أثار مقطع مصور جديد لحركة حسم المسلحة، والذي تضمن تهديدات بشن هجمات داخل مصر، جدلاً واسعاً، خاصة بعد إعلان جماعة الإخوان، التي تم إدراجها على قوائم الإرهاب في عدة دول، تبرؤها من الحركة، حيث جاء البيان على لسان محمود حسين، القائم بأعمال المرشد في ما يُعرف بـ”جبهة إسطنبول”، الذي نفى أي صلة بين الجماعة وحركة “حسم”، مؤكدًا دعم الإخوان لمؤسسات الدولة، وعلى رأسها القوات المسلحة.

مقال مقترح: إسرائيل تستهدف المنشآت النووية ومرافق تصنيع الأسلحة في إيران
لكن اللغة المستخدمة في البيان كانت مختلفة عن بيانات الجماعة التقليدية، إذ حملت إشارات واضحة لدعم الدولة ومؤسساتها، مما اعتبره مراقبون محاولة لإعادة تقديم الجماعة بصورة معتدلة، بينما زعم بعض الأصوات الإخوانية أن الدولة هي من صنعت فيديو حركة حسم.
ورغم أنه بعد عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، أعلن عدد من قيادات تنظيم الإخوان مسؤوليتهم عن حرب الإرهاب التي اندلعت ضد القوات المسلحة في سيناء، حيث كان من أبرز تلك التصريحات لمحمد البلتاجي الذي قال “إن ما يحدث في سيناء يتوقف في الثانية التي يعود فيها مرسي إلى السلطة”، فما تفسير محاولة الإخوان للهروب من ارتباطهم بحركة حسم؟
حركة حسم.
خلافات داخلية وصمت من جبهة لندن
جاء البيان بعد دعوة من السياسي أيمن نور، المقرب من تنظيم الإخوان، بضرورة إدانة التهديدات الصادرة عن “حسم”، ورغم ذلك، لم يصدر أي تعليق من “جبهة لندن”، التي تمثل الطرف المناوئ لجبهة إسطنبول داخل الإخوان.
في المقابل، أعربت جهات محسوبة على ما يُعرف بـ”جبهة المكتب العام لتيار التغيير” عن تأييدها للمقطع، معتبرةً إياه دليلاً على استمرار ما وصفوه بـ”المقاومة المسلحة”، حيث اعتبر بعض قادتها، مثل يحيى موسى، أنه يعكس توجهاتهم.
العمل المسلح.. جزء من تاريخ الإخوان
وفقاً لتقارير سابقة، فإن العلاقة بين جماعة الإخوان والعمل المسلح ليست جديدة، فقد عقد مجلس شورى الإخوان اجتماعًا سريًا في عام 2014 بعد الإطاحة بالتنظيم من الحكم، حيث ناقشوا استراتيجية جديدة سُميت “خطة الإنهاك والإرباك والحسم”، والتي كانت تهدف لاستخدام العنف لإضعاف الدولة المصرية.
كما أضفى التنظيم طابعًا دينيًا على هذا التوجه عبر لجنة شرعية أصدرت دراسة بعنوان “فقه المقاومة الشعبية”، التي أجازت استهداف مؤسسات الدولة، وفي تلك الفترة، أسس التنظيم الإخواني ما يُعرف بـ”إدارة العمل الثوري”، وتحت إشرافها ظهرت حركات مسلحة مثل “المقاومة الشعبية” و”العقاب الثوري”، التي نفذت عمليات استهدفت منشآت وأفراد أمن، بما في ذلك تفجير خطوط الكهرباء المغذية لمدينة الإنتاج الإعلامي عام 2015.
انقسامات وتنظيمات موازية
أدت الخلافات حول جدوى العمل المسلح إلى انقسام داخل الجماعة، حيث تم إقالة القيادي محمد كمال من منصبه عام 2016، ليؤسس لاحقًا “جبهة المكتب العام”، وفي حين أعلنت جماعة الإخوان رسميًا رفضها للعنف، استمرت بعض الحركات المسلحة في تنفيذ عمليات، مثل اغتيال النائب العام السابق هشام بركات، وظهور تنظيمات مثل “حسم” و”لواء الثورة”.
اقرأ كمان: تصاعد الصراع حول إقالة نتنياهو لرئيس الشاباك.. هل هو خلاف شخصي أم سياسي؟
ردود متباينة وتحليلات مراقبين
يرى الخبير في شؤون الحركات الإسلامية أحمد بان أن بيان جبهة إسطنبول يمثل محاولة لإظهار تيار معتدل داخل الجماعة يرفض العنف ويسعى للتقارب مع الدولة، بينما يعتبر أن محمود حسين يحاول استثمار هذا الموقف لبناء حالة من الثقة، على أمل فتح باب للحوار.
بينما يرى الباحث صبرة القاسمي أن ما يحدث ليس سوى توزيع أدوار بين مكونات الجماعة، التي مارست العنف تاريخياً وتحاول الآن التبرؤ منه لتحقيق مكاسب سياسية، مشيرًا إلى أن البيان ورد الفعل السريع من محمود حسين وأيمن نور يهدف إلى نفي التهم وربط الإرهاب بأطراف أخرى.
محاولة للعودة أم إفلاس سياسي؟
تتفق آراء المراقبين على أن تنظيم الإخوان يعيش أزمة داخلية حادة، حيث تواجه الجماعة رفضًا شعبيًا ومؤسساتيًا واسعًا في مصر، وفي ظل فشلها في العودة إلى المشهد السياسي، تحاول من خلال خطابات جديدة تقديم صورة مختلفة، إلا أن سجلها الطويل من التحريض والعنف يجعل هذه المناورات محدودة التأثير، خاصة في ظل وعي مجتمعي واسع بماضيها وخطورتها.