أصدر الدكتور محمد علي فهيم، مدير المعمل المركزي للمناخ الزراعي بمركز البحوث الزراعية، تحذيرًا بشأن موجة حر شديدة تتجه نحو مصر، حيث من المتوقع أن تبدأ هذه الموجة يوم الأربعاء المقبل وتستمر حتى نهاية يوليو الجاري، تُعتبر هذه الموجة من أقسى الموجات الحرارية التي شهدها العام، وتُعرف بظاهرة “القبة الحرارية”.

اقرأ كمان: انقطاع الكهرباء في مناطق بحي عتاقة بالسويس غدًا
القبة الحرارية وتأثيراتها
أوضح فهيم أن هذه الموجة ناتجة عن امتداد المنخفض الهندي الموسمي العميق، الذي يجذب كتلًا هوائية شديدة السخونة والرطوبة من جنوب آسيا إلى منطقة شرق المتوسط، مما سيؤدي إلى ارتفاع غير معتاد في درجات الحرارة، خاصة في شمال مصر، حيث قد تصل درجات الحرارة في الظل إلى 42 درجة مئوية في مناطق الدلتا والقاهرة الكبرى، وقد تتجاوز 44 درجة مئوية في المناطق المكشوفة، بينما ستتأثر مناطق الصعيد بشكل ملحوظ بمنخفض السودان الموسمي.
تنفس الظلام يهدد المحاصيل
تتزامن هذه الظاهرة المناخية مع النصف الثاني من شهر أبيب، المعروف شعبيًا باسم “أبو اللهاليب”، وأشار فهيم إلى أن استمرار درجات الحرارة المرتفعة نهارًا، بالإضافة إلى ارتفاعها ليلًا لتتراوح بين 28 و31 درجة مئوية، سيؤدي إلى زيادة معدل ما يُعرف بـ “تنفس الظلام” لدى النباتات، مما يضعف القدرة الإنتاجية للنباتات ويهدد جودة المحاصيل الزراعية، مما يثير مخاوف جدية بشأن الأمن الغذائي وتأثيرات المناخ على القطاع الزراعي.
ظاهرة تنفس الظلام
“تنفس الظلام” هو مصطلح يُستخدم في علم النبات لوصف عملية التنفس الخلوي التي تحدث في النباتات بغياب الضوء، وعلى عكس عملية التمثيل الضوئي التي تتطلب وجود الضوء لإنتاج الغذاء (الجلوكوز) والأكسجين، فإن التنفس الخلوي هو العملية التي تقوم بها النباتات بتكسير الجلوكوز والأكسجين لإنتاج الطاقة (ATP) اللازمة للقيام بجميع وظائفها الحيوية مثل النمو، امتصاص المغذيات، نقل السكريات، وصيانة الخلايا.
كيف تحدث؟
تحدث عملية تنفس الظلام على مدار 24 ساعة في اليوم، ولكن يُطلق عليها “تنفس الظلام” للتمييز بينها وبين العمليات المرتبطة بالضوء، حيث في الظلام لا يحدث التمثيل الضوئي، وبالتالي فإن النبات لا ينتج الأكسجين ولا يمتص ثاني أكسيد الكربون، بل يقوم النبات بامتصاص الأكسجين من البيئة، وإطلاق ثاني أكسيد الكربون كناتج ثانوي لعملية حرق الجلوكوز للحصول على الطاقة.
أهميتها وتأثيراتها
تُعد عملية إنتاج الطاقة حيوية وأساسية لبقاء النبات على قيد الحياة، حيث توفر الطاقة اللازمة لاستمرار الأنشطة الأيضية، ولكن بما أن النبات يستهلك الجلوكوز (المواد الكربوهيدراتية المخزنة) لإنتاج الطاقة خلال عملية التنفس، فإن ارتفاع معدلات تنفس الظلام يؤدي إلى خسارة في المادة الجافة (Dry Matter) للنبات، مما يعني أن النبات يستهلك جزءًا من الغذاء الذي أنتجه خلال النهار، وبالتالي يقلل من صافي تراكم الكتلة الحيوية.
التأثير على المحاصيل الزراعية
في الظروف الطبيعية، تُعد عملية تنفس الظلام جزءًا طبيعيًا من دورة حياة النبات، ولكن في الظروف القاسية، خاصةً ارتفاع درجات الحرارة ليلًا، يزداد معدل تنفس الظلام بشكل كبير، مما يعني أن النبات يستهلك كميات أكبر من الجلوكوز المخزن للحفاظ على وظائفه الحيوية في ظل الإجهاد الحراري، مما يؤدي إلى خفض الإنتاجية والجودة، حيث يؤدي الاستهلاك المفرط للمادة الجافة خلال الليل إلى تقليل النمو، وخفض حجم الثمار، وتدهور جودة المحصول، وتقليل المحصول الكلي، إذ لا يملك النبات “وقتًا للراحة” لتجميع الطاقة، بل يظل في حالة استنزاف.
من نفس التصنيف: تعيين صالح الشيخ مستشارًا لرئيس جامعة القاهرة لشؤون الحوكمة والتطوير
تتأثر العديد من المحاصيل بهذه الظاهرة، خاصةً في المناطق الحارة أو خلال موجات الحر الشديدة، حيث تكون درجات الحرارة الليلية مرتفعة، مثل الذرة، الأرز، الطماطم، والفواكه، لذا يمكن القول إن “تنفس الظلام” هو عملية حيوية ضرورية للنباتات لإنتاج الطاقة، ولكن عندما ترتفع درجات الحرارة الليلية بشكل غير طبيعي، يزداد معدلها، مما يؤدي إلى استهلاك مفرط للمخزون الغذائي للنبات، وينعكس سلبًا على نموه وإنتاجيته وجودة محاصيله.