أحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحولًا جذريًا في الأعراف الرئاسية التقليدية من خلال انغماسه في سلسلة من الخلافات الحادة والمعلنة مع رؤساء الولايات المتحدة السابقين، مما حول العلاقة التي كانت تتميز بالاحترام والتعاون إلى ساحة مواجهة علنية، في مشهد غير مألوف في السياسة الأمريكية.

مواضيع مشابهة: فيضانات مفاجئة تغمر محطة مترو أنفاق نيويورك وتؤثر على حركة السكان | فيديو
لم يتردد ترامب في توجيه اتهامات علنية وجارحة لأسلافه من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وعلى رأسهم باراك أوباما، بيل كلينتون، جورج دبليو بوش، وحتى جيمي كارتر، متهمًا إياهم بالتآمر وسوء الإدارة، بل والخيانة أحيانًا.
هذا الصدام السياسي غير المسبوق لم يقتصر على التصريحات الإعلامية، بل امتد ليعيد تشكيل صورة الرئاسة الأمريكية، ويعمق الانقسام السياسي والاجتماعي داخل البلاد، وسط تساؤلات متزايدة حول مستقبل “نادي الرؤساء السابقين” الذي لطالما كان رمزًا لوحدة الصف والهيبة الوطنية.
خلاف ترامب مع أوباما.
خلاف ترامب مع أوباما واتهامات بالخيانة
تصدر الرئيس دونالد ترامب تضاربًا شبه يومي مع سلفه باراك أوباما، حيث وجه له اتهامات متكررة تتضمن “التجسس على حملته الانتخابية” فيما يعرف بـ”أوباماغيت”، ووصفه بـ”خيانة وطنية” و”محاولة انقلاب” لإسقاطه دستوريًا.
رغم مراجعات استخباراتية وتقارير مستقلة أكدت على تدخل روسي في انتخابات 2016 لصالح ترامب، دون وجود دلائل على تزوير الأصوات، يواصل ترامب تسويق روايته بأن أوباما هو من يدبر ما سماه “مؤامرة سياسية” ضده.
مقال له علاقة: أوكرانيا تحت ضغط عسكري متزايد تواجه اتهامات بتجنيد الأطفال
خلاف ترامب مع بوش .
خلاف خفي مع بوش وكلينتون وكارتر
عزل ترامب نفسه عن تقليد التواصل مع الرؤساء السابقين، ولم يتصل حتى بكارتر، بوش، أو كلينتون أثناء أزمات مثل COVID-19، في انقطاع لدبلوماسية خلف الكواليس التي تميزت بها الإدارات السابقة.
وخلال جنازة الرئيس بوش الأب، بدا ترامب معزولًا، بينما تفاعل الرؤساء الآخرون بحرارة مع بعضهم، ما عزز الانطباع بعدم وجود علاقات حميمة أو اتصال رسمي بينه وبينهم.
وقد شن الرئيس ترامب هجمات لفظية على كل من جورج دبليو بوش (ووصف إدارته بأنها كذبت حول حرب العراق)، وبيل كلينتون (أسوأ من أساء للنساء)، وجيمي كارتر (رئاسته كانت كارثة).
هذا السلوك وصفه مؤرخون بأنه تجاوز الأعراف التقليدية، وخروقات متكررة لأدبيات السلوك بين الرؤساء، مما أكسبه نقدًا واسعًا من السياسيين والمؤرخين الأمريكيين.
استمر كل من أوباما وبايدن وكلينتون في توجيه رسائل منتقدة لسياسات ترامب داخل وخارج الحكم، داعين الشعب للحذر من تنامي الانقسامات، وقلة احترام المعايير الديمقراطية.
جدير بالذكر أن أوباما وصف ترامب في مؤتمر إلكتروني ديمقراطي بأنه متكاسل وغير جاد في أداء الرئاسة، مما شكل سباقًا نادرًا في شدة الانتقاد من قبل رئيس سابق.
خلاف ترامب وبايدن .
خلاف ترامب وبايدن
لم يفوت الرئيس ترامب مناسبة إلا وشن هجومات مباشرة ضد جو بايدن، واصفًا إياه بأنه “الأضعف عقليًا”، في ردٍ على حملة بايدن التي وصفته بأنه يمثل “تهديدًا وجوديًا لأمريكا”.
ورد بايدن بقوة على تلك الهجمات في حوارات إعلامية، مؤكدًا أن ترامب “عدو للديمقراطية” ومشكل خطر على القيم الوطنية وحقوق المدنيين، كما صعّد ترامب من انتقاداته لمسألة اللياقة الذهنية لبايدن، مستشهدًا باستخدام الأخير لأداة توقيع إلكتروني (autopen) بدلاً من التوقيع شخصيًا في بعض القرارات، معتبرًا ذلك دليلًا على تراجع قدرات بايدن الإدراكية.
وقد أطلقت لجنة في الكونجرس تحقيقات متعلقة بصحة بايدن العقلية، مما زاد من زخم الخلاف السياسي داخل واشنطن.
استراتيجية التشتيت
في محاولات لتوجيه الانتباه عن الاتهامات المرتبطة بقضية جيفري إبشتاين، اتهم ترامب أوباما وديمقراطيين آخرين بالمشاركة في مؤامرات سياسية، وانخرط في حملات ترويج معلومات مضللة باستخدام الذكاء الصناعي وصور معدلة زائفًا تصور اعتقال أوباما، هذه التكتيكات لفتت انتقاد خبراء إعلام وحقوقيين بكونها تسييسًا متعمدًا لاستخدام العدالة كأداة للأغراض الحزبية.