تعتبر مدن القناة (بورسعيد، الإسماعيلية، السويس) موطن آلة السمسمية، التي تمثل جزءًا لا يتجزأ من تراثها الشعبي والثقافي، حيث تروي قصص أهلها ونضالهم وفرحهم، وقد انتقلت هذه الآلة إلى مدن القناة متأثرة بثقافة البحارة والصيادين وروح المقاومة.

مواضيع مشابهة: محافظ بني سويف يلتقي المواطنين بعد صلاة الجمعة ويستمع لمطالبهم ويوجه بدراستها
تستخدم آلة السمسمية في الأغاني الوطنية وأغاني المقاومة ضد الاحتلال، فهي وسيلة للتعبير عن الفرح والتراث والمقاومة، ولا تزال تُستخدم في المهرجانات والفنون الشعبية حتى يومنا هذا.
وقد أجرت “نيوزرووم” بثًا مباشرًا مع عم محمد ميدا، الذي يبلغ من العمر 65 عامًا، وهو من أقدم عازفي السمسمية وصاحب أول معرض لفن وصناعة هذه الآلة، حيث أوضح أنه بدأ عزف السمسمية منذ سن 12 عامًا، مشيرًا إلى أنها تمثل لغة الحياة بالنسبة له، إذ توارثها عبر الأجيال، لكنه لاحظ أنها بدأت تندثر مع مرور الوقت، لذا قرر فتح معرض لصناعة السمسمية لتعليم الآخرين كيفية تصنيعها وإصلاح ما أفسده العازفون، خاصة أنه لا يوجد مصنع أو ورشة مخصصة لهذا الغرض.
تحقق حلم عم ميدا عندما حصل على موافقة محافظ الإسماعيلية لتخصيص مكان لإقامة أول معرض لعزف وبيع وتصليح آلة السمسمية في منطقة القناة، بهدف الحفاظ عليها من الاندثار، وقد أكد أنه لا يسعى للربح، موضحًا أن العديد من الدول حاولت الحصول على حقوق ملكية آلة السمسمية، لكن الفراعنة قد سجلوها في المعابد.
وأشار ميدا إلى أن أصل آلة السمسمية يعود إلى آلة الكنارة الفرعونية، التي تشبه إلى حد كبير آلة الهارب الحالية، لكنها أصغر حجمًا وتحتوي على سبعة أوتار مصنوعة من أمعاء الحيوان، وكانت تستخدم في العديد من احتفالاتهم الموسمية وحياتهم اليومية، وقد أسندت الدولة مسؤولية رعاية هذا الفن إلى الكهنة، مما يعكس مدى الاحترام والتقديس الذي يحظى به.
تُعتبر “الكنارة” آلة موسيقية ذات ثلاثة أضلاع غير متساوية وأعلاها محدوب، وتتكون من عدة أوتار متفاوتة الطول، ويتم عزفها باستخدام أصابع اليد، وقد ظهرت الكنارة لأول مرة في مصر القديمة خلال عصر الدولة الوسطى، وانتشرت بشكل كبير في عهد الدولة الحديثة، وفقًا لما ذكره قطاع المتاحف بوزارة السياحة والآثار.
نجحت مصر والمملكة العربية السعودية في إدراج “صناعة وعزف آلة السمسمية” ضمن قائمة التراث غير المادي لليونسكو، وفي السطور القادمة سنستعرض تاريخ آلة السمسمية في الحياة المصرية القديمة.
اقرأ كمان: ندوات لتوعية موظفي محطة الصرف الصحي في الإسكندرية
أصل آلة السمسمية
مرت آلة السمسمية بمراحل متعددة من حيث الشكل والحجم والزخارف ودقة الصنع وعدد الأوتار.
تعرف اليونسكو آلة السمسمية بأنها تقاليد أو أشكال تعبير حية موروثة من أسلافنا، والتي ستنقل إلى أحفادنا، مثل التقاليد الشفهية وفنون الأداء والممارسات الاجتماعية والطقوس والمناسبات الاحتفالية، والمعارف والممارسات المرتبطة بالطبيعة والكون، أو المعارف والمهارات المتعلقة بإنتاج الصناعات الحرفية التقليدية.
وأوضح ميدا أن آلة السمسمية دخلت مدن القناة في الأربعينات، وتصنع من الخشب “البلطي أو الزان”، بينما الأوتار مصنوعة من أسلاك دقيقة متوفرة في السوق، وقديمًا كانت تصنع الأوتار من الشعر والوبر، والقاعدة المثبت عليها السلك كانت من الصاج المجلفن أو النحاس أو جلد الماعز.
أشار ميدا إلى أن آلة السمسمية كانت لغة الحرب والسلام والمقاومة خلال فترات الاحتلال (البريطاني – العدوان الثلاثي – 1967)، حيث كانت الأغاني الشعبية على السمسمية تحفز الروح الوطنية، وتجمع الأهالي حولها في الليالي والسهريات، لتنشد للوطن.
عم ميدا أقدم عازف سمسمية
شوف كمان: ندوة علمية في جامعة عين شمس تناقش أحدث الابتكارات في تسليح التربة