في حدث غير مسبوق، ظهر عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني الذي يقبع في السجن منذ عام 1999، في تسجيل مصوّر هو الأول له منذ نحو 26 عامًا، مما اعتُبر لحظة فارقة في تاريخ القضية الكردية والصراع المستمر بين أنقرة والحزب.

ممكن يعجبك: ألمانيا تفكر في إعادة التجنيد الإجباري بسبب تصاعد التحديات الأمنية في أوروبا
صُوّر داخل سجن “إمرالي”
التسجيل، الذي بثّته وسائل الإعلام التركية الرسمية صباح اليوم الأربعاء، تم تصويره داخل سجن “إمرالي” شديد الحراسة، حيث يقضي أوجلان حكمًا بالسجن المؤبد منذ توقيفه في كينيا وتسليمه إلى تركيا في عملية وصفت بـ”النوعية”.
مواضيع مشابهة: إيرينا تسوكرمان تؤكد أن لقاء نتنياهو وترامب يحدد استراتيجية طويلة الأمد في المنطقة
ما يثير الانتباه في ظهور أوجلان لم يكن فقط خروجه من العزلة الطويلة عن الإعلام والرأي العام، بل ما تضمنه من رسائل وصفها البعض بـ”الاستراتيجية”، حيث أعلن الرجل الذي كان رمزًا للكفاح الكردي المسلح لعقود أن “مرحلة العمل العسكري قد انتهت”، مؤكدًا ضرورة التحول إلى المسار السياسي كسبيل وحيد لتحقيق تطلعات الأكراد في تركيا.
دعوة إلى البرلمان التركي ومفاجآت في الخطاب
في الخطاب المسجّل، دعا أوجلان البرلمان التركي إلى تشكيل لجنة رسمية تشرف على ما سماها “عملية السلام الجديدة”، مشددًا على أن نزع سلاح الحزب سيتم قريبًا، وأن القيادة الحالية مستعدة للدخول في حوار مباشر مع مؤسسات الدولة التركية لإنهاء الصراع بشكل نهائي.
كما اعتبر أن الأجندة الانفصالية التي تبنّاها الحزب لعقود “لم تعد قائمة”، واصفًا هذا التحول بأنه “نصر تاريخي للشعب الكردي والتركي معًا”، في نبرة تصالحية تُعتبر الأولى من نوعها منذ اندلاع التمرد الكردي في ثمانينيات القرن الماضي.
من هو عبد الله أوجلان؟ ولماذا هذا الظهور مهم؟
عبد الله أوجلان، الذي يُعد أبرز الوجوه في الحركة الكردية المسلحة في تركيا، أُدين بالخيانة والإرهاب عقب اعتقاله، وعُزل بشكل شبه تام داخل السجن منذ ذلك الحين، حيث مُنعت عنه الزيارات الإعلامية والعائلية لفترات طويلة، مما جعل هذا الظهور المصور حدثًا استثنائيًا من حيث التوقيت والمضمون.
يأتي هذا الظهور بعد أسابيع قليلة من إعلان قيادة حزب العمال الكردستاني بشكل مفاجئ في مايو الماضي قرارًا بحل التنظيم عسكريًا، ووضع حد لصراع دامٍ استمر أكثر من 40 عامًا، أسفر عن مقتل عشرات الآلاف من الجانبين وأدى إلى دمار واسع في جنوب شرق تركيا.
ردود فعل أولية
الظهور المفاجئ لأوجلان أثار تساؤلات حول ما إذا كانت هناك صفقة خلف الكواليس بين أنقرة وبعض قيادات الحزب، خاصة مع اقتراب الانتخابات المحلية المقررة مطلع 2026، حيث تسعى الحكومة التركية إلى كسب أصوات المناطق ذات الغالبية الكردية.
في المقابل، لم تُصدر الحكومة التركية بعد تعليقًا رسميًا على مضمون الخطاب أو ما إذا كانت هناك خطوات مرتقبة بشأن لجنة برلمانية كما دعا أوجلان.
بينما رحب أنصاره بالخطوة واعتبروها “فتحًا سياسيًا”، شككت بعض الأصوات المعارضة في نوايا الحكومة، معتبرين أن السماح ببث هذا التسجيل في هذا التوقيت يحمل أبعادًا سياسية أكثر من كونه انفتاحًا حقيقيًا.