أموال الهلال السعودي المُهدرة تقترب من نصف مليار يورو

تحوّل النادي السعودي في السنوات الأخيرة إلى قوة إنفاقية عظمى في سوق الانتقالات العالمية، بفضل الدعم غير المسبوق من صندوق الاستثمارات العامة السعودي الذي يهدف إلى تعزيز الرياضة السعودية على المستوى الدولي.

أموال الهلال السعودي المُهدرة تقترب من نصف مليار يورو
أموال الهلال السعودي المُهدرة تقترب من نصف مليار يورو

ومع هذا التدفق الهائل للأموال، تتزايد التساؤلات بشكل ملحوظ حول مدى كفاءة هذه الاستثمارات الضخمة، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بصفقات لم تُثمر فنيًا داخل المستطيل الأخضر أو تُحقق عائدًا اقتصاديًا يُذكر على المدى الطويل.

بينما شهدت بعض التعاقدات الأخيرة نجاحًا ملحوظًا وأثبتت أنها كانت رهانًا رابحًا داخل الملعب، فإن حالات أخرى، وعلى رأسها صفقة النجم البرازيلي نيمار دا سيلفا، تُقدم صورة نقيضة تمامًا لمفهوم الاستثمار الرياضي الذكي والفعال.

يُشير هذا التناقض إلى أن نادي الهلال، رغم قوته المالية الهائلة، قد اعتاد على صرف مبالغ طائلة في صفقات لم تُقدم القيمة المضافة المتوقعة، ليُقرر لاحقًا إطلاق سراح هؤلاء اللاعبين بمقابل يكشف عن خسائر مالية فادحة، وبعد أن تكون الأرقام قد فضحت حجم “السقوط” في قيمة الاستثمار.

نيمار – نجم عالمي بفاتورة فلكية ومردود محدود

حين أعلن الهلال في صيف عام 2023 عن تعاقده مع نيمار دا سيلفا قادمًا من باريس سان جيرمان، بدا المشهد احتفاليًا وتاريخيًا، مُعلنًا عن قدوم أحد أبرز نجوم كرة القدم العالمية إلى الدوري السعودي.

لكن خلف هذا الوهج الإعلامي الكبير، اتضحت لاحقًا تفاصيل صفقة شابتها الخسائر المالية والفنية الكبيرة، لقد دفع الهلال مبلغًا ضخمًا بلغ 90 مليون يورو للحصول على توقيع نيمار، بالإضافة إلى راتب سنوي للنجم البرازيلي تجاوز 80 مليون يورو، هذا يعني أن إجمالي ما تكبده الهلال لضم نيمار في عام 2024 فقط، شاملاً رسوم الانتقال جزءًا من الراتب، قد بلغ 101 مليون يورو.

الكارثة الحقيقية تكمن في المردود الفني لهذا الاستثمار، فقد شارك نيمار في 7 مباريات فقط خلال موسم ونصف قضاهما مع الفريق، قبل أن يتم فسخ عقده بالتراضي في يناير 2025، وليس هذا فحسب، بل إن صفقة مغادرته قُدرت بـ 65 مليون يورو إضافية، وهو ما يُعرف بـ “تعويض فسخ العقد” أو “مقابل إنهاء التعاقد بالتراضي” الذي يُدفع للاعب، المحصلة النهائية لهذا الاستثمار هي لاعب تكلّف النادي أكثر من 200 مليون يورو خلال 18 شهرًا فقط، مقابل حصيلة فنية لا تُذكر: هدف واحد و3 تمريرات حاسمة، يُعتبر هذا الرقم الصادم نموذجًا صارخًا لمفهوم “الأموال المهدرة” في الاستثمار الرياضي، حيث لم ينعكس هذا الإنفاق الضخم لا على أداء الفريق داخل الملعب ولا على تحقيق أي من البطولات

ثلاثي تحت المجهر: صفقات ضخمة ومستقبل غامض

تُشير الأرقام أيضًا إلى صفقات أخرى قد تندرج تحت بند “الاستثمار المشكوك فيه”، فالجناح البرازيلي مالكوم، على سبيل المثال، انضم إلى الهلال في صفقة قيمتها 60 مليون يورو، ويتقاضى راتبًا سنويًا يُقدّر بـ 18 مليون يورو، ورغم مشاركته في 98 مباراة وتحقيقه لـ 34 هدفًا و28 تمريرة حاسمة، وهي أرقام لا تُعد سيئة، إلا أن الحديث عن رحيله قد بدأ بالفعل، وترددت أنباء قوية عن احتمالية انتقاله لأندية أخرى بعد منافسات كأس العالم للأندية، هذا يُثير تساؤلات حول مدى قناعة الإدارة والجهاز الفني باستمراريته على المدى الطويل، خاصة مع التكلفة الباهظة للصفقة وراتبه.

أما الهداف الصربي ألكسندر ميتروفيتش، فقد كلّف الهلال 50 مليون يورو، ويتقاضى سنويًا 25 مليون يورو، وعلى الرغم من قدراته التهديفية المعروفة، إلا أن استمراريته وتأثيره على المدى الطويل لا يزالان محل متابعة.

وأخيرًا، صفقة الظهير الأيسر رينان لودي، الذي جاء مقابل 20 مليون يورو في يناير 2024، وسط تضارب كبير في راتبه السنوي الذي يُقدر ما بين 5.1 إلى 20 مليون يورو، والآن، يبدو أن اللاعب مرشح للرحيل بعد موسم واحد فقط، في ظل عدم وجود نية واضحة للإبقاء عليه، خاصة مع اقتراب ظهير أيسر جديد وقوي قادمًا من إي سي ميلان الإيطالي، وهو النجم الفرنسي ثيو هيرنانديز، هذا التغيير السريع يُلقي بظلاله على كفاءة الاختيار الأولي للاعبين.

استثمارات بلا عائد: خطر يلوح في الأفق

تُظهر البيانات أن نادي الهلال السعودي قد أنفق مبلغًا ضخمًا بلغ 478 مليون يورو خلال 3 سنوات فقط، ليحتل بذلك المركز الثالث عالميًا في قائمة الأندية الأكثر إنفاقًا، بعد عملاقي الدوري الإنجليزي تشيلسي ومانشستر يونايتد.

ومع هذه الأرقام الفلكية، تلوح في الأفق مخاطر كبرى إذا لم تُدار هذه الاستثمارات بفعالية أكبر، وربطها بشكل وثيق بالعائد الفني الملموس على أرض الملعب، والعائد الاقتصادي المستدام الذي يُعزز من قوة النادي على المدى البعيد، فبقاء الأرقام ضخمة دون تحقيق الأهداف المرجوة يُمكن أن يُشكل عبئًا كبيرًا على النادي رغم الدعم اللامحدود.