لم يمضِ شهرٌ على انتهاء الجولة الأولى من القتال بين إيران وإسرائيل، حتى بدأت بوادر التصعيد الجديد تلوح في الأفق، حيث يسعى الطرفان للاستعداد لجولة ثانية من الصراع قد تكون أكثر تعقيدًا واتساعًا.

ممكن يعجبك: داوود الشريان يتحدث عن الوضع الجديد في الصراع مع إسرائيل
ورغم أن الحرب القصيرة التي اندلعت في يونيو الماضي واستمرت 12 يومًا لم تسفر عن نتائج حاسمة، إلا أن التحركات السياسية والعسكرية الحالية تشير إلى أن المواجهة المقبلة باتت مسألة وقت وليس مجرد احتمال.
نتنياهو يطلب الإذن من ترامب
في تطور مثير، كشفت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية “كان” أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو سيطرح خلال لقائه اليوم مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض طلبًا رسميًا للحصول على الضوء الأخضر لتنفيذ ضربة جديدة ضد إيران.
وتأتي هذه الخطوة في إطار سعي نتنياهو لضمان وقف أي تقدم إيراني في تخصيب اليورانيوم أو تطوير القدرات النووية، خاصة بعد أن أظهرت التقارير الأخيرة أن الضربات السابقة لم تنجح سوى في تأخير المشروع الإيراني لبضعة أشهر فقط.
قدرات إيران لم تُستنزف
صدر تقرير استخباراتي أمريكي سري مؤخرًا عن وكالة استخبارات الدفاع، أكد أن الهجمات الجوية الإسرائيلية التي استخدمت قنابل خارقة للتحصينات لم تُلحق ضررًا فعليًا بالمنشآت النووية الإيرانية، بل أبطأت سير البرنامج النووي مؤقتًا دون أن تمس جوهره.
في المقابل، تُظهر التصريحات الإيرانية، خصوصًا من قيادات الحرس الثوري، أن طهران لا تزال تحتفظ بـ”قدرة صاروخية كافية لعامين من القتال المكثف”، مما يعني أن الضربة الأولى لم تُحدث الأثر الاستراتيجي الذي كانت تأمله تل أبيب.
ثلاث أولويات إسرائيلية
يرى المحلل السياسي غسان يوسف أن إسرائيل تواجه ثلاثة دوافع رئيسية تدفعها نحو تجديد المواجهة مع إيران، وهي كالتالي.
مواضيع مشابهة: إيران: لن نتفاوض مع الأمريكان حول السلاح
- 1. عدم الرضا عن نتائج الحرب الماضية، حيث بيّنت تقارير إسرائيلية وأميركية أن الضربات لم تحقق الهدف المنشود بتقويض البرنامج النووي الإيراني
- 2. الخطر الصاروخي المتنامي، حيث أكدت الحرب السابقة قدرة إيران على استهداف العمق الإسرائيلي، وهو تطور يثير قلق المؤسسة العسكرية الإسرائيلية
- 3. الخوف من الدعم الخارجي لطهران، خاصة مع أنباء عن صفقات تسليحية محتملة مع روسيا والصين، تشمل طائرات شبح وصواريخ فرط صوتية، بالإضافة إلى تعزيز منظومات الدفاع الجوي الإيرانية عبر تقنيات صينية
حرب متعددة الأبعاد
من جهته، يرى المحلل أنس جودة أن التصعيد العسكري القادم سيكون أكثر تعقيدًا مما سبقه، مؤكدًا أن “المنطقة تبتعد تدريجيًا عن أي أفق لتسوية سياسية، وتدخل في حالة دائمة من إدارة الأزمات بدلًا من حلّها”.
ويرجح جودة أن الحرب المقبلة لن تقتصر على ضربات جوية، بل ستشمل أدوات مركبة مثل الهجمات السيبرانية، وتفعيل الحلفاء والوكلاء في ساحات ثالثة، مما يعكس انهيار قواعد الاشتباك التقليدية.
كما يرى أن المواجهة القادمة قد تُستخدم سياسيًا من قبل كل من ترامب ونتنياهو، الأول لتعزيز موقعه الانتخابي، والثاني للهروب من ضغوط المحاكمات المتلاحقة داخل إسرائيل.
توسيع ساحات الصراع بين إسرائيل وإيران
ويلفت جودة إلى أن التصعيد العسكري قد لا يبقى ضمن الحدود الإيرانية الإسرائيلية، مشيرًا إلى إمكانية تحول ساحات مثل لبنان وسوريا إلى خطوط اشتباك غير مباشر، في ظل هشاشة الوضع الأمني وغياب أي اتفاقات ردع.
ويختم المحلل بالتحذير من أن المشهد الإقليمي دخل مرحلة جديدة من السيولة الأمنية، مشددًا على أن أي هدوء حالي هو هدوء هش، وقد يكون تمهيدًا لانفجار غير تقليدي في الشكل والمضمون.