ذكرت وكالة رويترز أن يوليا سفيريدينكو تم تعيينها رئيسة جديدة لمجلس الوزراء اليوم الخميس، في أول تغيير وزاري من نوعه منذ خمس سنوات، ويأتي هذا التعديل في إطار جهود إنعاش إدارة البلاد في زمن الحرب، بينما تتلاشى الآمال بإحلال السلام مع روسيا.

مقال مقترح: حماس تندد بتجاهل العالم العربي والإسلامي للإبادة الجماعية في غزة
سفيريدينكو، البالغة من العمر 39 عامًا، تم تكليفها من قبل الرئيس فولوديمير زيلينسكي بمهام تعزيز إنتاج الأسلحة المحلي وإنعاش الاقتصاد الأوكراني الذي يعتمد بشكل كبير على القروض.
وفي خطاب ألقاه أمام البرلمان، أوضح زيلينسكي أنه يتوقع من الحكومة الجديدة رفع نسبة الأسلحة المنتجة محليًا والمستخدمة في ساحة المعركة من 40% إلى 50% خلال ستة أشهر، مشددًا على أهمية تسريع خطوات إزالة القيود التنظيمية وتوسيع التعاون الاقتصادي مع الحلفاء.
تُعتبر سفيريدينكو تكنوقراطية ذات خبرة، حيث شغلت منصب النائب الأول لرئيس الوزراء منذ عام 2021، وكتبت على منصة “إكس” أن حكومتها ستتحرك “بسرعة وحسم”، مؤكدة أن “الحرب لا تترك مجالًا للتأخير”.
وأضافت: “أولوياتنا خلال الأشهر الستة المقبلة واضحة، وهي ضمان الإمدادات للجيش، وتوسيع إنتاج الأسلحة المحلي، وتعزيز القوة التكنولوجية لقواتنا الدفاعية”
تُعرف سفيريدينكو بعلاقاتها مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث تفاوضت سابقًا على اتفاق يمنح الولايات المتحدة وصولاً تفضيليًا إلى الثروات المعدنية في أوكرانيا، وهو ما يُعتبر خطوة مهمة لتعزيز العلاقات بين كييف وواشنطن، حيث أكد زيلينسكي في كلمته أن اتفاقات إضافية مع الولايات المتحدة قيد الإعداد، لكنه لم يقدم تفاصيل محددة.
ومن المتوقع أن يقوم البرلمان بتعيين رئيس الوزراء المنتهية ولايته، دينيس شميهال، وزيرًا للدفاع بعد ترشيحه من قبل زيلينسكي في وقت سابق من هذا الأسبوع.
من هي يوليا سفيريدينكو؟
شغلت يوليا سفيريدينكو منصب وزيرة الاقتصاد ونائبة رئيس الوزراء في أوكرانيا، ولعبت دورًا محوريًا في صياغة السياسات الاقتصادية خلال فترة الحرب.
عُرفت بترويجها النشط لقضية الأطفال الأوكرانيين الذين تقول كييف إن روسيا قامت “باختطافهم”، مطالبة بإعادتهم إلى ذويهم، وهو ملف تصفه الحكومة الأوكرانية بأنه إنساني وسيادي في آنٍ واحد.
في مواقفها الدولية، أكدت أن العقوبات الأمريكية الحاسمة وغير المسبوقة يجب أن تكون خطوة أساسية نحو تحقيق سلام عادل في أوكرانيا، مشددة على ضرورة ممارسة مزيد من الضغط على موسكو، لا سيما من جانب دول مجموعة السبع، من خلال التصرف بالأصول الروسية المجمّدة وفرض سقف صارم على أسعار النفط الروسي.
داخليًا، دعت سفيريدينكو المواطنين إلى توجيه الأموال التي يتلقونها من الدولة نحو دعم القوات المسلحة الأوكرانية، في خطوة أثارت الجدل واعتبرها البعض ضغطًا غير مباشر على المواطنين في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة.
من نفس التصنيف: الحرس الثوري الإيراني يرفع درجة التأهب ردا على تهديدات كاتس
وفي يناير 2025، توقعت قرب انتهاء المرحلة النشطة من النزاع، مشيرة إلى ضرورة بدء مفاوضات تضمن ترتيبات أمنية مستدامة، معتبرة أن انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو يمثل الخيار الأفضل لحماية البلاد.
سياسيًا، وجه النائب عن كتلة “التضامن الأوروبي”، فلاديمير أرييف، اتهامات لسفيريدينكو تتعلق بشبهات فساد، حيث كشف أنها تلقت مبلغ 852 ألف هريفنيا من كلية كييف للاقتصاد عام 2023، وهو نفس العام الذي رشحت فيه وزارتها رئيس الكلية لعضوية مجلس إدارة مؤسسة “Ukroboronprom” الدفاعية.
ووفقًا لأرييف، فقد بلغ دخلها من العمل الأكاديمي في نفس المؤسسة خلال عام 2024 نحو 3.1 مليون هريفنيا، أي ما يعادل أكثر من 5.8 مليون روبل روسي.
وتحدثت وسائل إعلام أوكرانية عن شبهات تطالها وشقيقها في ملفات تتعلق بمشاريع بناء التحصينات في منطقة تشيرنيهيف شمال البلاد، حيث أشارت التقارير إلى وجود تضخيم كبير في الميزانيات المخصصة لأعمال البناء وإعادة الإعمار، مع اعتماد ما يُعرف بـ”العمولات” أو المبالغ غير الرسمية، وهو ما دفع أجهزة إنفاذ القانون إلى فتح تحقيقات في تلك القضية.
تحديات جسيمة بانتظار الحكومة الأوكرانية
تتولى سفيريدينكو قيادة الحكومة في وقت تشن فيه القوات الروسية هجمات متواصلة على امتداد جبهة يزيد طولها عن 1000 كيلومتر، بالتزامن مع تصعيد في الضربات الجوية على المدن الأوكرانية.
تعوّل كييف على صناعة دفاعية ناشئة، مدعومة جزئيًا باستثمارات أجنبية، في مواجهة آلة الحرب الروسية الأكبر والأكثر تسليحًا.
ومع توجيه معظم إيرادات الدولة إلى الجبهات العسكرية، ستضطر الحكومة للبحث عن مصادر تمويل لعجز موازنتها المتضخم، وسط تراجع المساعدات الخارجية، وقدّر مسؤولون أن العجز قد يصل إلى نحو 19 مليار دولار العام المقبل.
أعلنت سفيريدينكو أن حكومتها ستطلق مراجعة شاملة للمالية العامة لتحقيق “توفير حقيقي”، إلى جانب تسريع عمليات الخصخصة واسعة النطاق ودعم رواد الأعمال.
حازت على 262 صوتًا، أي أغلبية مريحة داخل البرلمان المكون من 450 مقعدًا، بحسب ما أفاد به عدد من النواب من داخل الجلسة المغلقة، إذ لا تُبث جلسات البرلمان الأوكراني خلال فترة الحرب.
من المتوقع أن تشهد وزارات الاقتصاد والعدل والطاقة والتكامل الأوروبي تغييرات قيادية أيضًا، رغم أن معظم الأسماء المطروحة ليست من خارج المشهد السياسي.
في المقابل، أعرب عدد من النواب المعارضين عن شكوكهم في قدرة الحكومة الجديدة على العمل باستقلالية عن مكتب الرئيس زيلينسكي، الذي يتمتع بصلاحيات واسعة في ظل قوانين الطوارئ المفروضة منذ الغزو الروسي في فبراير 2022.