حذر الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، من المخاطر القانونية الكبيرة للخريطة التي ظهرت خلال لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأمريكي في واشنطن، حيث تُظهر سهماً يمتد من غزة إلى مكة المكرمة، واصفاً إياها بانتهاك صارخ للقانون الدولي ومبادئ السيادة الوطنية.

ممكن يعجبك: رئيس جامعة بني سويف يزور كليتي الآداب وعلوم الأرض لمتابعة امتحانات الفصل الثاني
الخريطة تنتهك القوانين الدولية
أوضح الدكتور مهران، في تصريحات حصرية لـ”نيوز رووم”، أن هذه الخريطة تتعارض مع المبدأ الأساسي في القانون الدولي المنصوص عليه في المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة، والذي يحظر استخدام القوة في العلاقات الدولية أو الاستيلاء على الأراضي، كما أنها تنتهك مبدأ المساواة في السيادة بين جميع الدول الأعضاء وتحظر التدخل في شؤونها الداخلية، مشيراً إلى أن ما تُظهره الخريطة يعكس أطماعاً توسعية تتجاهل سيادة الدول العربية، وتؤكد رغبة الكيان في الاستيلاء على المزيد من الأراضي العربية.
ومن منظور القانون الدولي لحقوق الإنسان، أكد أستاذ القانون الدولي أن السهم الممتد من غزة إلى مكة يرمز إلى مخطط إجرامي للاستيلاء على المزيد من الأراضي، وانتهاك حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير المكفول بموجب المادة الأولى من العهدين الدوليين، وحق المسلمين في الوصول الآمن لأماكنهم المقدسة، مما يشكل اعتداءً على الحقوق الدينية والثقافية المحمية دولياً.
وحذر مهران من أن توقيت عرض هذه الخريطة، بينما العالم يبحث عن حل لوقف إراقة الدماء في غزة، يكشف عن نية مبيتة لاستغلال المفاوضات لفرض واقع جديد على الأرض ينتهك قرارات الشرعية الدولية، خاصة القرار 242 الذي يحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة والقرار 2334 الذي يؤكد عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية.
وأشار أستاذ القانون الدولي إلى أن عرض مثل هذه الخرائط في العاصمة الأمريكية يُعتبر محاولة لإضفاء شرعية دولية زائفة على مخططات توسعية غير قانونية، مؤكداً أن المادة 49 أيضاً من اتفاقية جنيف الرابعة تحظر نقل السكان المدنيين إلى الأراضي المحتلة، وأن أي خريطة تتجاهل هذا المبدأ تنتهك القانون الدولي الإنساني.
اقرأ كمان: تجديد “الأيزو” للمعمل المركزي لمتبقيات المبيدات للعام الثالث على التوالي
وفيما يتعلق برمزية السهم الممتد إلى مكة، شدد مهران على أن هذا يمثل استفزازاً مقصوداً للمشاعر الدينية لمليار ونصف مسلم حول العالم، ومحاولة لربط الصراع في فلسطين بالبعد الديني بطريقة تنتهك مبدأ احترام الأديان المنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وحول تجاهل هذه الخريطة للحقوق الفلسطينية، أكد أستاذ القانون الدولي أن أي خريطة لا تعترف بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 تتناقض مع فتوى محكمة العدل الدولية لعام 2004 وقرارات مجلس الأمن المتتالية، مما يجعلها خريطة احتلال وليس خريطة سلام.
وانتقد مهران محاولة استغلال الجهود الأمريكية للتهدئة في غزة لتمرير مخططات إقليمية تهدف إلى إعادة ترسيم المنطقة وفقاً للأجندة الإسرائيلية، محذراً من أن هذا النهج يقوض جهود السلام الحقيقية ويؤجج الصراع بدلاً من حله.
ودعا الخبير القانوني المجتمع الدولي إلى رفض هذه المخططات غير القانونية والتمسك بقرارات الشرعية الدولية كأساس وحيد لأي تسوية عادلة، مؤكداً أن السلام الحقيقي في المنطقة لا يمكن أن يُبنى على انتهاك حقوق الشعوب أو تجاهل السيادة الوطنية للدول.
وشدد عضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي على أن القانون الدولي واضح في رفض أي محاولة لفرض تغييرات على الحدود أو السيادة بالقوة، مؤكداً أن أي خريطة تتجاهل هذه المبادئ محكومة بالفشل قانونياً ولن تحقق السلام المنشود في المنطقة.