أثار إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفضه للتعديلات التي طلبتها حركة حماس على مسودة اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة تساؤلات حول مصير الاتفاق المتوقع، حيث كانت التقديرات تشير إلى إمكانية الإعلان عنه خلال زيارة نتنياهو إلى واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الإثنين المقبل.

اقرأ كمان: الجيش الإسرائيلي يحتجز ركاب سفينة المساعدات “مادلين” قبل وصولها
ورغم هذا التصعيد في المواقف، أعلن نتنياهو في الوقت نفسه عن إرسال وفد إسرائيلي إلى قطر لاستئناف المفاوضات غير المباشرة مع حماس، مما يُعتبر دليلاً على أن الأبواب لا تزال مفتوحة وأن هناك إمكانية لتجاوز الخلافات القائمة.
ممكن يعجبك: عُمان تعلن عن استضافة جولة نووية حاسمة بين واشنطن وطهران يوم الأحد رغم التوقعات المعاكسة
مناورة سياسية
يعتقد المحللون أن رفض نتنياهو لتعديلات حماس ليس سوى مناورة سياسية تهدف إلى تحسين شروط التفاوض في جولة الدوحة المقبلة، وليس إعلانًا فعليًا لإفشال الاتفاق.
كما رجّح المحللون إمكانية تمرير الاتفاق خلال الأيام القليلة القادمة، مشيرين إلى أن الخلاف الأساسي يتعلق بطلب حماس انسحاب الجيش الإسرائيلي من مناطق شمال غزة، وهو ما يمكن حله من خلال صيغة تفاوضية تشمل هذا الملف ضمن قضايا ما بعد التهدئة.
إضافة إلى ذلك، فإن موافقة نتنياهو على إرسال الوفد إلى الدوحة تعني أن الخلافات ليست جوهرية، بل يمكن تجاوزها بصيغ مرضية للطرفين، خصوصًا أن ترامب لن يفوت فرصة استثمار الإعلان عن الاتفاق خلال لقائه بنتنياهو في البيت الأبيض.
قضية معبر رفح وإعادة الانتشار العسكري
ومن النقاط التي أُثيرت في إسرائيل، وفقًا لتقارير إعلامية، طلب نتنياهو من الجيش إعداد خطة لعمل معبر رفح قبل يوم الخميس المقبل، مما يشير إلى جدية التحضير للمرحلة الميدانية التي تلي الاتفاق.
ويعتقد المحللون السياسيون أن الخلاف حول انسحاب القوات الإسرائيلية إلى مواقع ما قبل 2 مارس، وهو تاريخ انهيار تهدئة سابقة، يمكن تجاوزه من خلال ربط هذا الانسحاب بمرحلة لاحقة ضمن “ملفات ما بعد وقف النار”، مقابل تنازلات إنسانية لحماس، مثل عدد الشاحنات المسموح بدخولها إلى غزة أو تحسين ملف الأسرى.
كما يستغل نتنياهو تصريحاته العلنية بالرفض كأداة ضغط مزدوجة: خارجيًا على حماس، وداخليًا على شركائه اليمينيين المتشددين، مثل بن غفير وسموتريتش، المعارضين للاتفاق في الأصل
ويسعى نتنياهو لإظهار الحزم أمام حلفائه في الحكومة، بينما يبقي خطوط التفاوض مفتوحة عبر واشنطن والدوحة، مستخدمًا التصعيد الميداني كوسيلة لدفع حماس نحو تقديم تنازلات.
ترامب: لا مجال للفشل
من المؤكد أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيبذل كل جهوده لإنجاح الاتفاق، خاصة بعد المشاركة الأمريكية في ضرب المنشآت النووية الإيرانية، حيث يُشير إلى أن “ترامب لن يسمح بفشل صفقة كهذه، لأنها تمنحه ورقة قوة في السياسة الخارجية قبل استحقاقات انتخابية مهمة”.
ويرى المراقبون أن حركة حماس تواجه خيارات “محدودة جدًا” إذا استمر نتنياهو في التمسك بمطالبه، خصوصًا مع تصاعد الضغوط السياسية والإنسانية، إلا أن نتنياهو بحاجة ماسة لإنجاز الاتفاق لأسباب تتعلق بالتهدئة الداخلية الإسرائيلية، وتقديم إنجاز ملموس خلال زيارته المرتقبة إلى واشنطن.
في النهاية، يبقى الاتفاق قائمًا، لكن طريقه يمر عبر الدوحة وواشنطن، مع المزيد من المناورات السياسية على الأرض.