المؤرخ أحمد فيصل يروي تفاصيل عمليات الفدائي سلام حافظ في الإسماعيلية

واصل المؤرخ أحمد فيصل حديثه عبر صفحته على وسائل التواصل الاجتماعي حول الفدائيين من أبناء الإسماعيلية، حيث سلط الضوء على بطل من أبطال الإسماعيلية، تميز بسرعة بديهته وذكائه في وضع الخطط للهجوم على المعسكرات البريطانية.

المؤرخ أحمد فيصل يروي تفاصيل عمليات الفدائي سلام حافظ في الإسماعيلية
المؤرخ أحمد فيصل يروي تفاصيل عمليات الفدائي سلام حافظ في الإسماعيلية

قال أحمد فيصل، إن البطل سلام حافظ وُلِد في الإسماعيلية بتاريخ 23 أكتوبر 1923، وتعود جذوره إلى محافظة قنا، حيث انتقل والده حافظ سلامة وشقيقه سليمان إلى الإسماعيلية، وكان عمرهم لا يتجاوز الـ 18 عامًا، واستقروا في المدينة، واشتغلوا بالتجارة، بينما تخصص حافظ سلام والد الفدائي في البقالة، وكانت بقالته بمنطقة المحطة الجديدة من أشهر المحلات في المنطقة.

عمل الفدائي سلام حافظ في الكامب الإنجليزي كسائق خاص لميجور، حيث حظي بثقة كاملة منه، مما سهل عليه الحصول على السلاح والخروج به من المعسكر، كما ساعدته معرفته بالمعسكرات البريطانية على معرفة أماكن الذخيرة والوقود.

أطلق على سلام حافظ لقب “يبلاك تيجر” نظراً لسرعته في خطف الأسلحة من الجنود البريطانيين أثناء تجوالهم في شوارع الإسماعيلية.

شارك الفدائي سلام في مجموعة المحطة الجديدة، التي كانت من أنشط المجموعات الفدائية، وقامت بأعمال بطولية ضد القوات البريطانية، وضمت إلى جانبه كل من: حمدي أبو عرام، عصفورة، غريب عبد الخالق درويش، فؤاد السني، الشيخ حسن، محمود الكنج، وإبراهيم خميس

أشهر عمليات الفدائي سلام حافظ

نفذ الفدائي سلام حافظ عدة عمليات مع مجموعته بالمحطة الجديدة، ومن أبرز هذه العمليات الاستيلاء على أسلحة من قطار بورسعيد، حيث علم من الميجر البريطاني بوجود قطار متوجه من معسكر الجلاء إلى بورسعيد، وكان يحتوي على عربتين تحملان بعض المهمات العسكرية، فوضعت خطة، وانتظروا القطار بين شارع الجعيص وشارع عبد الحكيم عامر بعد أن تم خلع الفلنكات، وصعد سلام حافظ ومعه محمود الكنج والسني، وتمكنوا من الحصول على عدد من البنادق والرشاشات والطلقات، وتم توزيعها على مجموعات الفدائيين المختلفة في الإسماعيلية، خاصة مجموعة ميدان عباس والمحطة الجديدة.

تمت هذه العملية ليلاً في حوالي الساعة الحادية عشرة في نهاية شهر ديسمبر، حيث قام سلام مع عدد من أبطال مجموعة المحطة الجديدة، مثل محمود الكنج وحمدي أبو عرام، بالسباحة عبر الترعة ودخول المعسكر، حيث كان الإنجليز يحتفلون برأس السنة، فقام الفدائيون بوضع الألغام والديناميت الذي حصلوا عليه من المعسكرات البريطانية، بالإضافة إلى قطع من القطن المبللة بالجاز والبنزين، وتم تفجير مخزن صغير للذخيرة ومخزن للوقود دون وقوع أي قتلى من الجانب البريطاني.

عملية عربية البرتقال

تعتبر عملية عربية البرتقال من أبرز العمليات التي شارك فيها الفدائي سلام حافظ، حيث أقاموا أحد نقاطهم الحصينة عند كوبري سالا، ولذلك سميت العملية عملية كوبري سالا أو عربة البرتقال، ففي الساعة العاشرة صباح يوم 19 يناير 1952، تقدم عبد المنعم عبد ربه وسلام حافظ متخفيين في ثياب الباعة، يدفعون أمامهم عربة محملة بالبرتقال، وفي الجزء السفلي من العربة شحنة ناسفة تم تجهيزها وتوقيتها في ورشة لحام عباس محمد بجوار السبع بنات، وكان يؤمنهم أثناء العملية عدد آخر من الفدائيين من الجهة الأخرى.

