله مؤخراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انتشر مقطع فيديو يُظهر شابًا داخل غرفة قيادة سفينة، زُعم أنه يعكس تحركات غير طبيعية للأمواج أو نشاطًا بحرياً غير مألوف.

ارتفاع الضغط الجوي وتغيّر التيارات البحرية

ومن جانبه، أوضح الدكتور عمرو زكريا حمودة، رئيس مركز الحد من المخاطر البحرية ورئيس لجنة الخبراء الدولية المعنية بالحد من مخاطر التسونامي، أن الفيديو المتداول لا يستند إلى أي بيانات علمية موثوقة، مشيراً إلى أن الأجهزة التي ظهرت به لم تكن في حالة تشغيل، ولا يوجد ما يدل على تسجيل تغيّرات في حركة الموج، وفسّر حمودة ما حدث بأنه انعكاس لتأثيرات طبيعية متوقعة نتيجة ارتفاع الضغط الجوي وتغيّر التيارات البحرية، مؤكداً أنه لا علاقة لذلك بأي نشاط جيولوجي، وأشار إلى أن المركز القومي لعلوم البحار يعمل ضمن شبكات دولية متخصصة لمراقبة منسوب سطح البحر ونشاط الزلازل، مما يتيح له تتبع أي تحركات أرضية أو بحرية بدقة وعلى مدار الساعة، وشدّد حمودة على أن موجات التسونامي لا يمكن أن تنشأ إلا في حالات الزلازل القوية أو الانزلاقات الأرضية تحت البحر، وهي أسباب بعيدة تماماً عن الظرف الحالي، حيث لم تُسجّل أي مؤشرات تدعو للقلق في نطاق مدينة الإسكندرية أو المناطق الساحلية المجاورة.