في مثل هذا اليوم، 9 يوليو، وُلد الفنان الكبير حسين صدقي عام 1917، وهو واحد من أبرز رموز السينما المصرية الذين جمعوا بين الفن والالتزام الديني، وقد عُرف بلقب “واعظ السينما” لما تميز به من أخلاق وتوجهات إصلاحية في أعماله الفنية التي تناولت قضايا اجتماعية ودينية.

اقرأ كمان: كريم عبدالعزيز ينعى سامح عبدالعزيز بكلمات مؤثرة
نشأة الفنان حسين صدقي
وُلد حسين صدقي في حي الحلمية الجديدة بالقاهرة، لأب مصري وأم تركية، فقد والده في سن الخامسة، فنشأ تحت رعاية والدته التي حرصت على تربيته تربية دينية صارمة، وعلمته القرآن الكريم وأداء الصلاة منذ صغره، مما ترك أثرًا عميقًا في شخصيته لاحقًا.
مسيرة حسين صدقي الفنية
بدأت مسيرته الفنية في ثلاثينيات القرن الماضي، حيث شارك في أول أفلامه “تيتا وونج” عام 1937، لكن نقطة التحول الأبرز في مشواره جاءت عام 1942، حين أسس شركته الخاصة “أفلام مصر الحديثة”، بهدف إنتاج أفلام تحمل رسالة اجتماعية وإنسانية واضحة.
حرص حسين صدقي على اختيار الموضوعات الهادفة، وقد تجلى ذلك في أعمال مثل: العامل، الأبرياء، ليلى في الظلام، المصري أفندي، طريق الشوك، وغيرها من الأفلام التي تناولت الفقر والظلم الاجتماعي ودور الإنسان في بناء مجتمعه.
كما كتب عددًا من سيناريوهات أفلامه، وأخرج بعضها بنفسه، ليكون من الفنانين القلائل الذين شاركوا في جميع جوانب صناعة السينما.
قيم دينية في ثوب فني
لم يكن التزام حسين صدقي محصورًا في حياته الشخصية فقط، بل حرص على أن تعكس أعماله القيم الأخلاقية والدينية التي يؤمن بها، وكان له علاقات قوية مع رجال الدين، مثل الإمام محمود شلتوت وعبد الحليم محمود، واستشارهم في بعض أفلامه.
اقرأ كمان: هاني حسن الأسمر يشارك كواليس أغنية والده “أغلى من عنيا” خلال لقائه مع منى الشاذلي
كما قام ببناء مسجد بجوار منزله في حي المعادي، الذي أُفتتح عام 1952، وكان يحرص على حضور الصلاة فيه بانتظام، وقد أُطلق عليه الإعلام لقب “واعظ السينما” نظرًا لتوجهاته المحافظة ورسائله الإصلاحية.
وصية حسين صدقي تثير الجدل
من أبرز المواقف المثيرة للجدل في حياة حسين صدقي كانت وصيته قبل وفاته، حيث أوصى بحرق جميع أفلامه، باستثناء فيلم خالد بن الوليد، لما رآه من أن هذا العمل وحده يتوافق مع ما كان يسعى إليه من تقديم فن هادف بروح إسلامية خالصة.
أثارت هذه الوصية انقسامًا واسعًا بين مؤيد ومعارض، لكن بعض علماء الدين، مثل الشيخ محمد متولي الشعراوي، نصحوا أولاده بعدم تنفيذها، معتبرين أن ما قدّمه يمثل فنًا نزيهًا وذا قيمة.
في النهاية، رحل حسين صدقي في 16 فبراير 1976 عن عمر يناهز 59 عامًا، بعد أن ترك إرثًا فنيًا فريدًا يجمع بين الالتزام بالقيم والمستوى الفني الرفيع، وقد كرّمته وزارة الثقافة والهيئة العامة للسينما بعد وفاته كأحد رواد السينما النظيفة في مصر.
وفي ذكرى ميلاده اليوم، يتجدد الحديث عن هذا الفنان الاستثنائي، الذي لا تزال أعماله تُعرض على الشاشات وتحظى بتقدير جماهيري واسع، لما تحتويه من صدق ورسالة خالدة.