استمروا في التقدم وهم ينادون على البرتقال حتى وصلا إلى كوبري سالا، حيث تدافع الجنود الإنجليز للحصول على البرتقال، وأفتعل عبد المنعم وسلام مشاجرة مع الجنود الإنجليز، ثم تركوا المكان متجهين إلى شارع سالا، وبعد ذلك انفجرت العبوة، مما أسفر عن مقتل وجرح عدد كبير من جنود النقطة الحصينة الإنجليزية المرابطة عند كوبري سالا، كما ورد في جريدة الأهرام يوم 21 يناير 1952.

عملية المقابر والنوم فيها لمدة أربعة أيام.

أما بالنسبة لعملية المقابر والنوم فيها لمدة أربعة أيام، فقد أشار المؤرخ أحمد فيصل إلى تفاصيل الأحداث الهامة التي وقعت خلال هذه الفترة، حيث أصدر أرسكين، القائد العام للقوات البريطانية في منطقة القنال، مساء يوم 19 يناير 1952، بلاغاً مكتوباً ذكر فيه أنه لا داعي لبقاء قوات البوليس المصري في الإسماعيلية بعد فشلهم في صد العدوان الذي قام به الفدائيون ضد القوات البريطانية، ولهذا السبب قرر الاستغناء عن البوليس المصري في الوقت الحالي ما دامت القوات البريطانية مرابطة في شوارع الإسماعيلية.

وأعلن أرسكين إلغاء جميع الإجراءات والتعهدات السابقة التي أعلنها البريطانيون بشأن اعتبار مدن القناة مناطق محرمة على الجنود الإنجليز، وذكر أن القوات البريطانية ستبدأ في احتلال جزء من مدينة الإسماعيلية، وستجوب الدبابات والسيارات المصفحة شوارع “حي العرب” لتفتيش المنازل بدعوى البحث عن الأسلحة والفدائيين.

نفذ أرسكين تهديده، فاحتلت قواته المنازل الرئيسية بالإسماعيلية على طول الطريق المحاذي لشارع محمد علي، وطردت سكانها، واعتقلت نحو 60 شاباً، ورابطت قوات بريطانية كبيرة في الطرق المؤدية إلى المدينة، ومنعت وصول السيارات إليها.

وضعت الأسلاك الشائكة في المنطقة المجاورة لـ “وابور النور”، وامتدت إلى شوارع الأهرام والبرلمان وثروت والكرنك وشارع سعد زغلول والنجريللي، حتى وصلت إلى شارع الثلاثيني، واحتلوا مبنى المحكمة الجزئية، ونقطة بوليس محمد علي، ثم إلى شارع إسماعيل سري وشارع الإمبراطورة “شارع عرابي حالياً”، حيث قامت القوات البريطانية باحتلال المنازل الواقعة في هذه المناطق.

وبعد موضوع الاستيلاء على أسلحة وذخيرة من القطار البريطاني المتجه إلى بورسعيد، في يومي 21 و22 يناير، زاد عنف الإنجليز واعتقلوا مئات الأهالي، وقاموا بتفتيش المنازل في حي المحطة الجديدة بحجة البحث عن السلاح والفدائيين، ولكنهم لم يجدوا شيئاً، حيث أبلغ عنهم الخونة محمود صبري وإبراهيم حمدان وبكري السيد بكري، ثم اتجهوا إلى منطقة المقابر وحاصروها بحثاً عن الفدائيين والأسلحة، وعثر الإنجليز بالفعل على أسلحة بحوزة محمد علي المليجي ورفعت على بدر، وهما من طلاب جامعة القاهرة، وتم استشهاد محمد علي المليجي ورفعت على بدر.

أما الفدائي سلام حافظ، فقد اختبأ في أحد المقابر المفتوحة واستمر في النوم بالمقبرة لمدة أربعة أيام، حتى استطاعت القوات القبض عليه أثناء محاولته الهروب من سور المقابر، وقاموا بصلبه على دبابة وتعرض للضرب والتعذيب للحصول على معلومات عن الفدائيين، ولكنه رفض، مما أدى إلى تعرضه لإعاقة بيده وكسر في الرأس، وظل لمدة 27 يومًا في المعتقل، ثم تم ترحيله وإيداعه بالسجن لمدة 3 أشهر.

وبعد هذه الرحلة البطولية، توفي البطل الفدائي سلام حافظ سلام في 1 مايو 1990، فرحمة الله على بطل قدم تضحيات وبطولات كثيرة لوطنه.