أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قراره بإرسال منظومات الدفاع الجوي الأمريكية “باتريوت” إلى أوكرانيا، وذلك ضمن اتفاق تمويلي تتحمله بالكامل الدول الأوروبية، في خطوة تثير تساؤلات حول تأثير هذا القرار على مجريات الحرب المستمرة مع روسيا.

مقال مقترح: ترامب يثير الجدل حول مزاعم الـ1.7 مليار دولار وتمويل أوباما للبرنامج النووي الإيراني
وفقًا لما ذكرته مجلة نيوزويك الأمريكية، فإن قرار ترامب جاء نتيجة تزايد استيائه من تصرفات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خاصة مع تصعيد روسيا العسكري المتكرر في أوكرانيا، حيث يمثل هذا القرار تحولًا ملحوظًا في موقف ترامب الذي عُرف بنهجه الحذر تجاه دعم كييف عسكريًا.
دعم أوروبي مباشر لأوكرانيا
خلال مؤتمر صحفي، أشار ترامب إلى أن منظومات “باتريوت” التي وصفها بأنها “ضرورية للغاية” لأوكرانيا، سيتم شحنها قريبًا، مؤكدًا أن التمويل الكامل لها سيكون من حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، وأضاف بشكل حاد: “بوتين يتظاهر بالهدوء صباحًا، ثم يبدأ القصف ليلًا، وهذا غير مقبول”
كما أفادت المجلة بأن ألمانيا وافقت على تمويل ما لا يقل عن بطاريتين من “باتريوت”، بينما أعلنت النرويج التزامها بتمويل وحدات إضافية ضمن المبادرة الأوروبية المشتركة.
ما الذي تعنيه “باتريوت” ميدانيًا؟
تُعتبر منظومة “باتريوت” التي طورتها شركة “رايثيون تكنولوجيز” من أقوى أنظمة الدفاع الجوي المتحركة عالميًا، ومخصصة لمواجهة الطائرات، وصواريخ كروز، والطائرات المسيرة، والصواريخ الباليستية التكتيكية.
تصل مدى البطارية الواحدة التي تتكون من رادار، ومركز تحكم، وقاذفات، ومركبات لوجستية، إلى 160 كيلومترًا، على ارتفاعات تتجاوز 22 كيلومترًا، إلا أن كلفتها العالية تمثل تحديًا، حيث تصل تكلفة البطارية إلى نحو 1.1 مليار دولار، بينما يبلغ سعر الصاروخ الواحد نحو 4 ملايين دولار، وفقًا لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.
فعالية محدودة أم بداية لتحول سياسي؟
رغم الأهمية العسكرية لهذا القرار، إلا أن التحليل الذي قدمته نيوزويك أشار إلى أن “باتريوت” وحدها لن تكون كافية لإحداث تحول كبير في مجريات المعارك.
ورأت المجلة أن هذه الخطوة تحمل دلالة سياسية أكثر منها استراتيجية عسكرية بحتة، خاصة أن الولايات المتحدة وحلفاءها يسعون للضغط على موسكو نحو قبول تسوية دبلوماسية.
ممكن يعجبك: إيران تنجح في استهداف 5 مواقع عسكرية إسرائيلية خلال الحرب وفقًا لتلجراف
وأوضح مارك كانسيان، المستشار البارز في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن التحضيرات لإرسال مثل هذه الأنظمة تستغرق عدة أشهر، وأن استخدامها الفعلي سيكون موجّهًا نحو الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، التي تمثل نحو 10% من الهجمات الروسية.
وأشار إلى أن روسيا تعتمد بشكل أكبر على الطائرات المسيّرة الانتحارية ذات التكلفة المنخفضة، مما يجعل من الضروري توفير منظومات متعددة لمواجهة التهديدات الجوية المتنوعة.
سباق تسليح واستنزاف مستمر
بحسب كانسيان، فإن التحديات التي تواجهها أوكرانيا لا تقتصر على الدفاعات الجوية، بل تشمل نقصًا حادًا في الذخائر والإمدادات والأسلحة المتنوعة، ومع الاشتباكات المستمرة على أكثر من جبهة، تتطلب وتيرة الاستهلاك العسكري في أوكرانيا دعمًا متواصلًا وكثيفًا.
كما أضافت المجلة أن قرار ترامب بدعم الصفقة الأوروبية جاء استجابةً مباشرة لطلبات عاجلة من كييف، إلى جانب خيبة أمله المتزايدة من تجاهل بوتين لمحاولات واشنطن لإعادة فتح قنوات الحوار.
هل تكفي “باتريوت” وحدها؟
رغم أن إعلان ترامب عن رفع الحظر المفروض على إرسال أنظمة الأسلحة يُمثل تطورًا كبيرًا، إلا أن المراقبين يرون أن هذه الخطوة لن تكون كافية لتغيير موازين القوى على الأرض بشكل حاسم، ما لم تُرفق بتحركات شاملة تشمل تسليحًا موسعًا، دعمًا لوجستيًا، وتحركًا سياسيًا متزامنًا لكبح التصعيد الروسي.