“جيش الاحتلال يستخدم المساعدات في غزة ككمائن لقتل الفلسطينيين”

في غزة، أصبحت طوابير المساعدات مشهداً مأساوياً يتكرر يومياً، حيث تحولت من بارقة أمل إلى مصائد موت، فبدلاً من أن توفر قوافل الإغاثة الأمل في ظل الحصار، أصبحت مواقع توزيعها مسرحاً لمجازر متكررة، يُقتل فيها المدنيون وهم يسعون للحصول على القليل من الغذاء والماء.

“جيش الاحتلال يستخدم المساعدات في غزة ككمائن لقتل الفلسطينيين”
“جيش الاحتلال يستخدم المساعدات في غزة ككمائن لقتل الفلسطينيين”

دماء على طريق الجوع

منذ أواخر مايو الماضي، وثقت وزارة الصحة في غزة مقتل ما لا يقل عن 549 مدنيًا بالقرب من مراكز توزيع المساعدات، وإصابة أكثر من 4000 آخرين، في جرائم تقع بعيدًا عن ساحات المعارك، ولكن تحت أنظار العالم، ورغم ذلك، يلتزم جيش الاحتلال الإسرائيلي الصمت ولا يكشف عن عدد الضحايا أو يقدم تفسيرًا رسميًا.

واقع مؤلم يعيشه الفلسطينيون

منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023، يعيش أكثر من مليوني فلسطيني تحت حصار خانق، دمر البنية التحتية وترك السكان بلا ماء أو كهرباء أو مأوى، ومع نزوح أكثر من 85% من سكان القطاع، أصبحت المساعدات الدولية شريان الحياة الوحيد، إلا أن ما يدخل فعليًا لا يلبي الحد الأدنى من الاحتياجات، مما يحول كل نقطة توزيع إلى ساحة صراع من أجل البقاء.

مصائد الموت في غزة

في 29 فبراير 2024، شهد شمال غزة واحدة من أبشع المجازر، حين أطلقت قوات الاحتلال النار على مدنيين تجمّعوا حول قافلة مساعدات، مما أدى إلى مقتل أكثر من 110 أشخاص، معظمهم من النساء والأطفال، لم تكن تلك الحادثة الأولى، فقد سبقتها وتبعتها مجازر مماثلة في شارع الرشيد، ومناطق الكرامة، ورفح، وخان يونس، وثقتها الكاميرات والأقمار الصناعية وشهادات الناجين.

شهادات تدين الجيش.

كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن إفادات لجنود أكدوا تلقيهم أوامر بإطلاق النار عمداً على الجموع المدنية عند نقاط توزيع المساعدات، وقد بدأ المدعي العام العسكري الإسرائيلي تحقيقًا في بعض هذه الوقائع، التي يُشتبه أنها تمثل جرائم حرب، رغم محاولات نفي المسؤولية وادعاء وجود “فوضى ميدانية”.

تعذر إيصال المساعدات

مع تعذر إيصال المساعدات براً، لجأت بعض الدول إلى إلقائها جواً أو محاولة إدخالها عبر ممر بحري من قبرص، لكن هذه الخطوات لم تكن فعالة، إذ كثيراً ما سقطت الطرود في البحر أو في مناطق خطرة، بينما ظل الآلاف دون طعام، مما يثير تساؤلات حول جدوى هذه العمليات: هل هي لأغراض إنسانية فعلًا أم لمجرد التغطية الإعلامية؟

خطر المجاعة يلوح في الأفق

حذرت الأمم المتحدة من أن غزة تقف على شفا مجاعة جماعية، حيث أصبحت الحياة اليومية مرادفًا للبقاء في مواجهة القصف والجوع في آنٍ واحد، ويُباع كيس الدقيق في السوق السوداء بمئات الدولارات، بينما يُقتل من يحاول الحصول عليه من شاحنات الإغاثة، ورغم الإدانات المتكررة، يقف المجتمع الدولي عاجزًا عن اتخاذ أي إجراء حقيقي.

ولم يصدر مجلس الأمن قرارات ملزمة أو مبادرات لتأمين ممرات إنسانية، فيما تواصل إسرائيل سياسة التجويع والترويع وقتل الكبار والأطفال والنساء، أصبح الوضع في غزة، مجرد الانتظار في طابور للحصول على المساعدات كفيلاً بإنهاء حياة إنسان، أطفال يموتون جوعًا، وآباء يُقتلون بحثًا عن كيس طحين، مراكز الإغاثة التي كان يُفترض أن تكون ملاذًا، أصبحت مواقع إعدام مفتوحة، وبين صمت دولي مريب، وعجز أممي مستمر، تتحول الكارثة إلى جريمة ممتدة لا يجرؤ العالم على وقفها.