أسفرت الاشتباكات بين قبائل بدوية، وقوات الحكومة السورية المؤقتة، ومقاتلين من الطائفة الدرزية عن مقتل العشرات، مما أعاد إلى الأذهان المخاوف من انهيار النظام الهش الذي تحاول سوريا إقامته في مرحلة ما بعد الحرب.

مواضيع مشابهة: ترامب يتعرض لانتقادات شديدة بسبب استخدامه مصطلحًا معاديًا للسامية
تشهد البلاد حاليًا انقسامًا عميقًا في ظل محاولاتها الخروج من عقود من الحكم الديكتاتوري للرئيس السابق بشار الأسد، و14 عامًا من الحرب الأهلية الطاحنة.
ممكن يعجبك: دعم سريع يقصف مدينة الأبيض مجدداً بطائرات مسيّرة في تصعيد خطير
تصاعد الاشتباكات بعد سقوط الأسد
منذ الإطاحة بالرئيس بشار الأسد في ديسمبر الماضي، عقب هجوم خاطف قادته قوات مسلحة، اندلعت مواجهات متكررة بين قوات موالية للنظام الجديد ومسلحين دروز، إلا أن الاشتباكات الأخيرة التي بدأت يوم الإثنين تنذر بتحولها إلى صراع أوسع نطاقًا.
الدروز في مواجهة حكومة لا تمثلهم
ينتمي الدروز إلى طائفة دينية صغيرة نشأت في القرن العاشر كفرع من المذهب الإسماعيلي، وهو جزء من المذهب الشيعي، يعيش أكثر من نصف الدروز في سوريا، خاصة في محافظة السويداء وبعض ضواحي دمشق مثل جرمانا وأشرفية صحنايا، بينما يتوزع الباقون بين لبنان وإسرائيل، بما في ذلك مرتفعات الجولان المحتلة.
رغم تعهد الحكومة الانتقالية بتمثيل الأقليات، لم تتضمن التشكيلة الحكومية المعلنة في مارس سوى وزير درزي واحد، هو وزير الزراعة أمجد بدر، مما أثار استياء داخل المجتمع الدرزي.
في ظل حكم عائلة الأسد، كانت الطوائف الدينية تتمتع بمستوى من الحماية تحت شعار العلمانية، لكن الوضع تغير اليوم، والدروز منقسمون بين من يدعو للحوار مع السلطة الجديدة ومن يفضل المواجهة المباشرة.
توتر متصاعد خوفًا من التطرف
تخشى الأقليات في سوريا، بما فيها الدروز، من فقدان مكانتها في ظل نظام جديد تهيمن عليه قوى إسلامية، بعضها مرتبط بجماعات متطرفة، فالرئيس الجديد أحمد الشرع نفسه كان سابقًا عضوًا في تنظيم القاعدة، رغم تعهده بحماية حقوق الأقليات.
سبق أن تعرض الدروز لهجمات مروعة، أبرزها الهجوم الذي شنه تنظيم داعش عام 2018 في السويداء، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وعشرات المختطفين.
أسباب اشتعال التوتر في السويداء
بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، بدأت الاشتباكات بعد أن أقام أفراد من قبيلة بدوية حاجزًا في محافظة السويداء، واعتدوا على رجل درزي وسرقوه، مما أشعل سلسلة من الهجمات والاختطافات المتبادلة بين الطرفين.
سرعان ما تدخلت قوات الأمن الحكومية لضبط الوضع، كما اتُهمت بالانحياز إلى صف القبائل البدوية ضد الفصائل الدرزية.
من جهتها، أعلنت إسرائيل، التي تعتبر نفسها حامية للدروز في المنطقة، عن تنفيذ ضربات ضد دبابات تابعة للقوات السورية في الجنوب، ويُنظر إلى الدروز داخل إسرائيل كأقلية وفية، حيث يخدم كثير منهم في الجيش، وترفض غالبية الدروز في سوريا أي تدخل إسرائيلي، لكن بعض فصائلهم تشكك أيضًا في نوايا السلطة الجديدة في دمشق.
مخاوف من دوامة طائفية جديدة
تثير هذه التطورات مخاوف حقيقية من عودة العنف الطائفي، ففي مارس الماضي، أسفر كمين نصبه موالون للأسد ضد قوات حكومية عن موجة انتقامية أودت بحياة مئات المدنيين، معظمهم من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، ورغم تشكيل لجنة تحقيق، لم تُعلن عن نتائجها حتى الآن.
كما أن التوتر بين الحكومة في دمشق والسلطات الكردية في شمال شرق البلاد لا يزال قائمًا، رغم التوصل إلى اتفاق في مارس لتوحيد القوات، لم يُنفذ حتى اليوم، كما تهدد هذه الاضطرابات المتصاعدة بتقويض أي أمل في تعافي سوريا بعد سنوات من الدمار.
وفقًا لتقديرات أممية عام 2017، بلغت تكلفة إعادة الإعمار نحو 250 مليار دولار، فيما يرى خبراء أن الرقم قد تجاوز اليوم 400 مليار دولار بعد سقوط الأسد.