في تطور جديد على صعيد الجهود الدولية الرامية لوقف الحرب في قطاع غزة، أرسلت إسرائيل وفدًا رفيع المستوى إلى العاصمة القطرية الدوحة مساء اليوم السبت لاستئناف المفاوضات غير المباشرة مع حركة حماس، وذلك بعد تلقيها ردًا رسميًا إيجابيًا من الحركة، رغم وجود تحفظات على ثلاث نقاط رئيسية.

ممكن يعجبك: المبعوث الأمريكي يؤكد قرب ترامب وأردوغان من إنهاء عقوبات أنظمة إس-400 الروسية
تأتي هذه التحركات وسط ترقب إقليمي ودولي حذر، حيث يعقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اجتماعًا مهمًا مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في العاصمة الأمريكية واشنطن لمناقشة مخرجات الوساطة واحتمالات التوصل إلى تهدئة.
ورغم تفاؤل الوسطاء بإمكانية إنجاز اتفاق، فإن المؤشرات على الأرض تعكس مسارًا معقدًا مليئًا بالعراقيل، أبرزها إصرار تل أبيب على الإبقاء على ما تسميه آليات الردع، وهي بنود تتيح لإسرائيل استئناف عملياتها العسكرية متى شاءت، ما تعتبره حماس تهديدًا مباشرًا لهدنة مستقرة.
قطاع غزة.
النقاط الخلافية الثلاث
ويتضمن الرد الذي سلمته الحركة الفلسطينية ثلاث نقاط خلافية على النحو التالي:
1- صيغة تمديد الهدنة لمدة 60 يومًا، إذ تطالب “حماس” بضمان استمرارية التفاوض حتى تحقيق اتفاق نهائي، من دون ربط ذلك بـ”حسن النية”، الذي ترى فيه بابًا مفتوحًا أمام إسرائيل للانسحاب من التفاهمات كما حصل في تجارب سابقة.
2- آلية إدخال المساعدات الإنسانية، حيث ترفض حماس اقتصارها على “مؤسسة غزة الإنسانية” التي أنشأتها إسرائيل بمشاركة أمريكية، وتصر على العودة إلى مسارات تشرف عليها الأمم المتحدة ومنظمات إغاثية محايدة.
3- انسحاب جيش الاحتلال، حيث تطالب حماس بعودة جيش الكيان إلى مواقعه قبل انهيار اتفاق مارس، وهو ما تتحفظ عليه تل أبيب، خصوصًا في مناطق استراتيجية مثل “محور ميراج”.
وأكدت مصادر إسرائيلية مطلعة أن المجلس الوزاري الأمني المصغر بحث هذه التحفظات في اجتماعات متلاحقة، وسط ترجيحات بعدم الموافقة عليها كاملة، خشية أن تُفسر كتنازل سياسي وعسكري أمام حماس، خاصة في ظل الانتقادات الداخلية المتصاعدة لأداء الحكومة خلال العملية الأخيرة في غزة.
من نفس التصنيف: اعتقال 20 شخصاً للاشتباه في دعمهم لمنظمة «فلسطين أكشن» المحظورة في لندن
الاحتلال في قطاع غزة.
في المقابل، يرى مراقبون أن الضغط الأمريكي بات أكثر حضورًا من أي وقت مضى، مع رغبة الرئيس دونالد ترامب في تسجيل اختراق دبلوماسي قد يتم استثماره داخليًا قبل الانتخابات.
ووفق تسريبات صحافية، قد يُعلن الاتفاق بشكل مشترك خلال لقاء نتنياهو وترمب في البيت الأبيض، إذا ما تم تجاوز الخلافات التقنية والسياسية المتبقية.
ورغم طابعها الفني، إلا أن بعض هذه القضايا يحمل أبعادًا حساسة للغاية، وعلى رأسها أسماء الرهائن الإسرائيليين الذين سيتم إطلاق سراحهم، وهوية الأسرى الفلسطينيين المعتقلين الذين ستشملهم الصفقة.
وتشير تقارير إلى أن “حماس” تتمسك بإدراج أسماء ذات رمزية وطنية، بينما ترفض إسرائيل الإفراج عن بعض المحكومين بالمؤبد، أما عدد الرهائن المتوقع إطلاق سراحهم، فيدور الحديث عن 10 أحياء و18 جثمانًا، مقابل نحو 1000 أسير فلسطيني.
ومن القضايا المعقدة أيضًا، مسألة انتشار جيش الكيان الصهيوني داخل غزة، إذ تنص بعض البنود على إعادة انتشاره تدريجيًا، بدءًا من شمال القطاع، ثم الانسحاب لاحقًا من الجنوب، وفق خرائط يجري التفاوض عليها.
غير أن خلافًا لا يزال قائمًا حول مدى هذا الانسحاب وخطوطه النهائية، في ظل إصرار إسرائيل على إبقاء مسافة أمنية داخل غزة، تُقدر بأكثر من كيلومتر.
إلى جانب تلك التفاصيل، تتصاعد الخلافات حول ملف “اليوم التالي” في القطاع، إذ ترفض إسرائيل بقاء حماس في السلطة بأي شكل، وتربط إنهاء الحرب بخروج قادة الحركة من غزة وتجريدها من السلاح، وهي شروط يعتبرها قادة حماس بمثابة إعلان غير مباشر لاستمرار الحرب.
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية عن مصادر سياسية إسرائيلية أن كبار مسؤولي الأمن في إسرائيل، بمن فيهم رئيس الأركان ورئيس جهاز “الشاباك”، يدعمون المضي في اتفاق جزئي على الأقل، يتيح الإفراج عن الرهائن ويوقف العمليات العسكرية مؤقتًا، إلا أن قرار نتنياهو النهائي من المرجح أنه سيعتمد على حسابات سياسية معقدة تتجاوز الميدان العسكري.