بعد سنوات من الرصد الفضائي والأبحاث العميقة، أصبح حلم استغلال الثروات المعدنية في الفضاء أقرب إلى الواقع، حيث كشفت وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” عن تفاصيل مهمة حول كويكب “سايكي 16″، الذي يُعتبر واحداً من أكثر الأجرام السماوية إثارة للجدل، بسبب احتوائه على ثروات معدنية هائلة، تُقدّر قيمتها بنحو 700 كوينتيليون دولار.

مقال مقترح: واشنطن تسحب دعمها لحل الدولتين وتقترح إقامة دولة فلسطينية خارج الضفة
وتمكن “سايكي 16″، الذي يقع في الحزام الكويكبي بين المريخ والمشتري، من جذب اهتمام عالمي كبير، ليس فقط من العلماء بل أيضاً من الشركات الخاصة والوكالات الفضائية التي بدأت ترى في الكويكبات فرصاً استثمارية واعدة للتنقيب عن المعادن، بدلاً من كونها مجرد أجسام فضائية مثيرة للدراسة.
ذهول من قيمة الذهب
في عام 2019، أذهل علماء الفلك العالم عندما قدّروا القيمة الإجمالية للمعادن الموجودة في “سايكي”، من الذهب والحديد إلى النيكل، بأرقام خيالية كافية نظرياً لجعل كل إنسان على الأرض مليارديراً.
وأثارت هذه التقديرات آنذاك حوارات واسعة حول مستقبل الاقتصاد العالمي، وما قد ينجم عن إدخال كميات هائلة من هذه المعادن إلى الأسواق من آثار تضخمية أو انهيارات محتملة.
ورغم الإغراءات الاقتصادية، يبقى استغلال هذه الثروات تحدياً لوجستياً وتكنولوجياً كبيراً، فعملية استخراج المعادن من كويكب بهذا الحجم تتطلب قدرات متقدمة في النقل والتكرير وتحديد الملكيات في الفضاء، وهي تحديات لا تزال قيد البحث والنقاش القانوني والدولي، وفقاً لما أفاد به موقع “Eco Portal” ونقلته “العربية Business”، حيث إن معظم هذه المعوقات لم تُحل بعد.
المهمة الاستكشافية إلى كويكب سايكي
في هذا السياق، أطلقت وكالة “ناسا” في أكتوبر 2023 مهمتها الاستكشافية إلى الكويكب “سايكي” باستخدام مركبة فضائية تحمل نفس الاسم، هذه المهمة التي من المتوقع أن تصل إلى هدفها بحلول عام 2029، تهدف إلى دراسة الكويكب عن كثب من حيث بنيته ومكوناته، لتوفير قاعدة بيانات علمية ضرورية قبل اتخاذ أي خطوات عملية مستقبلية في مجال التعدين الفضائي.
وقد صنفت ناسا حتى الآن أكثر من 1.3 مليون كويكب داخل نظامنا الشمسي، يُعتقد أن العديد منها غني بالمعادن الثمينة مثل الذهب والبلاتين والكوبالت.
من بين هذه الأجرام، يُعتبر “سايكي 16″ و”جيرمانيا 241” بقايا نوى كواكب قديمة، بينما تضم كويكبات أخرى مثل “بينو” و”ريوجو” مواد عضوية تُشكل أدلة على نشأة المياه والحياة على الأرض.
ويرجح أن كويكباً صغيراً يدعى “2011 UW158″، الذي يمر بالقرب من الأرض، يحتوي على معادن تُقدّر قيمتها بنحو 5.4 تريليون دولار من البلاتين وحده.
وتشير دراسات اقتصادية إلى أن أي مهمة ناجحة للتعدين الفضائي قد تتجاوز إنتاج المعادن السنوي على الأرض، مما سيحدث تحولات جذرية وربما مفاجئة في البنية الاقتصادية العالمية.
الكويكبات لم تلعب فقط دوراً في تشكيل الأرض تاريخياً، بل يُعتقد أيضاً أنها ساهمت في نشأة الحياة عبر نقل مركبات عضوية ومياه من الفضاء إلى الأرض عبر مليارات السنين.
وفي المقابل، لا تزال تشكل تهديداً مستمراً في حال اصطدامها المحتمل بالكوكب، وقد كانت مهمة “دارت” عام 2022، التي نجحت في تغيير مسار كويكب صغير، إنجازاً مهماً ضمن جهود الدفاع الكوكبي.
مقال مقترح: الرئيس الفرنسي يعلن بدء الحرب على تنظيم الإخوان مع التفاصيل
لكن اليوم لا تعد مهمة “سايكي” مجرد مغامرة علمية أو اقتصادية، بل خطوة حاسمة نحو فهم أفضل لتكوين الكواكب، وتوزيع الثروات في النظام الشمسي، ومستقبل الوجود البشري على الأرض وخارجها.
بينما توفّر هذه الكويكبات فرصاً واعدة، فإنها تطرح في الوقت ذاته أسئلة عميقة حول مستقبل الاقتصاد العالمي، وأمن الأرض، وحدود طموح الإنسان.