من الفحم إلى اللهب ديربي الرور.. صراع شالكه ودورتموند يستمر بلا توقف

في ديربي الرور، تُكتب القوانين بالأظافر على جدران الملعب، ولا صوت يعلو فوق أصوات الهتاف، هنا، تنكسر الصداقات، وتذوب التحالفات، وتُنسى جميع البطولات.

من الفحم إلى اللهب ديربي الرور.. صراع شالكه ودورتموند يستمر بلا توقف
من الفحم إلى اللهب ديربي الرور.. صراع شالكه ودورتموند يستمر بلا توقف

ديربي الرور بين بروسيا دورتموند وشالكه

 

هنا الهدوء الذي يسبق العاصفة، لا تُسمع سوى دقات قلوب الآلاف الذين ينتظرون بداية المباراة، لا أحد يتحدث، لا أحد يبتسم، في هذه البقعة من ألمانيا، لا مكان للحياد، أنت إما مع الأسود والأصفر، أو الأزرق الملكي، وبينهما، لا خيار ثالث، لأن الفوز يعني الخلود، والخسارة تعني السقوط في بئر المذلة.

كل شيء في هذا الديربي ينبض بالحقد القديم، من دخان المصانع الذي يحجب الشمس، إلى الأغاني الغاضبة القادمة من المدرجات، إلى العيون المشتعلة للاعبين وهم يصطفون على خط البداية، إنه ليس مجرد لقاء بين دورتموند وشالكه، بل هو صراع أجيال، امتداد لمعركة بدأت منذ قرن ولا تزال مستمرة حتى اليوم.

 

مهد الديربي وبداية العداء

 

بدأ التنافس بين الغريمين في عشرينيات القرن الماضي، حيث كانت أول مباراة بينهما في الثالث من مايو عام 1925، حيث فاز شالكه بأربعة أهداف مقابل هدفين، لكن العداء الحقيقي لم يتبلور إلا بعد الحرب العالمية الثانية، عندما بدأت كرة القدم الألمانية تأخذ طابعها الاحترافي بشكل أكبر، وارتفعت حدة المنافسة بين الثنائي في منطقة الرور.

سيطرة شالكه .. وريمونتادا دورتموند

فرض الفريق الملكي الألماني “شالكه” سطوته على الديربي بين عامي 1936 و1943، حيث حقق 14 انتصارًا متتاليًا على أسود فستيفال، لكن منذ السبعينات، بدأت الأمور تتغير تدريجيًا، حيث بدأ بوروسيا دورتموند في فرض نفسه كقوة كروية، خاصة مع بداية عصر الدوري الألماني الحديث “البوندسليجا” عام 1963.

العداء الكبير بين الجماهير

يمتاز ديربي الرور بشحن جماهيري كبير، وغالبًا ما يكون مصحوبًا بحوادث شغب أو توتر أمني، يعتبر مشجعو دورتموند جماهير شالكه عدوهم الأزلي، والعكس صحيح، وتظهر لافتات العداء في المدرجات، بل إن بعض المشجعين يرفضون ذكر اسم النادي المنافس بشكل مباشر، ويكتفون بتسميته “الطرف الآخر”، وقد صرّح أحد أساطير شالكه قائلًا: “الخسارة أمام بايرن ميونخ مقبولة، لكن الخسارة أمام دورتموند لا تُغتفر”

أبرز من لعبوا لكلا الفريقين

رغم العداء الكبير، انتقل عدد قليل من اللاعبين بين الناديين، وبعضهم ترك بصمة واضحة، مثل “أندرياس مولر” الذي لعب لدورتموند ثم انتقل إلى شالكه، وكان جزءًا من المنتخب الألماني الفائز بكأس أمم أوروبا 1996، كما لعب ماريو جوتزه لفترة قصيرة في الفئات السنية لشالكه قبل أن ينتقل إلى أسود فستيفال، ويصبح أحد أبرز نجومه، ويسجل هدف الفوز بكأس العالم 2014 مع ناشيونال مانشافت، بينما لعب ماركوس بابل لفترة قصيرة مع شالكه بعد مسيرة ناجحة في بايرن ميونخ وليفربول، وسبق له التواجد مع بوروسيا دورتموند لفترة وجيزة.

أشهر النتائج والمباريات التاريخية

على مر العقود، شهد ديربي الرور مواجهات لا تُنسى، ومن أبرزها:

ديربي 1940، حيث اكتسح شالكه غريمه بوروسيا دورتموند بعشرة أهداف دون رد، في واحدة من أكبر النتائج في تاريخ الديربي، جاءت في فترة هيمنة الفريق الملكي على الكرة الألمانية، وديربي 1969 الذي كان عنوانه “شالكه يواصل الهيمنة”، حيث اكتسح غريمه دورتموند برباعية بيضاء في معقل الفريق الأسود والأصفر، وديربي 2017 الأكثر إثارة في تاريخ المواجهات، حيث شهد تقدم دورتموند بثلاثية نظيفة في الشوط الأول، قبل أن يعود شالكه في الشوط الثاني بهدفين، ليزيد أوباميانغ الإثارة بهدف رابع للجراد الأصفر، قبل أن يسجل شالكه هدفين متتاليين في الوقت الضائع، ليفرض التعادل بأربعة أهداف لكل فريق، في واحدة من أكثر المباريات جنونًا
 .

شالكه يتفوق نسبيًا

حتى منتصف عام 2025، التقى الفريقان في أكثر من 150 مرة في مختلف المسابقات، وكانت الحصيلة متقاربة نسبيًا، حيث فاز شالكه في 60 مباراة، مقابل 55 انتصارًا لغريمه دورتموند، وتعادلا في أكثر من 30 مواجهة، هذا التقارب في الأرقام يعكس حجم التنافس الكبير على مدى قرن من الزمن.

أخيرًا، يبقى ديربي الرور أكثر من مجرد مباراة كرة قدم، بل هو صراع هوية وتاريخ ومكانة في قلب ألمانيا، سواء كان الفريق في القمة أو يعاني في القاع، تبقى هذه المباراة الحدث الأبرز في الموسم لكل من مشجعي دورتموند وشالكه، لأنها ببساطة لا تُقاس بالنقاط، بل بالشرف والكرامة.